"دفاع وطني من الجيش الحر"، صيغة جديدة يحاول النظام تمريرها ضمن سياق الهدن التي يتم عقدها في المناطق المختلفة، لا سيما في جنوب دمشق.
الاستقلال وعدم التبعية لا للجيش الحر ولا للنظام، فكرة ضبابية وليست واضحة إلى اليوم، لكن هذا هو الثمن المقابل لفك الحصار عن آلاف المدنيين، فلن يكون جيش الدفاع الوطني الجديد تابعاً لأي جهة، حسب ما يشير الناطق باسم الجبهة الجنوبية مطر اسماعيل.
ويكشف عن محاولات على وشك أن تترجم على أرض الواقع وذلك ضمن شروط الهدن التي تحدث هنا وهناك، في مناطق "بيت سحم" و"ببيلا" و"يلدا" وغيرهم، أن يتم تشكيل لجان شعبية تحمي مناطقها، والملفت أن عناصر هذه اللجان هم من كانوا بالأمس القريب جزءاً من كتائب الحر.
الحديث الذي ينتشر اليوم حول الاتفاق، وفق ما يشير الناطق باسم الجبهة الجنوبية، يتمثل في أن تكون هذه اللجان ضمن قوات الدفاع الوطني وهي مستقلة حسبما يقال، ليست تابعة للنظام ولا للجيش الحر.
خطوات عملية
أما عن عمل هذه اللجان فيقول اسماعيل لــ"زمان الوصل": "المهمة الرئيسية لهذه اللجان حماية مناطقها وضبط وضعها العسكري عبر التنسيق مع ضابط ارتباط بين اللجان الجديدة في المناطق التي تهادن والأصل في دمشق "قيادة الدفاع الوطني".
والمهمة التي تحدث عنها اسماعيل هي الأخرى كما حال اللجان تبدو غير واضحة، فالاستقلالية تتطلب التواصل مع جهة محايدة، في حين أن التواصل سيكون مع قيادة الدفاع الوطني التي تتبع في النهاية للنظام، لكن اسماعيل يقول: "هذا ما هو واضح حتى اللحظة، وما يمكن الحديث عنه، وهناك خطوات عملية في سبيل تحقيق ذلك قد نفذت وتنفذ في عدة مناطق".
جنوب دمشق الذي يضم مدن وبلدات "يلدا"، و"ببيلا"، و"بيت سحم"، و"مخيم اليرموك" الفلسطيني، و"الشاغور"، و"القدم"، و"العسالي"، و"الحجر الأسود"، و"السيدة زينب"، و"الحسينية"، يقبع تحت الحصار منذ ستة أشهر، وبدأت المساعدات الإنسانية بالدخول إلى بعض مناطقه خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن استشهد جوعاً أكثر من 100 شخص، حسب توثيق ناشطين.
تشكيك في نوايا النظام
وضمن هذه الهدن التي يتم الوصول إليها في غالبية دمشق الجنوبية، هناك خصوصية لمخيم اليرموك لا سيما فيما يخص مسألة الدفاع الوطني، حسب ما يشير اسماعيل ويضيف: "شأن المخيم يختلف عن شأن قوات الدفاع الوطني، حيث هناك جهود لتحييده"، إلا أن آلية التحييد ما زالت غير واضحة، بسبب وجود بعض الإشكاليات لم تحل، ولعل أهمها -حسب اسماعيل- يتعلق بأن جبهة النصرة كانت موافقة على الخروج من المخيم ولكنها عادت اليوم.
ومن البديهي أن لا يستكين الجيش الحر لجانب النظام، وهو ما جعل الناطق الرسمي يصر على أن هذا ما يتم الحديث عنه وليس ما سيطبق فعلياً على الأرض، ويبدو أن النظام يحاول فرض شروطه على المناطق التي أنهكها الجوع والحصار، ويريد بشكل أو بآخر تفريغ المنطقة الجنوبية من قوتها العسكرية المعارضة، حسب ما يفيد ناشط في الشأن الإغاثي فضل عدم ذكر اسمه.
استقلال غير حقيقي
ورغم أن آليات انضمام الجيش الحر إلى ما يسمى بالدفاع الوطني ما زالت غائبة المعالم إلى الآن، لكن الناشط يعتبر أنه رغم ادعاءات النظام بأن التشكيل الجديد سيكون مستقلاً والغاية منه هو تنظيم العمل داخل المناطق التي يتم عقد الهدن فيها، إلا أن هذا الكلام غير حقيقي ولا يمكن تطبيقه على أرض الواقع، حتى ضمن الآليات التي تتحدث عن وقف إطلاق النار وإقامة حواجز تابعة للجيش الحر وأخرى للنظام والقوى الموالية له، لكن هذا الأمر من الصعب تطبيقه، فهناك كتائب على الأرض ترفض حتى الخروج من جنوب دمشق، أو تسليم المنطقة بمدنييها للنظام، فهناك مخاوف حقيقية من ارتكاب مجازر بحق المدنيين عند خروج الكتائب من المنطقة.
لكن الناطق باسم الجبهة الجنوبية مطر اسماعيل، يشير هنا إلى أن الفصائل ملتزمة بالهدنة ما دام النظام لا يخرق بنودها المتوافق عليها بين الطرفين والتي تمنع اقتحام الجيش النظامي لهذه المناطق.
إشكاليات ستبقى عالقة
ويشير الناشط إلى أن النظام يستدرج الكتائب إلى النقطة التي يريدها، وهي إعادة إخضاع تلك المناطق لسيطرته، ومعظم الكتائب باتت تدرك هذا الأمر، لكنها في بعض الأحيان تضطر لتمرير الهدن وفق شروطٍ مجحفة بسبب ضغط المدنيين والحصار القائم، وباستثناء الكتائب المتشددة كجبهة النصرة، هناك بعض الكتائب بدأت تدرس إمكانية تشكيل جيش دفاع وطني مستقل.
لكن اسماعيل يبدو أكثر ارتياحاً لموضوع الاستقلالية، حيث يؤكد أنه بالنسبة للجان هي أساساً ممن يرغب أن يكون في اللجان من أبناء المناطق ومن الصعب جداً ألا تكون مستقلة أو حتى موالية للثورة لأن الشباب هم من أبناء المناطق الثائرة.
زينة الشوفي - دمشق - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية