كنا في طريقنا الى المشفى الوطني لنلقي الضوء على سقوط أحد الأشخاص في حفرة مخصصة لبناء مصعد في مجمع البلدية خلف قيادة الشرطة " التفاصيل "، لكن المفاجأة أن المصاب ليس الشخص الذي قصدناه ، فهناك شخص آخر يصارع من أجل البقاء في العناية المشددة .
لم يكن جهاد الذي لم يتجاوز الرابعة والعشرون يتوقع يوما ما أنه سيدخل في غيبوبة لا يعلم إلا الله كيف سيخرج منها . جهاد كأي عامل آخر يشقى ويتعب ويغامر بحياته ليستطيع تأمين قوت يومه ، لكن القدر كان له بالمرصاد ؟
جهاد كان يحمل بعض الخشب على سطح الطابق السابع لبناء ( ديك الجن ) في حي الحميدية بحمص ، لكنه سقط فجأة في الفتحة المخصصة للمصعد الواصلة حتى الطابق الأرضي (القبو) ما أدى إلى كسر في الجمجمة وكسور أخرى أفقدته الوعي على الفور .
فادي سلامة الدكتور المشرف على جهاد في العناية المشددة بالمشفى الوطني قال لـ زمان الوصل : حالة جهاد حرجة للغاية ووضعه حتى الآن غير مستقر ، هناك كسر في الجمجمة ، وكسر في القدم ورضوض أخرى ،لكن المشكلة الأساسية في الرأس ، ندعو الله أن يقوم بالسلامة .
أيمن شقيق جهاد لم يصدق ما حصل حتى الآن كان يتحدث لزمان الوصل وهوشبه فاقد للوعي لايدري ماذا يفعل ، فمنذ لحظات كان يتبادل أطراف الحديث مع شقيقه ، لكنه الآن يقف أمام العناية المشددة مع أصدقاء جهاد وأشقائه يملأهم الحزن والكآبة .
قال أيمن : طلبنا عدة مرات من المهندس ( المعلم ) أن يغلق هذه الفتحة الكبيرة حفاظا على سلامة العمال، لكنه كان يرفض دون مبرر الى أن وقعت الفاجعة وسقط جهاد .
من جهته قال أحد العمال الذين كانوا بجوارجهاد عند سقوطه : أنا مؤمن بالقضاء والقدر ، لكن ذلك ليس مبررا لمحاولة التعتيم على هكذا حوادث فلو أن إجراءات السلامة موجودة لما وقع هذا الحادث .
وأضاف آخر : أين هي إجراءات السلامة والتأمين على العمال، كل هذا غير موجود ، لارقابة ولا من يحزنون ، تجارالعقارات يتحكمون بأرقابنا ، ومن يطالب بالتأمينات يطرده من العمل . حتى نقابة العمال والمهندسين تقف ضد العامل بالتآمر مع رؤوس الأموال الجشعة .
احد المهندسين قال لـ زمان الوصل :
لا بد من وجود مهندس مقيم تعينه نقابة المهندسين للإشراف على أعمال البناء وسلامة العمال ، وهو المسؤول هنا عن عدم إغلاق الفتحة أو (تصوينها ) ببعض الخشب على الأقل ، لكن العديد من المهندسين يعينون كمهندسن مقيمين لكنهم لايعلمون أصلا أين هو البناء الذي يشرفون عليه !!!
وأضاف : طبعا لا نستطيع إلقاء كامل المسؤولية على المهندس المقيم لأنه من الصعب التواجد 24 ساعة في الموقع .
محافظة حمص شهدت العديد من هذه الحوادث التي دائما مايكون ضحاياها من العمال الفقراء ، نتيجة الإهمال وهضم حقوقهم واستغلالهم من قبل أصحاب هذه المشاريع من مهندسين ومتعهدين و( معلمين ) دون مراعاة لحياتهم وحقهم في العيش ..
يشار أن أحد العمال المتواجدين في البناء اتصل مع ( المعلم ) المسؤول عن البناء ليخبره أن صحفيا يقوم بتصوير مكان الحادث ، فعنفه (المعلم ) أشد تعنيف ووبخه لسماحه لنا بالتصوير ، وما إن سمع العامل كلام المعلم حتى بدأ بالتوسل إلينا لنمسح الصور كي لا يغضب عليه المعلم ويقطع رزقه .!!
جدير ذكره أن محافظة حمص ألزمت المواطنين بتسوية منازلهم المخالفة قبل الشروع بتركيب عدادات المياه والكهرباء ، وقد يضطر المواطن لدفع مبالغ مالية تصل حتى 200ألف ل.س حسب نوع المخالفة من أجل الحصول على المياه والكهرباء .
وتدعي بلدية حمص أنها بصدد تسوية المخالفات بناء على القرار رقم ( 1 ) لعام 2003 القاضي بمعالجة أماكن المخالفات والسكن العشوائي ، من خلال تقسيط المبلغ لتسهيل الأمر على الموطنين . في حين أن غالبية المواطنين لم تطلع حتى على المخطط التنظيمي لهذه الأماكن!!
في النهاية لايزال جهاد يصارع من أجل البقاء ليعود مرة أخرى إلى الطابق السابع أو العاشر وربما الثلاثين ..فقط لتأمين رغيف الخبز أو اسطوانة الغاز... ندعوله بالشفاء العاجل ، والأهم محاسبة الفاسدين الذين يعيشون على حساب هؤلاء البسطاء ..
اتصلت زمان الوصل بالمشفى لتظمئن على جهاد لنفاجئ بخبر وفاته صباحا , وقال الطبيب الشرعي أن سبب الوفاة كانت - كسر الجمجمة والنزف الدماغي المرافق -.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية