أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المسيح ينضم للجيش الحر

العام الدراسي ٦٩-١٩٧٠ كان عامي التعليمي الأول في ريف حلب. كان يحلو لي أحياناً أن أبقى يومي الخميس والجمعة في حلب المدينة، أتسكع في شوارعها، أحلم بصباياها، أزور مقاهيها وباراتها. في أحد الأيام اكتشفت نادي الشبيبة الكاثوليكية في العزيزية. تشجعت واقتربت من الباب لأسأل عن هذا النادي، فقال لي أحدهم: يمكنك الصعود إلى الطابق الأول والتعرف على نشاطات النادي.

للوهلة الأولى، شعرت أن هذا النادي يخصني، أليس هو للشبيبة الكاثوليكية؟ صحيح أنني أرثوذكسي، ولكن لم أكن أعرف ما هو الفرق بين الطائفتين، فبنظري كلنا مسيحيون، وبالتالي فالنادي لي كما هو للشاب الكاثوليكي.

في الزيارة الأولى، أمضيت بعض الوقت مكتشفاً صالات النادي، وقارئاً لبعض المنشورات والنشاطات التي كان قد قام بها سابقا. وسألت أحدهم عن كيفية الانتساب للنادي كي أصبح عضواً فيه فقال: يجب أن ترى الأب "س" فهو المسؤول عن تنسيب الأعضاء الجدد.

في الأسابيع التي تلت، وخاصة عندما كنت لا أذهب إلى حمص، كنت أحاول الذهاب إلى النادي، واكتشفت، بعد زوال الانبهار الأول، أن مسيحيتي غير كافية كي أكون مرحباً به هنا، فهناك شروط أهم غير متوفرة عندي، وأصبح بعض الأعضاء، وخاصة الأكبر عمراً، ينظرون إلى بفوقية، أو يتجاهلون وجودي، إلى أن بدأ ذلك السلوك يثير حساسيتي، حتى إن بعضهم، كما قال لي الشاب الوحيد الذي كان يكلمني، كانوا يعتقدون أن شكلي الخارجي أقرب إلى شكل المسلمين منه إلى المسيحيين.

ثم حدث اللقاء الذي كنت أنتظره، والذي بنيت عليه الآمال في أن يزيل بعض الحواجز التي بدأت تتراكم بيني وبين أعضاء النادي، كان اللقاء مع الخوري، أو الأب المسؤول عن تنسيب الأعضاء الجدد.

كانت أسئلة الخوري تتمحور حول وضعي المالي، ووضع أهلي وماذا يمكن أن أقدم للنادي من خدمات. وعندما اكتشف أنني مجرد معلم ابتدائي فقير، وأن والدي هو شرطي، وأن أصولي فلاحية رغم إقامتنا في حمص، وإننا في المحصلة عائلة فقراء، اعتذر عن قبولي كعضو، لأسباب لا علاقة لها حقيقة بسبب الرفض.

وعندما ذكرته أن السيد المسيح إنما جاء برسالته أولاً من أجل الفقراء، ابتسم بحنان مسيحي "ساخر"، قائلا، فيما معناه: بلغّ مسيحك الفقير تحياتي.

بعد ٤٣ سنة أرسلت سلام الخوري الساخر إلى المسيح الذي يتظاهر الآن في الشوارع السورية وحيدا أو مع عدد قليل جدا من المسيحيين، و قد قيل لي إنه شوهد أكثر من مرة في صفوف الجيش السوري الحر نتيجة قهره من هكذا نظام وهكذا رجال دين.

من كتاب "زمان الوصل"
(139)    هل أعجبتك المقالة (131)

ماهر ب

2014-03-27

ومحمد أيضاً فعل ... من أجل هكذا مشايخ.


ياسر

2014-03-28

لللمرة الأولى اسمع مسيحيا سوريا ينتقد رجال الكنيسة في سسوريا .. دائما هم لايخطأون ..وسياساتهم مبررة مهما كانت متناقضة مع تعاليم وأخلاق المسيح .. انا افتخر بك أخ ميخائيل ابن وطني العزيز.


منى المسيحية

2014-03-28

هناك كثير من المسيحيين الذين يريدون ولكن لا يتجرأون على انتقاد رجال الدين او افراد عصابات الاسد خوفا على حياتهم وحياة عائلاتهم, رجال المخابرات يحضرون الصلاة فى الكنائس ويستدعون الراهب الذى لم يدعوا للنظام اثناء خطبته.


سوري مقهور

2014-03-29

الف شكر استاذ ميخائيل دائما مبدع في كتاباتك يعني حطيت ايدك على الجرح , حيث صارت المادة ايضا ترتبط بالدين !!!!!!.


مواطن سوري

2014-03-30

سلمت يداك أستاذ ميخائيل وتشكر على هذه الشفافية وعلى روحك النبيلة..


التعليقات (5)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي