يبرود سقطت.. هذا ليس خبراً؟!!

سقطت يبرود، ليس في علم الصحافة خبراً، ولكن أن تصمد أربعين يوماً، بلا إكسير صمود وبوجه الطيران والقصف اليومي وميليشيا حزب الله والأسد...فذاك ما علّمونا أنه الخبر.
دخل "جيش الأسد" يبرود منتصراً، أيضاً هذا ليس خبراً، أما أن يقال عبر وسائل إعلامية ليست بعيدة عن رشى وسطوة النظام، إن ميليشيا حزب الله دخلت يبرود وتساندها عصابات الأسد، فهذا هو الخبر الذي على الأرجح أن يمر دونما تحليل.
فأن يصل التدخل والقتل..بل واستلاب قرار الأسد واحتلال "سوريا الممانعة" حدود أن يدخل حزب الله وتسانده، أجل تسانده، هكذا ورد الخبر، فهذا يدلل على ضرورة تبديل كلمة ثورة بحركة تحرر طويلة الأجل، في واقع الاحتلال العلني الذي لم يعد يخجل حتى النظام الذي لم يعد ليتطرق إلى"السيادة الوطنية" بعد بيعه السلاح لواشنطن واستثمارات النفط والغاز لموسكو... والأرض للمشروع الفارسي الذي يأخذ من الشيعية مطية ليس إلا.
وأن تتعثر مفاوضات جنيف ويعجز حتى"الكبار" عن بث روح جديدة فيها، فهذا ليس خبراً، ببساطة لأن النظام الذي دفعته روسيا ليحضر جنيف، أيضاً وجهته موسكو والراسخون في السياسة والبيع والتفاوض منذ مفاوضات مدريد، أيام الأسد الأب، أن يذهب على مبدأ"شرف الوثبة" فيغرق ويغرق الآخر بالتفاصيل و"الإرهاب"، علماً أن كلمة إرهاب لم تك على جدول جنيف2 ولا خلال الدعوة للحضور..بل كانت كلمة "العنف"، أما الخبر أن يأتي الأخضر الإبراهيمي اليوم لطهران، لعلمه اليقين، أن آية الله وصحبه، هم أصحاب القرار بدمشق، وإن كثرت الدمى واللاعبون.
قصارى القول: أعتقد من المراهقة الغرق في تحرير حاجز وسقوط قرية، رغم الدلالات الكبيرة، وخاصة لمناطق كما في حمص المدينة والقصير ويبرود، لأن الملهاة التي جروا السوريون لمتاهاتها، هي التحرير، بل و"التحرير" من أكثر الخدع التي مورست على الثورة، ليس لأنه تحرير شكلي في واقع قدرة أذرع النظام النارية أن تطال المناطق المحررة فحسب، بل لأن هذه الخديعة وزعت القوى وأغرقت البعض في فخ الإغراءات ليمارسوا عقدهم في السطو والسلطة، ويحولوا الثورة إلى ممالك ويتحولوا إلى أمراء حرب، وأخص، في واقع منع الثوار، من القريب قبل الغريب، من فتح جبهات قد تغير كامل المعادلة، وجبهة الساحل مثالاً.
خلاصة القول: لم تسقط درة القلمون حتى أسقطت معها كل الأقنعة، فبسقوطها سقطت ورقة التوت عن عورات الائتلاف، ليس من قبيل الاتهامية وكشف بذخه وارتباطه وتقصيره بمساندة الثوار في يبرود ومدهم بأسباب الصمود والنصر، بل لأنه غير كفوء لقيادة ثورة بهذا الحجم، فيوم تلو آخر، يؤكد هذا الجسد السياسي أنه مريض بذهنية النظام، وأنه غارق، فما لا يمكن أن يتأتى عنه تحرير وإسقاط ونصر.
بطبيعتي لا أميل للشعارات العريضة الواسعة، من عيار يسقط وخائن وحتى سقف الوطن، لكني أميل لضرورة إسقاط تمثيل الثورة بطريقة ثورية حضارية، وبدء التعاطي بأخلاق لا بثأرية، فأن ينتقل "المعارضون الأشاوس" ليأكلوا بعضهم وثورتهم، ويبددوا حقوق اليتامى ودم من كن عذارى..فهذا ببساطة لن يأتي بنصر، بل ولن يضعهم في مصاف الآدميين.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية