استطاع أبناء السويداء بوعيهم الوطني، وحكمة بعض مشايخ الدين الدروز، ووجهاء المحافظة وأد نار الفتنة بعد كل محاولات النظام - - بحسب شرح نشطاء -، ومسعاه الجاد إلى إذكاء نارها مستخدماً شتى وسائله الإعلامية والسياسية والاجتماعية، وذلك لتحويل الثورة السورية إلى صراع وجود يدافع كل واحد فيها عن انتمائه الطائفي، ولكن السؤال المنطقي وفي ظل انتهاكات العصابات المسلحة لكل ما تم الاتفاق عليه بين محافظة السويداء وجيرانها من سهل حوران وقرى البدو المحيطة بها. إلى متى سيستمر صمود أهالي الجبل في وجه هذه المحاولات؟
فبعد كل حالات الخطف التي تعرض لها أبناء السويداء من قبل فصائل توصف بالمتطرفة - لم تتأكد "زمان الوصل" من دقة التوصيف - تقطن في سهل حوران، وبعد كل المناشدات والمساعي التي فشلت في إطلاق سراحهم، تعيش المدينة هذه الأيام حالة من التوتر الشديد، والتأهّب للرد على محاولات الخطف من (مبدأ البادي أظلم).
عصام زهر الدين
حيث أكدت مصادر لـ"زمان الوصل" بأن عصابات مسلحة تابعة لقرى البدو المحيطة بالسويداء من الشرق والغرب قامت يوم أمس باختطاف ثلاثة شبان أثناء عودتهم من العمل في مزارعهم في بلدة (الصورة الكبيرة) الواقعة في شمال المحافظة على أوتوستراد (دمشق -السويداء)، والتي تحدها من الشرق قرى (مرقع الفرس، بحرات، رجم البقر) أما غربا تحاذيها قرى (طبي، ساكرة، هيمان، حوش حماد)، وجميع هذه القرى تابعة للبدو.
وذكرت المصادر أن اثنين من المخطوفين هما دروز من آل زهر الدين، أما الثالث فهو شاب مسيحي من آل (حنون).
وبعد الاتصالات التي جرت بين الجهة الخاطفة وأهالي المخطوفين تبين أنه تم تصفيه الشاب المسيحي، بينما لا يزال الاثنان الباقيان على قيد الحياة وقد طلبت الجهة الخاطفة من ذويهم فدية قيمتها (10) مليون ل.س لإطلاق سراحهما.
فما كان من أهالي (الصورة الكبيرة)، والتي هي بلدة العميد عصام زهر الدين أحد الأذرع الطويلة للنظام إلا أن رفضوا دفع الفدية حتى وإن قتل أبناؤهم، وأرسل أهل القرية في طلب "النخوات" من القرى الدرزية المجاورة لهم، فاجتمع في البلدة ما يزيد على 1000 شاب قدموا لنجدة إخوتهم في البلدة، والجدير بالذكر أن عددا قليلا منهم ممن يتبع لجيش الدفاع الوطني، أما أكثريتهم فقد كانوا من الشباب المستقل غير التابع لأي جهة كانت، ثم قام المجتمعون باختطاف 7 من البدو وهددوا بتصفيتهم ما لم يصار إلى تسليم المخطوفين من أبناء البلدة ذلك بحسب رواية ناشطين من البلدة نفسها.
وأفادت مصادر لـ "زمان الوصل" بأن غرب مدينة السويداء لم يكن أوفر حظاً من شمالها حيث أقدمت مجموعة مسلحة تابعة للبدو أيضا على اختطاف ثلاثة شبان أحدهم (ريدان الفارس) من قرية (لبيّن) ، واثنين من قرية (الدويرة)، وقد اتصلت الجهة الخاطفة بذوي ريدان الفارس وطالبتهم أيضا بفدية قيمتها (5) مليون ل.س مقابل إطلاق سراح ابنهم.
13 محتجزاً
فما كان من أهل المنطقة الغربية إلا أن قاموا باحتجاز ثمانية أشخاص من الـبدو لحظة سماعهم الخبر، وازداد عدد المحتجزين من البدو اليوم حتى تجاوز 13 محتجزا في ظل اسـتنفار كامل من أهالي الـقرى المتأهبين بــسلاحهم مع غـياب ملحوظ للقوى الأمنية.
هذا واستشهد المواطن (عاصم مرشد) أثناء عودته مساء أمس إلى بلدته حران إثر إطلاق النار عليه من قبل عناصر مسلحة من البدو بالقرب من قرية الدويرة.
وأثارت هذه الحوادث التي تعيشها محافظة السويداء الكثير من الجدل والاستنكار، واختلفت آراء الناشطين حولها فمنهم من يشكك في التوقيت، متسائلا لماذا الآن يختطف مدنيون من أقرباء عصام زهر الدين في (الصورة الكبيرة)، علما أنّ آل زهر الدين من الأسر المعروفة بعلاقاتها الوطيدة مع النظام، وولائها له وقد شغل أبناؤها مناصب في السلطة السورية، فالأمر واضح لهم بأن النظام هو من دفع موالين له من البدو لإحداث هذه الفتنة حتى يصطف أبناء السويداء موالاة ومعارضة في صف واحد، فلم يعد همهم القتال من أجل الحفاظ على بقاء نظام بشار، أو إسقاطه بل يصبح في ظل التطورات الأخيرة نوعا من الدفاع عن الطائفة وعن الانتماء المذهبي، ويؤكد لهم ذلك إقدام العصابات البدوية في اليوم ذاته على اختطاف شباب من قرى شمال السويداء، والتي تبعد عن القرى الغربية ما يقارب 100 كم مطالبين بنفس الفدية والتي قيمتها خمسة مليون على كل مختطف، والهدف من ورائه هو أن تهب المحافظة بأكملها في مواجهة البدو بعد أن فشل النظام في إشعال الفتنة بينها وبين جارتها درعا، فيكون بذلك قد حمّل الثورة في المنطقة الجنوبية بصمات طائفية أمام مرأى القوى العالمية التي تقف ضده في جنيف2.
في حين يخرج ناشطون آخرون هذه الحوادث من دائرة النظام وينسبوها إلى الفقر الشديد، والمعيشة الصعبة التي يعيشها البدو الآن بعد انقطاع تجارة التهريب من جهة العراق والأردن لعدم توفر الظرف الآمن بالنسبة لهم.
فتنة النظام
وكان لناشطين سياسيين رأي مختلف مبني على تسريبات أمنية مفادها، أن النظام يحضر لفتح جبهة في اللجاة لذلك أقدم على افتعال هذه الفتنة بين الدروز والبدو ليضمن مؤازرة جيش الدفاع الوطني له في تمشيط منطقة اللجاة من فصائل الجيش الحر، خصوصا بعد الموقف الحاد الذي اتخذته الهيئات الاجتماعية والروحية بمنع أبنائهم من القتال خارج حدود السويداء، كما ورصد مراقبون انطلاق 12 غارة جوية من مطار خلخلة العسكري باتجاه منطقة اللجاة ودرعا خلال اليومين الماضيين ما يوحي أن ما تسرب لناشطي السويداء قد بدأ فعلياً.
وفي ظل أجواء التوتر والقلق الشديدين اللذين تعيشهما محافظة السويداء هذه الأيام، تزداد مخاوف الناس من إقحامها في حرب أهلية مع البدو من جهة، ومع سهل حوران من جهة أخرى، الأمر الذي حاولت السويداء جاهدة منذ بداية الثورة السورية عدم الانزلاق إليه.
تابعوا "زمان الوصل" على "الفيس بوك"
تابعوا "زمان الوصل" على "الفيس بوك"
سارة عبدالحي - السويداء - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية