علويون ثأريون رغماً عن أنوفنا

آخر خبر: منع قاطنو حييّ عكرمة والزهراء وصول المساعدات الإنسانية إلى الأحياء المجاورة المحاصرة والمنكوبة، بل وبنى إخوتنا العلويون هناك سداً بشرياً للحؤول دون وصول الإغاثة للمحاصرين في حمص القديمة منذ نحو عشرين شهراً، وصل بأهلها الحال لأكل الحشرات والأعشاب..بل والموت جوعاً.
قد يكون الخبر الأول حول الشأن ذاته. ما فعله أهالي القرى المجاورة لقرية البيضا بريف بانياس منتصف الشهر الرابع عام 2011، وقت فوجئ من تلك الوحشية والأفعال التي تعدت الإنسانية، حتى أبناء جلدتهم، ونفوا الحدث برمته وقيل حينها إن الصور بالعراق واللذين يرقصون على أجساد أهل البيضا هم أكراد بدليل الأحذية البيضاء التي لا يلبسها جنود الأسد.
فيما بين الخبرين، شاهد السوريون، بل ولمسوا العجب العجاب، والتي، إن بدأت عند تدنيس الجوامع والإساءة إلى المعتقدات، لا تنتهي عند الاغتصاب والذبح بالأسلحة البيضاء بطرائق يندى لها جبين التاريخ والحيوانات. ما يدفعنا بداية للتساؤل عن السبب.
هل مرد تلك الجرائم يعود لعامل التخويف الذي بثه النظام عبر الأقليات، على أن الثورة "سنية" بدليل أنها خرجت من المساجد وشعارها "الله أكبر" وليس لها من هدف سوى النيل من الأقليات وإقامة دولة، أو إمارات سنية وهابية لن تبقي للأقليات ولن تذر.
أم ترى ثمة ثأرية في الأمر، بدليل عدم استجابة بقية الطوائف لفزاعة الطائفية، ولم تشهد الثورة من الدروز أو الإسماعيليين كتلك الجرائم، بل على العكس، انضم جلهم إلى ثورة الكرامة، أو أيدوها سراً وهو أضعف الإيمان؟!.
قصارى القول: قلناها مرارا وها نحن اليوم نعيد، في سوريا طائفتان ليس إلا، الأولى اختارت الوقوف إلى جانب الشعب في ثورة الحرية والكرامة وانتفضت على حكم الظلم والتوريث وسوء العدالة، وثانية آثرت نفعيتها واختارت الوقوف إلى جانب الظلم، أو استميلت عبر تحريض وتخويف ورشايات.
بيد أن الذي نراه، إن على مستوى مثقفي الطائفة العلوية، من نبش تاريخ الأمس وفق حبكات وأضاليل تخدم حقدهم ووصايا أسيادهم ليس إلا، وأخص من كان منهم معارضاً لحكم آل الأسد، بل سجن واضطهد ودفع ثمناً لمعارضته حينئذ، وتحول اليوم ووقف إلى جانب جلاد الأمس، أو على مستوى الحقد من"الشبيحة" إنما يدلل على سريان الثأرية التي قاد حملتها بعض المتثاقفين، ونكؤوا الجراح التاريخية وفق -كما قلنا- روايات مزيفة وتخاريف مرضية، منذ يزيد والحسين وصولاً لما يقال عن امتهان النسوة وسبيهن، ويؤكد على أن الفكر النكوصي العدواني، هو الطاغي على الأداء، بل وهو الوحيد الذي يتسلح به النظام في حربه على الشعب السوري، ولعل في استمالة "شيعة"دول الجوار ليقاتلوا
إلى جانب عصابة الأسد، من لواء أبي الفضل العباس العراقي للحرس الثوري الإيراني وصولا لحزب الله اللبناني، إنما يؤكد بما لا يدع مجالاً لأي شك، أن النظام أفلح مرحلياً في تحويل الثورة إلى حرب أهلية..بل وطائفية بامتياز.
وهي-الحرب الطائفية- من أطال في عمر الساقط، بل وغيّر من الموقف الدولي، أو بعضه، وخاصة بعد تسويق أن المسيحيين في خطر، والاشتغال على خطف المطرانين وما حدث لمعلولا وتكريس صورة الثورة في الإعلام العالمي على أنها ثورة أصوليين ومتوحشين، عبر ما فعلته "داعش وأخواتها" والتي أكدت الأحداث أنها فروع أمن تتبع لإدارة المخابرات العامة في دمشق.
لعل الأهم-حسب اعتقادنا- في السؤال: لماذا يكرّس النظام هذه النعرات وينفخ الرماد عن جمر الطائفية، فيأتي على نشر تسجيلات القتل والاغتصاب وكل مامن شأنه إشعال نار الفتنة، رغم أنه يرفع الشعار القومي ويدعي أنه يقاتل التطرف والإرهاب، و هو يعلم يقيناً، عاجلاً أم آجلاً، أنه وأنصاره الخاسرون.
أعتقد أن الإجابة تتلخص في أمرين اثنين، الأول -كما أتينا عليه- أن في تحويل الثورة إلى حرب طائفية هو الحل لإطالتها وحرفها عن سكتها..إن لم نقل قتلها.
أما السبب الآخر وهو الأخطر، أن النظام يخطط لتقسيم سوريا كحل نهائي وأخير، فعندما يثير ويكرس كل هذه الأحقاد، يضمن اللاتعايش المستقبلي، ويرضي"الكبار" في نقل النموذج العراقي إلى سوريا، ويطبق "المؤامرة"حتى فصلها الأخير.
نهاية القول: لم تفعل إسرائيل بالفلسطينيين والعرب كالذي تفعله عصابات نظام الأسد بالسوريين والفلسطينيين، إن لجهة القتل والتمثيل بالجثث أو لجهة تهديم الممتلكات والاعتقالات والتهجير، بل كنا خلال كل حالة وحشية يقوم بها جيش الاحتلال الاسرائيلي، نرى ناشطين يهود يعيبون عليه فعله ويتصدون لتلك الجرائم، فكم من مظاهرة يهودية ترفض الحصار الإسرائيلي وكم من ناشط يهودي عرى جرائم الصهاينة، لكننا وللأسف الشديد، لم نر ذلك من إخوتنا العلويين!
بل على العكس، ساهم سكان "عش الورور" في سرقة "برزة" والمناطق المجاورة ووصل الأمر لإقامة سوق للمسروقات أسموه علانية "سوق السنة" وساعد أهل القرى المجاورة للحولة عصابات النظام في أول جريمة إبادة طائفية خلال الثورة ...وها هم أهل أحياء حمص العلويون يمنعون عن إخوتهم إكسير البقاء ..فأي ديّن يسلفه هؤلاء لإخوتهم السوريين، وأي أمل بقيّ للتعايش المستقبلي في سوريا الواحدة؟!! ..وللحديث بقية.
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية