الاحداث والمواجهات الداخلية التي تسارعت في لبنان منذ 7 مايو/ ايار 2008 تعتبر ميدانيا الاكثر خطورة وعنفا منذ عام 1990 تاريخ انتهاء الحرب الاهلية اللبنانية التي دامت 15 عاما.
شارك في الاحداث والمعارك التي جرت في الايام الاخيرة في بيروت وعدد آخر من المناطق ثلاثة اطراف اساسية هي حزب الله وحركة امل وهما ركنان من اركان المعارضة، وتيار المستقبل الموالي للحكومة والذي يرأسه النائب سعد الحريري.
يذكر ان حلفاء هذه الاطراف من الطائفة المسيحية لم يتدخلوا بهذا النزاع وحتى انصار الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط الذي ينتمي الى الطائفة الدرزية قد اخلى مراكزه في بيروت دون مقاومة تذكر.
حزب الله وحركة امل
على الرغم من تاريخه الذي يعود الى ما بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، اتخذ حزب الله حجمه الحالي تدريجيا منذ انتهاء الحرب اللبنانية عام 1990، وتغطية الدولة اللبنانية لسلاحه باعتباره "وجد لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي للبنان".
ومع انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، اتخذ حزب الله في لبنان صفة "المقاومة التي حررت لبنان من الاحتلال الاسرائيلي"، ومع بقاء اسرائيل على احتلالها لمزارع شبعا على الحدود اللبنانية السورية ووجود سجناء لبنانيين في السجون الاسرائيلية تم الاتفاق بين الدولة اللبنانية وحزب الله على ابقاء السلاح كرادع لاي هجوم تنفذه اسرائيل.
وبقي حزب الله خارج اللعبة السياسية الداخلية اللبنانية حتى عام 2005 تاريخ انضمامه الى الحكومة اللبنانية من خلال وزراء يمثلونه فيها والذين سحبهم منها اواخر عام 2006 لاعتراضه على سياسات الحكومة خلال حرب تموز 2006 بين اسرائيل وحزب الله. الا ان الحكومة تتهم حزب الله ومعه حركة امل بسحب وزرائهم من الحكومة لعرقلة تأسيس المحكمة الدولية لاغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
ومنذ ذلك الحين بدأ حزب الله بتزعم حركة المعارضة اللبنانية ومعه حركة امل والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه النائب المسيحي ميشال عون.
ودام ذلك لنحو عام ونصف العام واتخذ اشكالا عدة للمعارضة منها الاعتصام الدائم ونصب الخيم مقابل القصر الحكومي وسط بيروت، وخلال هذه الفترة وقعت عدة اشتباكات مع انصار تيار المستقبل بين مناصري حزب الله وحركة امل من جهة ومناصري تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة اخرى.
وعلى وقع هذه الاحداث كان كل من الخصوم يتهم الآخر بالتسلح والتحضير لمواجهة عسكرية.
دامت هذه الفترة حتى قرارات الحكومة الاخيرة باقالة رئيس جهاز امن المطار اللبناني على خلفية اكتشاف كاميرات مراقبة تابعة لحزب الله وموجهة نحو المطار، وبتفكيك شبكة اتصالات سلكية تتهم الحكومة الحزب بتوسيعها والتعدي على ممتلكات الدولة.
وتصادفت هذه القرارات مع اضراب عمالي ايده حزب الله، وفي يوم 7 مايو/ ايار، تحرك مناصرو حزب الله ومعهم مناصرو حركة امل بزعامة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وقطعوا طريق المطار وعدة طرق في المناطق التي يتواجدون فيها. وبدأت الاشتباكات مع انصار تيار المستقبل في بيروت والبقاع ومناطق اخرى من لبنان.
ويذكر ان حركة امل (افواج المقاومة اللبنانية)، التي اسسها الامام الشيعي موسى الصدر في سبعينيات القرن الماضي، والتي تحولت الى ابرز الميليشيات المسلحة خلال الحرب الاهلية اللبنانية ، هي الحليف الشيعي الرئيسي لجزب الله، الا ان التنظيمين كانا قد تقاتلا بشراسة كبيرة خلال الحرب الاهلية اللبنانية، وذلك قبل ان يفرض حزب الله سيطرته الكاملة على الضاحية الجنوبية في ثمانينيات القرن الماضي.
وخلافا لحزب الله انخرطت حركة امل كحزب سياسي بقوة في اللعبة السياسية الداخلية في لبنان ان من خلال تمثيلها في الحكومات المتعاقبة او على صعيد الوظائف الادارية من جميع الفئات في المؤسسات الحكومية.
يذكر ان تحالف المعارضة اللبنانية يضم بالاضافة الى حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر، تيار المردة الذي يترأسه النائب السابق سليمان فرنجية وتيار التوحيد الذي يرأسه الوزير الدرزي السابق وئام وهاب والزعيم الدرزي رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان، وقوى اخرى.
تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي
في المقابل، وعلى الرغم من بعض المعارك التي جرت وحوادث اطلاق نار، فان تيار المستقبل هو تيار سياسي قبل ان يصار الى اتهامه بأنه ميليشيا مسلحة.
فهذا التيار الذي اسسه رفيق الحريري يطغى عليه الطابع المسلم السني، ولكنه خلافا لحزب الله الذي لا يضم الا مسلمين شيعة، فان تيار المستقبل يضم العديد من اللبنانيين المنتمين الى الطوائف الاخرى.
نشأ هذا التيار مع تولي الحريري السلطة في اوائل التسعينات بعد الحرب اللبنانية، وتطور سياسيا وانتخابيا ليصبح قاعدة انتخابية قوية ظهرت خاصة في بيروت خلال انتخابات عام 2000 حيث حقق الحريري نصرا في الانتخابات البرلمانية لم يكن متوقعا.
ومع اغتيال الحريري عام 2005، ظهر هذا التيار على انه كتلة متراصة ان في العاصمة او في طرابلس عاصمة الشمال حيث كثافة سكانية سنية.
وظهر حجم هذا التيار خاصة خلال المظاهرات التي كانت تنظمها قوى الرابع عشر من آذار في كل ذكرى لاغتيال الحريري على مدى العامين الماضيين.
الا انه في الاشهر الاخيرة، اتهم تيار الحريري من قبل المعارضة بالتسلح والتدريب وتحضير القواعد الشبابية لمواجهات مسلحة.
وتصاعدت هذه الاتهامات بعد ما عرف بحادثة جامعة بيروت العربية في منطقة طريق الجديدة في 25 كانون الثاني/ يناير 2007 والتي اشتبك خلالها لاول مرة في مواجهات مباشرة وعنيفة انصار حركة امل وحزب الله مع انصار تيار الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي.
اما الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يترأسه النائب وليد جنبلاط، فهو منتشر خاصة في منطقتي الشوف والجبل وتحديدا في اوساط الطائفة الدرزية، نظرا الى ان مؤسس الحزب ليس الا كمال جنبلاط والد وليد جنبلاط. الا ان الحزب يضم اعضاء من غير الدروز.
كما يذكر ان الحزب التقدمي الاشتراكي كان من الميليشيات الرئيسية التي شاركت في الحرب اللبنانية، الا ان سلاحه تم نزعه رسميا مع نزع سلاح الميليشيات بعد انتهاء الحرب، ويقول الحزب ان كل ما يملكه هو سلاح فردي.
وتتحالف مع هذين الحزبين احزاب اخرى اهمها حزب الكتائب اللبنانية وحزب القوات اللبنانية والجماعة الاسلامية وغيرها.
القوى المشاركة في احداث مايو / ايار 2008 في لبنان
bbc
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية