بماذا يفكر الجربا؟ انقلاب على الشعب والثورة والائتلاف... مي الفيصل
كما توغل حزب "البعث" بعد انقلاب 1963 في الدولة السورية، وجردها من المبادئ السامية، وامتهن كرامة شعبها، وحرم تياراتها السياسية من المشاركة في صنع القرار، واستبد بالمخالفين وعاقبهم. وكما نصب "البعث" -بعد انقلاب داخلي- على حكم سوريا عائلة الأسد التي استبدت بشعب سوريا وحرمته من كل شيء وارتكبت بحقه أفظع الجرائم والمجازر؛ كذلك تتبدى ملامح عقلية الحزب الواحد وعبادة الفرد وتمجيده في القيادة الحالية للائتلاف الوطني السوري اليوم.
مسيرة الانقلاب في الائتلاف مدروسة مسبقاً، ففي التوسعتين الأخيرتين، انضم 58 عضواً جديداً إلى هيئته العامة، وتم فيهما استيعاب الكتلة الديموقراطية التي يتبع لها الجربا تنظيمياً، وخلال الشهور التي تلت التوسعة الأولى، أي منذ أيار/مايو 2013 وحتى ديسمبر 2013 استطاعت هذه الكتلة الحصول على نسبة أعضاء (50+1) يؤيدون توجهاتها ضمن الهيئة العامة، ولكنها لم تنل مرامها بالحصول على تأييد أغلبية الثلثين، لذلك عملت عند تسلمها قيادة الائتلاف على إقصاء وعزل وتنحية غير المؤيدين لتوجهاتها، وحرمتهم من المشاركة في صناعة القرار.
يسعى أحمد الجربا وكتلته التي يمثلها إلى الحصول على أغلبية ثلثي الأصوات في الهيئة العامة للائتلاف، لتمرير القرارات ذات الأهمية العالية والاتفاقيات المرتبطة بمفهوم السيادة، بشكل سلس ودون أي احتمال تعطيل من هذا الطرف أو ذاك، مع الحفاظ على نسبة الثلث المعارض غير المعطل فيها، كخطوة أولى في العبور إلى السيطرة المطلقة.
مخطط الجربا المعد مسبقاً للحصول على تأييد الثلثين، يتم تنفيذه تدريجياً على مراحل عدة، تبدأ من السيطرة على الهيئة العامة في الائتلاف كجهة مشرعة ومقررة ورائدة وفق السيناريو التالي:
1. عزل رئيس هيئة الأركان في الجيش السوري الحر سليم إدريس، بعد مسلسل استقالة -ثم عودة- وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة أسعد مصطفى، وتعيين عبد الإله البشير النعيمي بدلاً منه، والذي سيعمل على تغيير ممثلي هيئة الأركان العشرة (9 منهم منسحبون) في الهيئة العامة للائتلاف واختيارهم بعناية لضمان ولائهم للجربا.
2. سيتم تجريد أعضاء المجلس الوطني السوري السبعة المنسحبين من الائتلاف مؤخراً من حقهم في البقاء بالائتلاف، والإبقاء على الأعضاء الموالين له بصفتهم ممثلين عن المجلس، ودمج 7 أعضاء آخرين يعطونه الولاء الكامل من أعضاء المجلس الهامشيين.
3. تثبيت هيثم المالح رئيس اللجنة القانونية في منصبه، وإعطاؤه الدعم الكامل، ثم دفع الهيئة العامة لاختيار أعضاء إضافيين للجنة القانونية موالين للجربا ومطأطئي الرؤوس للمالح.
خلال عملية السيطرة على الهيئة العامة في الائتلاف سيسعى الجربا إلى ضمان ولاء الحكومة المؤقتة والتحكم الكامل بها، بعد أن قبض يده على هيئة تنسيق الدعم وعلى هيئة الأركان في الجيش السوري الحر، من خلال عزل أحمد طعمة رئيس الحكومة السورية المؤقتة واستبداله بوزير الدفاع الحالي أسعد مصطفى، الذي سيقوم بدوره بحجب الثقة عن بعض الوزراء بالتعاون مع الهيئة العامة بتشكيلتها الجديدة، ومن ثم طرح أسماء وزراء جددا موالين للجربا أمام الهيئة العامة للتصويت عليهم قبولاً.
بعد كل هذا، سيتم تعديل النظام الأساسي للائتلاف ووثائقه التأسيسية بقرار صادر عن الهيئة العامة بموافقة ثلثي أعضائها الموالين للجربا بعد اقتراح يوجه بذلك من قبل اللجنة القانونية ومفتيها الجليل "المالح"، وذلك بعد القضاء على الفئة المعطلة، ومن ثم سيتم تمرير أي اتفاق دولي أو داخلي بتوجيه من الجربا من خلال الهيئة العامة بحكم حصول الائتلاف على اعتراف سياسي من قبل 130 وحدة دولية (دول، منظمات).
تعديل الميثاق الداخلي يعني القدرة على حياكة ألعوبة سيطرة قيادية وفق أحد سيناريوهين:
الأول: منح رئيس الائتلاف ولاية لثلاث سنوات كحد أدنى، ومن ثم التمديد للرئيس ولايتين + (لا نهاية)، وكأن سيناريو الأسد- خدام سيعاد إلى الواجهة مرة أخرى ولكن لدى المعارضة السورية وفق ثنائية الجربا- المالح، ووسط ثورة شعبية رفضت الفساد والظلم والديكتاتوريات واستعلاء المستبدين.
الثاني: تعديل آلية منح مقاعد الهيئة السياسية والهيئة الرئاسية ومكاتب الائتلاف، لتصبح حقاً حصرياً للهيئة السياسية فقط، وتوسعة صلاحيات الرئيس ونوابه، بالتوازي مع تمديد ولاية الرئيس.
وهذا قد يسمح بإحياء سيناريو "تبادل الحكم ضمن الحزب الواحد" في روسيا (بوتين- ميدفيديف) ضمن الائتلاف وفق توليفة أحمد الجربا- هادي البحرة، الذين سيتبادلان لعب دور الرئيس والنائب الأول.
كما يعني تعديل الوثائق التأسيسية والميثاق الداخلي، تمرير الاتفاقات الانهزامية، وإقرار الصفقات المعقودة على حساب الشعب السوري من خلال الهيئة العامة وبتزكية من رئاسة اللجنة القانونية، وكأن سيناريو الأسد- اسرائيل، سيعاد مرة أخرى وفق ثنائية الجربا- الأسد، فكما باع الأول الجولان لإسرائيل، ربما سيعمل الجربا على بيع الثورة لنظام بشار الأسد، مقابل حصوله على رئاسة حكومة شكلية، وتسليم أعوانه بعض الحقائب الوزارية الهزلية. ليشكل كل ذلك انقلاباً على الشعب والثورة والائتلاف.
مشاركة لـــ"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية