سأحاول هذه المرة –لهول الجريمة- أن أنقل بعض الكفر والأسئلة، فكل الكلام يسقط، أمام الذي يجري، أو الذي يحضر له كي يجري.
فسوريا، بكل ما فيها من عويل وجوع ودم، ستشهد "عرساً ديمقراطيا" في تموز المقبل، أي فور تسليم كامل السلاح الكيماوي، أو بصيغة أدق، ما سيتبقى منه، بعد الشراهة التي رأيناها باستخدامه خلال الأيام الأخيرة، لتعلن أسماء المرشحين لرئاسة الدولة السورية، خلال الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الجاري.
أجل أسماء، ولم أقل بشار الأسد فقط، إذ ليس مستبعداً أن تكتمل فصول المسرحية، بترشح"حمدين صباحي سوري" ممن يسمون معارضة الداخل "تبع سقف الوطن" ليضفي، حسب زعم من يهمه الأمر، شرعية ومنافسة وديمقراطية.
ليكون أول الأسئلة، وبمنتهى الديمقراطية، لمن قد يترشح: هل ثمة أمل ولو واحد بمئة مليون، أن تكسب أي صوت، بمن في ذلك صوت أمك وزوجتك، وإن كنت تعرف الإجابة التي قالها وزراء الرئيس الوريث، إن بشار الأسد بيضة التوازن في سوريا، وبدونه لا تستقر أو تبقى سوريا، فلماذا ترشح نفسك.
السؤال الثاني "للكبار" الذين قالوا لبشار الأسد، ومنذ بضع مئات القتلى، ارحل، ووضع بعضهم خطوطاً حمراء، تجاوزها الرئيس الممانع ودفع من مصير السوريين، ثمن تجاوزه، هل ستكتفون بعبارات الاشمئزاز واللاشرعية، إن ترشح بشار الأسد خلفاً لوالده لولاية ثالثة؟! أم ترى بترشحه يبصق في وجه المجتمع الدولي ويركل كل القرارات والتصريحات التي صدقها السوريون الطيبون ودفعوا ثمن صدقهم وتصديقهم دماً وجوعاً وتشرداً.
أما السؤال الأهم، فلتمثيل السوريين القسري، الذي لم يك لهم إرادة أو قرار بتلك الأجساد السياسية والوطنية، من مجلس وإئتلاف وما لف لفهما، بل ولدت بعمليات قيصرية بعد زراعة طفل أنبوب في أروقة صنع القرار الغربي، ومن نطاف خليجية.
ماذا فعلتم وعلى الصعد جميعها لتمنعوا ترشيح بشار الأسد لرئاسة الدولة، أيكفي أن تندهشوا وتشجبوا وتبرروا أن محكمة الجنايات مصيره الحتمي ولو بعد حين.
كيف يمكنكم الاستمرار في التسول باسم يتم الأطفال ودم العذارى الذي سفك مسوداً لفرط الانتهاك؟!
حلاصة القول: بعد الذي قاله وزير إعلام النظام عمران الزعبي عن "طلب الجماهير" ترشيح القائد، وإسهابه في شرح طريقة الانتخابات وما ستشهده من ديمقراطية ستعم أرجاء سوريا، وتوعد المبعوث الأممي لتدخله "بشأن داخلي" يمس السيادة.
وأكمل بعده نائب وزير خارجية النظام فيصل المقداد، بأن الشعب سيقول رأيه- دون أن يحدد أي شعب– فيمن سيكون رئيساً، وعزف على الأوتار ذاتها التي اختارها ابن بلده الزعبي، من ديمقراطية واستحقاق دستوري وعدم أحقية العالم في التدخل بقرار السوريين.
بعد كل هذا، مضاف له ما سال من دم ومن قتل تحت التعذيب ومن تهجر وما تهدم من بنى وهياكل وأنفس وذهنيات، يعود الأسد الابن رئيساً، هل من مكان للسياسة وتعويل الآمال على طاولات الحوار وخطب المؤتمرات والمنابر..و أيّ عائق يمكن أن يقف في وجه السوريين لو تزنروا جميعهم بأحزمة ناسفة، ليغيروا المستقبل على طريقتهم، لطالما عجز العالم عن تغيير حاضرهم ومسح كل الآلام عن ماضيهم المزيف.
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية