أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل الثورة بعد حمص كما قبلها؟!

نكأت "هدنة حمص" جراح الثورة، وتركت، لما لها من رمزية ولأهليها من سبق، في الحلق غصة، وأعيت، إعلامياً على الأقل، ما تستحق، وربما أكثر، ما زاد من ألم الغصة للمعارضة وزاد من نشوة النظام واعتباره ما جرى نصراً مؤزراً.

كان لخروج الثوار أحياء وبسلاحهم الفردي من حمص القديمة بعد عامين من الحصار ومحاولات النظام دخولها بشتى الطرق، وجهان، الأول رأى في خروجهم نصراً والآخر وجد في دخول النظام هزيمة.

إن لم ندخل في هذه الجدلية، والتي قد يجوز فيها الوجهان، لننظر لحمص بعد بدء دخول قوات الأسد وبعض أهليها، من زاوية أخرى، ونسأل أولاً.

لماذا لم نر أفغان ولا باكستانيين ولا شيشان ولا مغاربة ضمن الثوار الصامدين، وهل أخذت هذه النقطة ما يكفي لدحض أكاذيب النضال، أم ترانا تهنا في ..هل الخروج نصر أم هزيمة؟!.

ونسأل أيضاً، هل ما حدث باسم هدنة، سيساعد على التعايش بين أطياف السوريين، أم تراه سيعمّق الخلاف ويكرس اللاتعايش، بالنظر لما رأيناه من تعاطي المنتصرين بعد دخولهم على ما تبقى من حمص بعد القصف والبراميل والمجازر. غير متناسين على الدوام، ما لحمص من خصوصية ديموغرافية، كرست عمدا وعبر أحياء من لون واحد، وعبر عقود حكم الأسد الابن، واستكلمت لاحقاً على عهد الابن، وكاد مشروع "حلم حمص" أن يتوّج العمدية لولا اندلاع الثورة.

قصارى القول: قيل عن حمص ما تستحق وعن ثوارها ما يستأهلون، ولكن كرست حمص خلافاً حتى بين أطياف المعارضة، منه شكلي ظاهر كما حدث من خلاف حول موعد انظلاقة الثورة بين جماعة 15 و18 آذار، وخلافاً آخر عميق، قلما تم الالتفات إليه.

المراقب لأداء المعارضة، والسياسية على وجه الخصوص، يلحظ أن ثمة هزيمة لحقت بها، على الصعيد النفسي على الأقل، وبدأت أصوات تدعوا للحل السياسي بالانطلاق من هدنة حمص.

من منظور وطني وأخلاقي، أعتقد أن السوريين جميعهم ينشدون الحل السياسي، فما أريق من دم وما حل بالبنى والذهنيات، هدم سوريتنا جميعا وكاد يقضي على المصائر والمستقبل.

بيد أن الملفت بالأمر، أنه في الوقت الذي يطالب خلاله "المثقفون" بالحل، ترتفع نبرة "الحسم وتطهير سوريا من الإرهاب" لدى النظام وأنصاره، ما يعني أن أي حل سيكون انهزاماً وبيعا لكل شيء بما فيه الدم، وخاصة إن بقي النظام كبنية وهيكل وإن تضعضعت دولته العميقة.

لذا أعتقد، بل أجزم أن لا قرار دوليا بالانتصار، بل وثمة جولات ميدانية قريبة ستدور خلالها الدائرة على النظام، ببساطة لأن موعد انتهاء اللعبة، بعد أن تحولت سوريا لكرة قدم بين طرفين، لا يمكن أن يقرا بالهزيمة، قبل أن تعلن واشنطن وتحدد شكل النهاية.

ما يعني أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد، ولكن بعد حزم عسكري يلغي شعور الانتصار لدى النظام، بل ولدى المعارضة أيضاً، لأن انتصار طرف في سوريا، بعد كل هذه الدماء والأحقاد التي اشتغل عليها الجميع، سيعني إلغاء للآخر..أو تقسيم سوريا كأضعف الإيمان.

خلاصة القول: لا أعتقد أن مفصلية حمص ستمر كما غيرها، فمخطئ من يشبهها بالمعضمية أو حتى القصير، بل ثمة محاولات دولية وإقليمية، تتزامن مع حملة انتخابات وريث السلطة السورية، يمكن أن تطال حلب، بعد تصعيد المعارك فيها، وربما غيرها من المحافظات.

فأن تمرر خديعة الهدن ويبقى النظام ولا تتحقق شروط الثورة وحقوق السوريين، فتلك خيانة للأجيال والدم، تضاف إلى سجل الخيانات التي كست الثورة، من بعض حاملي لوائها..قبل الأشقاء والكبار.

من كتاب "زمان الوصل"
(179)    هل أعجبتك المقالة (186)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي