أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قولوا (نعم) للسيد الرئيس بشار الأسد

في حمص عام 2011…

الفتاة الصحفية الخليجية الحسناء التي سَوْكَبَتْ لي (أي: تحدثتْ إليَّ عبر السكايبي)، وهنأتني باقتراب نهاية الأزمة السورية بدليل قبول بشار الأسد بأن يترشح أناسٌ آخرون ضده للرئاسة!!... فَتَحَتْ شهيتي على رواية القصص، والحكايات، والوقائع، والأحداث، والطرائف التي لها علاقة بالمسائل الانتخابية والاستفتائية السورية.

نحنُ السوريين نعرفُ هذه القصص والحكايات معرفةً معمقة، بينما غيرُنا يجهلُها بحكم بعده عن مشاكلنا.. ويجهلها، على وجه الخصوص، أبناءُ الخليج العربي الذين يتهمُهم بشارُ الأسد، ووالدُه من قبله، بأنهم رجعيون.. والرجعي إنسان غير قابل للشفاء، وإن شُفي ذات مرة من رَجعيته، بأعجوبة، فسرعان ما ينتكس، ليعود أكثرَ رجعية من ذي قبل!

لم يكن نظامُ حافظ الأسد-وبشار الأسد- يقبلُ بأن يُعَيَّنَ رئيسُ بلدية في أقصى شمال سوريا، أو شرقيِّها، أو جنوبيِّها، أو غربيِّها، إلا إذا كان الشخص المُقْتَرَح للتعيين، في الوقت ذاته، بعثياً! ومُقَرَّبَاً (مكفولاً) من شخص بعثي معروف بولائه للنظام! وأن يكون مستعداً للتعاون ليس مع فرع الحزب (لأن فرع الحزب لا أحد يشتريه بنص فرنك سوري مبخوش)، وإنما مع أحد فروع المخابرات الموجودة في محافظته!... وإن حصل- (بالخطأ)- وتَسَرَّبَ أحدُ الأشخاص ليملأَ شاغرَ وظيفة صغيرة، ثم تبين أنه شخص وطني لا يشتغل لمصلحة النظام، سرعان ما تتراجع القيادة عن الخطأ على مبدأ (الرجوع عن الخطأ خير من التمادي فيه)، فتُقيله من المنصب، وتسرحه من وظيفته، ثم تأمر بسجنه عقوبة له على وطنيته وقلة ولائه لنظام بيت الأسد!

إذا كان هذا النظام- أيتها الصحفية الخليجية الأقاحية- لا يقبلُ بتعيين شخص مُعارض له بالرأي في منصب تافه كهذا المنصب، فكيف سيقبل بمنافس لرئيس الجمهورية على كرسي الرئاسة؟!

معروفٌ للقاصي والداني أن الحكام الديكتاتوريين الطغاة يحيطون أنفسهم بدرجات متفاوتة من القداسة، من أجل أن يُغلقوا كافة الطرق المؤدية إلى تشكيل حالة معارضة لحكمهم بين أفراد الشعب. وفي سنة 2003 انتابت الديكتاتور صدام حسين حالةٌ هستيرية في مجال الشراهة إلى القداسة جعلته يأمر زبانيته بأن يوصلوا نسبة نجاحه في الاستفتاء إلى 100%!!!... وقتها وجهتُ إلى أحد أقربائي، وهو متعاطف مع الديكتاتور صدام، السؤالَ التالي:

على حد علمك هل يوجد شيوعيون في العراق أم لا؟

قال: بلى، يوجد شيوعيون كثيرون.

قلت: وهل يؤمنُ الشيوعيون بوجود الله تعالى؟
قال: كلا. لا يؤمنون.

قلت: هذا يعني أنه يوجد أناس في العراق يعارضون الله تعالى، ولكن لا يوجد أخو حفيانة واحد يعارض صدام حسين! 

نحن في سوريا- يا ذات العينين الناعستين- لم نكن نندهش بسبب ارتفاع نسبة محبي حافظ الأسد (ثم وريثه بشار) إلى 97% أو 99%، بل كنا، بصراحة، نفكر في الأشخاص الشجعان الذين تجرؤوا فكتبوا في الورقة المخصصة للـ (نعم)، حرفَ النفي الفظيع (لا).

في إحدى الكليات العسكرية الموجودة في المنطقة الوسطى- حمص وما حولها- تعرضَ قائدُ إحدى الكتائب إلى مشكلة عويصة، تلخصتْ في أن لجنة فرز الأصوات القادمة من أعلى قيادة أمنية وعسكرية في الشام، عثرتْ، في صندوق الاستفتاء الخاص بكتيبته، على ورقة شاذة للغاية كُتِبَتْ عليها، بشكل لا لبس فيه، كلمةُ: (لا)!

استنفرت القيادةُ العامة للجيش والقوات المسلحة في المنطقة الوسطى، استنفاراً عالياً، واستدعي قائدُ الكتيبة المنكوبة إلى قيادة المنطقة الوسطى على عجل. ويحكى أن العناصر الذين أخذوه، مع أنهم أدنى منه رتبةً، جرجروه وبهدلوه، ولَكْوَزُوه في صدغيه، بسبب استهتاره، وسماحه لمجند كلب واطئ أن يتطاول على سيده حافظ الأسد ويقول له (لا) بكل صفاقة! 

أنا، محسوب عينيك الجميلتين أيتها الصديقة،.. لو عشتُ ستين سنة أخرى، لما عرفتُ كيف انْقَضَتْ مشكلة قائد الكتيبة لولا أن رواها لي شخصٌ ساعدته الظروفُ على حضور وقائعها من البداية وحتى النهاية.

قال لي: 
إن قائد الكتيبة المنكوبة طلب من المحققين إعطاءه مهلة 24 ساعة، ليأتيهم بالـ (فاعل) موجوداً. ولأنه شخص مشهود له بحب القائد والإخلاص للحركة التصحيحية المباركة، فقد وافقوا على إعطائه المهلة.
ذهب الضابط إلى كتيبته، وألقى في الجنود محاضرة طويلة عريضة مفادُها أن الاستفتاء على السيد الرئيس بشكل علني لا يعطي نتائج حقيقية، فلربما قال أحدكم (نعم) أو (لا) من باب الخوف أو المسايرة أو اللامبالاة، وإنه الآن، سوف يعيد الاستفتاء بالاعتماد على الغرفة السرية!

لم نكن لنجرؤ- نحن السوريين- على قول (لا) لذلك الجنرال المجرم حافظ الأسد (ولا لوريثه من بعده)، حتى ولو في السر، لأننا نعرف مقدرة النظام على جعل الحجر الأصم ينطق بالكلام في غرف التعذيب، ولذلك فقد أدلى كلُّ العناصر بكلمة (نعم)، إلا واحداً.

قائد الكتيبة، خلال خمس دقائق فقط، عَرَف مَنْ يكون العنصر. قبض عليه، وشحطه من الكتيبة إلى قيادة المنطقة الوسطى. سلمهم إياه، واختفى العنصر، ولم يظهر بعد ذلك قط. 

هل تحبين أن تعرفي كيف حصل ذلك؟

لقد وضع قائدُ الكتيبة على الوجه الخلفي للورقات الاستفتائية، بقلم الرصاص الفاهي، أرقاماً متسلسلة غير مرئية، وأدخل عناصره إلى الغرفة السرية، بالتسلسل، من (1) إلى آخر رقم في تعداد الكتيبة. وبعد انتهاء العملية قرأ رقم الورقة المكتوب عليها (لا) من قفا الورقة، فعرف مَن هو ذلك الشخص الغريب الأطوار الذي أقدم على هذه الجريمة الشنعاء.

فعن أية انتخابات تتحدثين سيدتي؟

(174)    هل أعجبتك المقالة (166)

افرام ابو جورج

2014-04-19

ارجو ان لاتلوموني على استغرابي ومنذ ان شاهدت صورة بوتفليقه وهو على كرسي المشلولين يساق الى صندوق الاقتراح فقدت ماتبقى من امل على ان هذه الشعوب يبدو انها مستحيل ان تتقدم وتنعم بالدمقراطيه كبقية شعوب الارض..لاتلوموني اذا امنت ببعض ماقاله المستشرقين بأن الشرق شرق والغرب غرب وإن العقل الشرقي يكره الدقه ولا يستطيع ان يتساوى مع العقل الغربي .لماذا يتمسك العربي في السلطه ويقتل مئات الاف ويبقى في السلطه كمثل المجرم بشار ..لااعلم ألم يشاهدوا رؤسنا صورة تمثال صدام البرونزي والناس تقذف القذاره عليه ألم يشاهدوا القذافي وهو ملقى في نصف الشارع عاري قذزر ملطخ بالدم ..غريب امر بوتفليقه وهذا الشبيه بالمومياء وهو يريد ولايه خامسه اخاف ان اموت من غيظي لاتلوموني.


فهد الاسمر

2014-04-20

خلليكم متخاذلين يا عرب ويا مسلمين , ولا تقطعوا علاقاتكم مع روسيا وايران , ولكن الضربة ستطالكم كما قال المجرم , وهو لا يحكي من فراغ ولكنه مستند الى ايران وسياستها التي تفوقكم قوة ..ولكن حساب الشعب الحر للمتخاذلين منكم وليس الجميع سيأتي عاجلا أو اجلا وانتم تتركون مدنه تدمر وأطفاله ونساؤه تذبح ..ولا حراك من الشعوب ولا الحكومات.


عبد المجيد شريف

2014-04-20

رحم الله أبو الزهرصالح رحال الذي روى لي هذه الحادثة في السبعينات حيث استخدموها لكشف غير الملتزمين بقائمة نقابة المعلمينإدلب حين كان رئيساَ لفرعها في فإسلوب قائد الكتيبة هذا متخلف جداً.


التعليقات (3)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي