أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الموت والمذلة معاً

هل حصلت الدول العربية على استقلالها حقاً، حتى نتحدث عن سيادة وطنية ومؤامرة تريد النيل من فروسية قادتها أو حتى شعوبها؟

ربما كان المدخل غريباً أو يخيل للبعض أنه كذلك نظراً للضخ المتوالد عبر عقود من قبل أنظمة رثة هدفها إبعاد هذا السؤال عن عقول ناشئة هذه الأقاليم المصنوعة بقرارت التسويات التاريخية.

ولعل مراجعة بسيطة للمفاصل الفارقة ضمن هذه الكانتونات العربية تشير إلى وقائع فاضحة وصادمة من حيث تغير لباس المستعمر وطريقة الانقياد لرغباته ومصالحه ..إذاَ مالذي تغير حين اختلف شكل الاستعمار من المباشر إلى الخفي المعروف بآن معاً ..وكيف نصدق أن رؤية جندي فرنسي على الأرض السورية محايث من حيث الجوهر مع وجود سفارة مدنية تملي شروط انقياد البلد بأكمله إلى رغباتها، والأهم: كيف تقنع عقلاً مؤيداً خبيثاً لهذه الأنظمة أن من يؤيدهم ما هم إلا مختاتير تلك الدول الكبيرة مع امتيازات سرقة الشعوب وقتلهم بالنيابة ودون محاسبة.

فتركة الرجل المريض التي خلفتها الدولة العثمانية، تقاسمتها سيطرة أوربية، ومن ثم وزعتها على جباة محليين مهمتهم الأساسية ارتداء القبعة الوطنية لتغطية الشعر المحتل الأشيب والذي عرف كيف يوظف محافظين بهويات عربية تخفي جنسيات أجنبية ليس من الصعب كشفها.

وتتالى ضمن هذه السلسلة تغير الظهورات للأسماء نفسها بأقنعة جديدة ووجوه أكثر بشاعة.
فالذي يقنع التاريخ بأن جمال السفاح مختلف عن بشار الأسد ووالده المنصرم سيحصل على براءة اختراع يصونها دستور الإنسانية جمعاء، والشخص القادر على التمييز بين علي دوبا وعبد الحميد السراج كائن يستحق التقدير، والمجترح الجبار الممايز لإنذار غورو عن إنذار أهل حمص بالقصف والتنكيل لا شك أنه استثناء مرموق علينا مبايعته كعقل متقدم بارع.

كل ذلك كان صحيحاً قبل تاريخ الخامس عشر من آذار ...لكن ما إن تخطينا هذا التاريخ، حتى صرنا نترحم على الأصل ونطالب بإقصاء الأداة الشبيهة التي أفرزت بشاعة لا تدانيها قبيحة أخرى.

إذ صار علي مملوك مثلاً ...أشد فتكاً بالتاريخ من كل مخالب عصور الاحتلال ...وبدأ المواطن يشعر برحمة الأصل مقابل سفالة الوكيل ..فكيف نقبل بعد هذا أن يأتينا من يناقش موضوعة انتخابات القائد الخالد ابن الخالد الفريق الركن المعلم الأول والباني الأول والدكتور الأول بشار بن أبيه.

أليس مضحكاً مجرد وضع هذه المهزلة أمام مبضع الأداة العلمية لمناقشتها وكشف بطلانها !!
إذ ليس الخلل في أن يجري النظام السوري انتخابات بحضور الدم والخراب الذي أجزم بأنه سيطول ويطول بمعية بدلات الرقص ...الخلل يكمن في عدم إقامتها نظرا لمعرفتنا ببهلوانات هذا النظام ومريديه...ولأننا أصحاب ردود فعل ولسنا فاعلين ...صرنا نناقش الفرضية التي لا يجب تعزيزها...فالمناقشة تكريس ...والبحث عن النقائص في الفرضية إثبات لها وإن جاء على صيغة النفي ومحبة الهدم.

سينجح بشار الأسد بنسبة مهولة ..وسينطلق رصاص الاحتفال، وستوزع الحلوى، وسيشمت بنا شارع موالاة الخوف والمصلحة والطائفة، وستبقى أرواح السوريين لعنة تواجه فترته الحديدية القادمة التي لن تجعل الهوية السورية بعيدة عن شعار الثورة الأول، لكن مع تعديل طفيف لكنه كارثي (الموت والمذلة معاً). 

من كتاب "زمان الوصل"
(199)    هل أعجبتك المقالة (192)

حبر

2014-06-04

صحيـــــــــــــــــــــــــــــــــــح اخي سامر.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي