أجل ..بقاء الأسد رئيساً هو الضامن الوحيد...!
ستعي المعارضة قبيل الاستحقاق الرئاسي في سوريا ولو بأيام، كما حزمت أمرها لجنيف قبل أيام، ماذا يعني العزف على الشيء الوحيد المشترك في اجتماع جنيف، "القرار للشعب السوري" فبين التصعيد الذي أطربنا خلاله رئيس الدبلوماسية الأمريكي جون كيري خلال مؤتمره الصحافي بعد اليوم الأول من المؤتمر، والذي ذكرنا بسابقته هيلاري كلنتون، قبل أن تنسحب، أو تغيب وتصريحاتها عن الأضواء، وبين حتى ماقاله السفير السوري بشار الجعفري، رغم تخبطه وضياعه هذه المرة وظهوره أمام الصحافيين عاريا من أي منطق وحجة تتناسب وهدف انعقاد المؤتمر، وهما –كيري والجعفري- طرفا نقيض إن جازت التسمية، هو فقط "القرار للشعب السوري" هذا قبل أن يطلقها الرئيس الإيراني حسن روحاني، وبالتوازي مع مؤتمر جنيف، الذي أُبعد وبلاده عن حضوره لعدم إقرارهما بماجاء في جنيف1، بل ومن مكان ليس بعيد"مؤتمر دافوس" أن لا حل إلا بالانتخابات والقرار للشعب السوري.
ماذا يعني العزف على "الشعب" وكأن للمواطن السوري باعاً في الديمقراطية وحق انتخاب الرئيس وتقرير المصير، ووكأن صوتا واحدا من أصوات السوريين، كانت تقلب ميازين الصناديق، ولكم هددت تلك الأصوات الأسد الأب قبل الأسد الابن وتركت "البيعة والتجديد والاستفتاء" على شفا بضع أصوات مع الشخص المنافس للرئاسة في سوريا!
أجل، من منطق أخلاقي أو ربما واقعي، كل ما يقوله النظام وطهران وموسكو، والآلة البشرية والإعلامية التي يستخدمونها لهدف ترشيح وريث السلطة بشار الأسد، تبعث على النزق والاستفزاز، أما في السياسة، فتلك "لعبة"ممتعة ومغرية في آن، وإطلاقها ليس على مبدأ "إن لم تصب تطوّش" فحسب، بل بوصول الأسد الابن للرئاسة الثالثة تضمن قتل الثورة "الإرهابية" ومصالح الحلفاء..أو على الأقل، يقود الرئيس الممانع البلاد إلى التقسيم، وهو الحل الوحيد في واقع الهوة السحيقة بين"طرفي النزاع"على حسب ما اتفق أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون والمبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي.
وفي حال عدم قبول ترشيح بشار الأسد، فثمة صفقة، يجب أن تكون كبيرة بحجم عفته وغيّريته وتركه المنصب كرمى للوطن والشعب، أقلها -الصفقة- إبعاده وأسرته وعصابته، عن أي محاسبة مستقبلية تتعلق بجرائم القتل والإبادة، والتي كان آخرها، تسريب أكثر من 50 ألف صورة موثقة لمعتقلين قضوا بطرائق همجية تدلل على الذهنية التي يحكم خلالها بشار الأسد.
قصارى القول: يحتجز النظام السوري في المدن الساحلية أكثر من ثلاثة ملايين مهجر من المدن الداخلية، وحافظ النظام على مغيبييه عبر الرشى والشعارات والطائفية، وفي المقابل، شيطّن الثورة عبر "داعش"وأخواتها، وهجر-بلا عودة- مئات الألوف وبعودة مشكوك بها الملايين.
أمام هذا الواقع على الأرض، المدعوم شكلانياً بكذبة الديمقراطية وقرار الشعب، لو ترشح الأسد الابن للرئاسة فما هو احتمال فوزه.
قبل محاولة الإجابة، دعونا نسأل على عجالة، من هو المرشح على الضفة الأخرى، أو في صيغة أدق، من هم مئات المرشحين من المعارضة، فإن شاهدنا رشى وانسحابات، بل وتخوين لأجل رئاسة إئتلاف دورية، فماذا يمكن أن نرى لأجل رئاسة دولة بعد صراع لسنوات، سيدخل رئيسها التاريخ من بابه الأوسع، ليس لأنه صاحب قرار بتوزيع كعكة إعادة الإعمار وعقود النفط ورسم علاقات سياسية جديدة فحسب، بل ولأنه سيكون المخلص لسوريا من استمرار تدفق شلالات الدم...أو سينسب إليه على أقل تقدير.
في العودة للإجابة على حظوظ بشار الأسد في دورة رئاسية وراثية ثالثة، ستكون وفيرة ولا أدنى شك، فبعيداً عن أي اعتبار، سيكون للأسد أصواتا "شبيحته" وما ملكت يمينه ومن هم في المدن القابعة قسراً وبقوة السلاح، تحت سيطرته، في حين تتشتت أصوات المعارضة على حسب عدد المرشحين، بعد أن شابهم -أو جلهم- شكوك واتهامات، أثناء عملهم في مؤسسات المعارضة.
قصارى القول: قد يؤثر "الكبار"على لعبة الديمقراطية وأكذوبة "قرار الشعب السوري" لأن الرئيس الأسد، هو الضامن الوحيد لبقاء سوريا في حالة احتراب، ولعل هذا -الحرب – الشيء الوحيد المتفق عليه بين الجميع، حتى الآن على الأقل.
لذا، أعتقد من الخطأ السير وفق ما يقترح الآخر، بل الحل في هكذا حالات، يأتي عبر نسف الاقتراح من جذوره، فبشار الأسد لم يصل للسلطة عبر صندوق وديمقراطية، بل وصل بعد توافق الكبار والإيعاز إلى الصغار ليفصلوا له دستور على حسب عمره، ومدد لدورة وراثية ثانية وفق الطريقة والآلية ذاتها التي مدد عبرها الأسد الأب لثلاثة دورات قبل أن تسري مقولة إلى الأبد، فلا مرشح آخر ولا حل إلا في تجديد البيعة للقائد الرمز الذي بنى سوريا العميقة وفق مقاس أسري مافيوي، فهو عبر"النعم" وبالدم أحياناً، أو حرق البلد كما نرى اليوم.
الرد على مايقال الآن من أن الأسد لن يتخلى على السلطة يتأتى وببساطة عبر أي سوري، هل قدر السوريين، لطالما لم تحولوا سوريا لمملكة بعد، أن يبقى الأسد لأكثر من 44 سنة في الحكم، ألم يرث الابن سوريا عن أبيه لأربعة عشر سنة، أي قانون وأي دولة حكمها جمهوري برلماني بالعالم تجيز لرئيس أن يبقى رئيساً، حتى وإن عدل الدستور واشترى بالمال أو بفوهات البنادق، أصوات ناخبيه...طبعاً عدا قانون القوة الذي تكرسه طهران وموسكو، و الدول الممانعة ككوريا الشمالية وكوبا..
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية