ستنتهي مع انتهاء الشهر الحالي، فترة رئاسة أحمد الجربا الثانية للائتلاف، أي نحن مبشرون بنحو شهر جديد من التجاذبات والعداء والتخوين، داخل صفوف المعارضة السياسية، وربما داخل جسد الائتلاف نفسه، وهو الذي انقسم قبل ثلاثة أشهر، ووصلت المنافسة بين رياض حجاب وأحمد الجربا، حدود الرشى المالية وتعميق التبعية.
في المقابل، مرت "مسرحية انتخابات" الوريث بشار الأسد، ولم يك من فعل يذكر، فالكبار اكتفوا بالقرف والاشمئزاز، واختلف الصغار فيما بينهم، ولم نرَ من كل الوعود، بما فيها ساعة الصفر، سوى مزيد من الخيبات والوجع.
بداية القول: لم تدع هيئة الرئاسة وهيئة الائتلاف السياسية الهيئة العامة للاجتماع بعد، كي تحدد الرئيس عبر الانتخاب أو التوافق، ولكن مازال بالوقت بقية، وعدم الدعوة لا يعني -حتى الآن على الأقل- أن أحمد الجربا يفكر بخرق النظام الأساسي للائتلاف، وإن من المتوقع أن يدفع بأحد "أزلامه" ليعيد تجربة ميدفيديف بوتين -بوتين ميدفيديف.
ما يعني أن رئاسة الائتلاف غدت منصباً يبيض شهرة وربما ذهباً، والصراع عليه مرشح لمزيد من التعري والتنافس، وقد يصل الأمر بالقطبين الإقليميين قطر والسعودية، أن يصل مستوى الخلاف بينهما حول شخص وكتلة الرئيس، أن يطلبا المساعدة الدولية، لأن ما يرشح حتى الآن، يجعل أنين الشهداء وعويل اليتامى..يصل قبة السماء.
قصارى القول: قد يكون السؤال الأهم، ماذا فعل الائتلاف لثورة السوريين رغم اعتراف نحو مئة دولة حول العالم به، على أنه ممثل للثورة وأحياناً للشعب.
وأيُّ دور لشخص رئيس الائتلاف في تفعيل دور المؤسسة التي سرقت عنوة تمثيل الثورة، ويصل رئيسها وهيئتها السياسية، دون انتخاب من الشعب، ويمضي معظمهم فترته الذهبية، دون أن يزور المناطق المحررة أو يمسح على رأس طفل يتسول في شارع اسطنبولي مجاور لمبنى الائتلاف.
وأيضاً، أسيستمر الخلاف بين كتلتي الائتلاف بحسب الخلاف بين قطر والسعودية ويبقى دم السوريين ومصيرهم سهماً يرتفع سعره ويهبط في البورصة الخليجية والدولية، ويبقى القرار السوري والثوري مصادرا للممولين.
لن أنجّم وأسعى لإجابات غدا البحث فيها زادا يومياً بين ساسة المعارضة، الذين تأثروا ببان كي مون، ولم يعد يعتريهم جراء تمدد جيش الأسد على الأرض، وكسبه لمواقف حتى الأشقاء العرب...سوى القلق.
نهاية القول: أعتقد أن من أخطر المهازل هو تحديد فترة رئاسة الائتلاف بثلاثة أشهر قابلة للتمديد لمرة واحدة، وأعتقد أن من سن هذا القانون ضمن النظام الأساسي للائتلاف، يبلغ من الدهاء ما يضمن تحطيم الثورة.
لأنه وفي منتهى البساطة، ضمن نبش جمر الخلاف والالتهاء كل ثلاثة أشهر كحد أقصى، وزرع بذور الخلاف، التي يحرص كثيرون على إروائها ورعايتها، وغرس خنجر الكرسي في خاصرة الثورة، آخذين بالاعتبار أن جل الوافدين إلى "التمثيل السياسي" مرضى مناصب، وربما يسعون لزيارة وزير خارجية أو التصوير مع رئيس دولة، أضعاف سعيهم لزيارة مخيم أو منطقة محررة في الداخل.
لم يعد في الوقت بقية، ويكفي الثورة والسوريين النبلاء ما دفعوا من دم وتشرّد وجوع وذّل، وقد يكون من نافل القول الدعوة لائتلاف يرى لمستوى حلم وتضحية السوريين، يكون رئيسه من السورية، والسورية فقط، ما يعيد الأمل في النفوس المتعبة والمحبطة، ويكون رمزاً يولي العمل والمهام للفريق والمؤسسة، وحبذا أن يؤتى برمز من ثوار الداخل، ليكون رئيساً للائتلاف حتى تنتهي الثورة ويتحقق حلم السوريين، لأن في الثلاثة أشهر أو الستة، فخاً نصبه البعض ووقع فيه مرضى الضوء والمال والتبعية.
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية