أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

نكح الديمقراطية في جنيف

ما مرَّ عليَّ يومٌ- منذ الثاني والعشرين من كانون الثاني 2014 حينما انطلقت فعالياتُ مؤتمر جنيف 2- إلا وتذكرتُ فيه السيد «جوزيف بشور» المعلقَ الرياضيَّ الرهيب الذي كان يُسمي أيةَ مناسبة رياضية بـ «العرس الكروي»!.. ويقول، حينما يبدأ مرمى الفريق السوري بتلقي الأهداف المعادية: ليس مهماً أن نفوز، أو نتعادل، أو نخسر، المهم هو مشاركة «سوريا الأسد» في هذا العرس الكروي الكبير!

استطراد أول: وكان أول من سمى سوريا الرياضية «سوريا الأسد» المنافقُ الكبير عدنان بوظو..
 
استطراد ثانٍ: كانت لي، أنا شخصياً، مع عدنان بوظو، رغم أني لا أعرفه ولم ألتق به، قصةٌ طريفة، ملخصُها أن الأديب الكبير المرحوم حسيب كيالي كان يراسلني بريدياً بين عامي 1989 و1993، حيث لم يكن لدينا وسائل اتصال غير البريد.. وحسيب يعرف أن الوضع الأمني في سوريا مرعب، وأن المخابرات تستبيح كل ما له علاقة بأسرار المواطن السوري وكرامته، وهو، أصلاً، غادر سوريا، في الثمانينيات، بسبب الضغوط الأمنية التي مارسها عليه وزيرُ الإعلام الأمني أحمد اسكندر أحمد الذي كان يريد أن يشتري منه اسمَه الكبير ويستهلكه في مديح الديكتاتور الأسد.. ولذلك لم يكن يكتب لي أشياء خطيرة في رسائله.

ولكن، في ذات يوم، خرج حسيب كيالي من جلده، وخرج عن طوره، فكتب لي أن عدنان بوظو حينما سجل الفريقُ السوري هدفاً مبكراً في مرمى الإمارات العربية المتحدة استمر يهتف بأعلى صوته الله أكبر، كوووووول لسوريا الأسد حتى ظن المشاهدون أن حافظ الأسد هو الذي سجل الهدف!!.. وحينما سجل فريقُ الإمارات أربعة أهداف متتالية صار يقول: معليش.. إن هذه الروح الرياضية يجب أن تسود بين الأشقاء العرب،.. هذه الروح التي أكدها ويؤكدُها دائماً الرفيق المناضل حافظ الأسد! هذا ما قاله، مع أنني أشهد، أمام الله والتاريخ والأمتين العربية والإسلامية، أن عدنان بوظو سب على حافظ الأسد- بحضوري- في بيت أحمد زين العابدين بدمشق!

المخابرات العسكرية في إدلب التي كانت مختصة، في تلك الفترة، بمراقبة رسائلنا وهواتفنا، فعلت التالي: فتحت الرسالة، قرأتها، ثم أعادتها إلى المغلف، ولصقته بطريقة بدائية بقصد أن أعرف أنا أنهم أخذوا علماً بمضمون الرسالة.. وأنا (خَرْيَطْتُ) من شدة الخوف، وبقيت أكثر من ستة أشهر في وضعية الاستعداد للاستدعاء أو الاعتقال، ولكن هذا لم يحدث، ولا أدري لماذا.

وجوزيف بشور كان يسمي المناسبة القومية الوطنية، بـ "العرس الجماهيري"!.. وأما مناسبة الاستفتاء الشعبي الذي يُقام لأجل "تمديد" حكم حافظ الأسد ومن بعده وريثه بشار الأسد، سبع سنوات عجافاً، فكان يسميها "عرس الديمقراطية"!.. 

رَوَيٍتُ للأصدقاء، خلالَ إحدى جلساتنا في مقهى "أناتوليا" بمدينة "الريحانية"، سَيْلاً من هذه الذكريات، فضحك صديقُنا الذي يكتب "حديث الحشاش" في مجلة "كش ملك" حتى غارت عيناه، وطفرت منهما دموع السرور، وقال لي: اسمع يا أبو مرداس ما جرى معنا نحن الحشاشين بهذا الخصوص!..

قلت: تفضل.

قال: في ذات مرة، كنا جالسين أنا والشباب في عليّة بيتنا بحي "الضبيط" بإدلب، نأخذ "شحطة" حشيش مدوزنة، نُرَوِّحُ بها عن أنفسنا، وفجأة وقف صديقُنا "أبو نعمان السلقيني" واتجه إلى النافذة فأغلق الأبجور، ثم أغلق الدرفة الزجاجية، ثم أسدل البرداية، ووقف في الوسط وقال: 

اليوم شفت في التلفزيون مذيع وجهه طويل (يقصد جوزيف بشور طبعاً)، يقول إن الاستفتاء الذي يقام لتجديد البيعة لحافظ الأسد هو «عرسٌ للديمقراطية». ولك أنا والله ما فهمت. شلون يعني عرس للديمقراطية؟! يعني اليوم بدهم ينكحوها؟!!..

فضحكنا حتى .... أنا في ثيابي! 

***
نعم، سيداتي سادتي، لقد ذهب وفد النظام السوري إلى مؤتمر جنيف على مبدأ "العرس" المتعارف عليه في الإعلام السوري، فأعضاءُ الوفد، كلهم، دون استثناء، بدؤوا يخطبون في أروقة "مونترو".
 
ومثلما كانوا يهزجون في أعراسهم بعبارات من مثل: بالروح بالدم نفديك يا حافظ، وقائدنا للأبد بشار الأسد، ومطرح ما الأسد يدوس نحن نطوبز ونبوس.. شرعوا يهتفون بعبارات: جايين نحارب الإرهاب! والرئيس الأسد خط أحمر! ومن حق الرئيس الأسد يترشح! والرئيس الأسد يحظى بتأييد شعبي وجماهيري واسع.. إلخ.

استطراد ثالث: كان الإعلام السوري يطلق على الذكرى السنوية للانقلاب العسكري الذي نفذه حافظ الأسد وعُرف باسم الحركة التصحيحية في السادس عشر من تشرين الثاني اسم: "عرس الوطن".. ولكن، ومن فرط حب الجماهير للقائد كانوا يبدؤون الاحتفالات في مطلع تشرين الثاني، ويمددون الاحتفال حتى آخر الشهر!
في جنيف، لم ينس رئيس وفد النظام السوري وليد المعلم أنه جاء للاحتفال بهذا "العرس الأممي"، فتجاوز الزمن المعطى له من قبل الجهة المنظمة!!.. 

***

الله يذكرك بالخير، يا جوزيف بشور، إن كنت حياً، ويرحمك بدءاً من سطح الأرض نزولاً حتى غطاء القبر.. إن كنت ميتاً!

(126)    هل أعجبتك المقالة (137)

نيزك سماوي

2014-02-01

رغم ما يعتصرنا من الآسى على وطننا فإننا نضحك على أشياء كانت بالفعل مثل ما قال أنا ما فهمت شلون يعني عرس للديمقراطية ؟ يعني بدهون ينكحوها ، يا عمي نكحوها ونخروها من زمان للديمقراطية آل ديمقرطامية آل.


مجد الأمويين

2014-02-03

والله يا استاذ خطيب عم نضحك من الألم وعم نقول الله يلعن حافظ بقبره ويلعن هالنظام الاجرامي اللي اسسه وخدعنا به طوال كل هالسنين.


فروم سيريا

2014-06-05

تعيين جوزيف بشور كمعلق رياضي من أهم منجزات الحركة التصحيحية المباركة التي قادها القائد المؤمن حافظ الأسد ، صدق من قال مخاطباً المقبور حافظ: يعوي بلَعْنِكَ ذئبُ الغابِ من عجَبٍ يقول غدرك يا مقبورُ أفزعني أستاذ خطيب دائماً نلتمس منه المزيد.


التعليقات (3)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي