أما أن تنهي ثورتنا إسرائيل...فذاك حديث كارثي !
إن كان "النصر الذى يتحقق من خلال العنف مساوٍ للهزيمة", فماذا يمكن أن يساوي النصر الآتي عبر مد اليد "للشيطان" هذا إن كان من نصر ومنتصر لحالة كما الثورة السورية، وكان من"شيطان" يفي بوعده ولا يقطع اليد التي ستمتد إليه.
أخيراً، وإثر الخذلان الذي منيّت به "الثورة السورية" من "أولادها" ومن يدعي تمثيلها أولاً، ومن الأشقاء الذي قاد بعضهم الحالة لتؤول إلى ماهي عليه، من تشتت وتأسلم وأمراء حرب، وممن ادعى الصداقة للشعب السوري، وتخلى عنهم بمجرد دخلوا غياهب "التقسيم والحرب الأهلية".
كسا البعض اليأس، ولن نرى الأمر من باب المؤامرة، فسارعوا بالدعوة إلى الخلاص، ولو عبر المتطرفين الوافدين "للجهاد وإقامة الدولة الإسلامية" أو حتى عبر العدو الإسرائيلي، الذي قتل واغتصب فلسطين وحتى الجولان، قبل أن يأتي الأسد الأب، مغتصب"سوريا الحديثة"، إلى الحكم.
لتكون في دعواتهم مآزق جديدة تضاف إلى سلسلة الضياعات التي تعيشها الثورة أصلاً، ولعل في تحرير المهاجرين للمحرر ومساندتهم العلانية لخطة النظام، من قطع يد السارق وجلد المدخن وصولاً لقتل الثوار والمثقفين ومنع الجيش الحر من التقدم تجاه أي جبهة يحتلها جيش النظام، مثال على الغلال التي حصدها السوريون من تساهلهم بدخول وتأسيس داعش على أرض الشام. فماذا لجهة الدعوات الجديدة التي تنادي إسرائيل لتخلص السوريين من استبداد وظلم الأسد؟!
وليعطوا عبر دعواتهم، ذرائع جديدة للنظام المتربص الذي آثر رغم تهديمه الحلم القطري لا القومي، أن يتاجر بتلك الدعوات ويزيد من تغييبه لمؤيديه، أن تلك الثورة مرتبطة وتابعة..بل وعميلة لإسرائيل، آخذاً من زيارة رئيس وزراء إسرائيل لبعض جرحى قصف النظام، في المشافي الإسرائيلية دليلاً مرئياً ومما قيل أخيراً دليلاً لفظياً، ليضيفهم إلى اجتماع بعض أطراف المعارضة مع ليفي بفرنسا قبل نحو عامين، ويخرج بأن المعارضة كل المعارضة عميلة للصهيونية وللمتطرفين -رغم التناقض- في آن.
قصارى القول: قد يكون من منظور واقعي، لا خلاف بين المحتلين، فإيران محتلة للأهواز وجزر الإمارات وتركيا محتلة للواء اسكندرون وإسرائيل محتلة لفلسطين 67 وللجولان السوري، وقد مجازاً مقاربتها بالأنظمة الديكتاتورية التي تغتصب البلاد وتقتل شعبها بطرائق لم يعرفها المحتلون، فيما لو طالبوا بالتحرر والحرية، بيد أن ثمة خلطا وتضليلا في تلك المقاربات، هذا عدا عن أن إسرائيل هي العدو الإستراتيجي للسوريين وليس لنظام الأسد الذي باعها الجولان وحمى حدودها وأمنها منذ 1973 وإن غيرت إسرائيل من طريقة حلمها التوسعي، بعد جدار الفصل، للسيطرة على المنطقة ومقدراتها وتغيير معالمها الجغرافية.
أما الأهم، من منطق سياسي وواقعي أيضاً، هل ما يجري على الأرض السورية بعيد عن رغبة وهدف إسرائيل، أم تراها الوحيد ربما، الذي يحصد أثمان تهديم المؤسسات العسكرية لبلدان الجوار ويسعى للتفتيت الجغرافي لتكون "الدولة العبرية" من كبرى دول الشرق الأوسط الجديد، فكيف وإزاء هذه الحقائق، أن يتم النجدة منها، هذا إن سلمنا جدلاً ببراغماتية الطلب، رغم أنه مذموم ولا يطاوله أي تبرير.
نهاية القول: لعل من أهم عوامل تماسك النظام إن لم أقل قوته، أن له رأسا وهيكلية مازالت ماثلة حتى الآن، تخطط وتصرح وحتى تبيع، وليس كما المعارضة التي نرى خلافات مصالح وشخصية بين ممثليها، توصلهم لفض النزاع بالأيدي أو قلب الطاولة والإساءة لدم الشهداء ويتم الأطفال وجوع المساكين، فإن أخذنا مايقال من منطلق ديمقراطي ونظرة البعض للحل وحق التعبير عن الرأي، فأعتقد أن تلك الحقوق تلزم المصرحين بعدم التفرد والإنابة عن غيرهم ويصادر قرار الشعب السوري الذي لم يثر على سوء العدالة وتوزيع الثروة وتوريث السلطة، ليستجير من الرمضاء بالنار.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية