"زمان الوصل" تتحرى ملابسات مقتل "الحضرمي".. سوري كان أميرا لتنظيم الدولة قبل أن يجني عليه التزامه بأمر "الظواهري"!

تفجرت قضية إعلان قتل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لأمير جبهة النصرة في الرقة "أبو سعد الحضرمي"، لاسيما أن الإعلان عنها جاء في بيان رسمي، وعقب أيام من خطاب صوتي لزعيم الجبهة "أبو محمد الجولاني" تحدث فيه صراحة عن قضية "الحضرمي" واختطاف تنظيم الدولة له، حيث قال حينها إن مصيره "بين مجهول ومقتول".
وكانت صحيفة"زمان الوصل" من أوائل من نقل يوم الأحد بيان "الدولة" الذي أقر فيه بقتل "الحضرمي" لاتهامه بـ"الردة"، وها هي الصحيفة اليوم تحاول كشف ما خفي من ملابسات قتل "الحضرمي"، لاسيما أن الإعلان عن قتله بهذا الوضوح يحمل دلالات خطيرة، أولها وصول الأمور بين "الدولة" و"النصرة" إلى تقاطع طرق ينذر بافتراقهما كليا إن لم يكن تصادمهما، بعدما كانت بوارد هذا الافتراق قد ظهرت في عدة مواقف سابقة، وثاني تلك الإشارات ما يتردد عن أن "الدولة" قد تكون وضعت "النصرة" فعلا في صفوف محاربيها، الذين تصفهم بـ"المرتدين" و"الصحوات"، وترصد المكافآت لـ"قطف رؤوسهم"، وثالث الإشارات التي يحملها إعلان قتل "الحضرمي"، الموقف الذي يرتقبه البعض من زعيم تنظيم القاعدة "أيمن الظواهري" حيال هذه الحادثة، والذي يتوقع -إن جاء- أن يدفع نحو تمايز جلي في ساحة "الجهاد" في سوريا، كما دفع من قبل إلى تمايزات أقل جلاء، لاسيما عندما أمر "الظواهري" زعيمَ تنظيم الدولة "البغدادي" بفسخ ما أعلنه من اندماج مع جبهة "النصرة"، والاكتفاء بإمارة "الدولة الإسلامية في العراق" فقط، وترك أمور التنظيم في "الشام" لجبهة النصرة، وهو الأمر الذي انطلقت منه شرارة التمايز وانطلقت منه أيضا شرارة قتل "الحضرمي" كما سيتضح معنا من خلال متابعة شهادة واحد من أبرز شرعيي جبهة النصرة وقضاتها، والتي صدرت عنه بعيد إعلان "الدولة" عن قتل "الحضرمي".
وقبل الخوض في ملابسات قتل الحضرمي كما طرحها شرعي النصرة، وكما رد عليه بعض مناصري "الدولة"، لابد من الإشارة إلى أن المعلومات التي تقاطعت لدى "زمان الوصل" تشير بأن "أبو سعد الحضرمي"، ليس من خارج سوريا، كما توحي "كنيته" التي تنسبه إلى حضرموت في اليمن، بل هو سوري، وهو فوق ذلك من القيادات المهمة التي كان لها تأثير بالغ على الأحداث في الرقة، قبل وبعد تحريرها.
يقول أبو حسن الكويتي (شرعي النصرة) معلقا على مقتل الحضرمي: "أبو سعد الحضرمي" رجل سلفي ذو سابقة، وله تأثيره بين المجاهدين وعامة الناس. كان الشيخ أمير الرقة في الدولة؛ فلما جاء خطاب الشيخ الظواهري بالفصل بين الدولة والجبهة. ترك "الدولة" إلى "الجبهة" ديانة وطاعة لأميره (يعني للظواهري).
ويتابع "الكويتي": وكان ممن خرج مع الحضرمي للجبهة، أمير مجلس شورى الدولة في الرقة وإداريها العام أيضا؛ فكانت هذه ضربة للقوم (يعني لتنظيم الدولة)، وكان مما قاله الحضرمي لصاحبيه: هؤلاء يقطعون رأس من خرج منهم، فقال: هذا مبدأ ودين ويجب أن نضحي لأجله!
ويواصل شرعي النصرة: تم بعد مدة اعتقال صاحبيه (يعني أمير شورى الدولة وإداريها العام) بعد خطفهم، أما "أبو سعد" فخرج وخرجت معه مجموعة من 35 مجاهدا، وبايعوا "النصرة"، وبدأ العمل وكان له تأثير وكان يأخذ بيعات للنصرة.
ويمضي "الكويتي" راويا أن صاحبي "الحضرمي" استطاعا الإفلات من قبضة تنظيم الدولة في الرقة بحيلة، وتمكنا من التوجه نحو حلب ورجعا إلى "النصرة"، وأما "الحضرمي فقد خطف بعد ذلك غدرا.
ويؤكد الكويتي أن "الحضرمي" اختفت أخباره حتى صدر بيان الدولة اليوم (يقصد الأحد) أنهم قتلوه لردته، ويضيف: علما أن النصرة طالبت بالحضرمي من أول اختفائه وسألت عنه الدولة في الرقة وأنكروا، وبعد تحر ثبت أنه عندهم وراجعت "النصرة" تنظيم "الدولة" وقالوا: طيب سوف نخرجه.
ويصف شرعي النصرة وعود "الدولة" بالإفراج عن "الحضرمي" بأنها كانت مجرد مماطلة وتهميش؛ "حتى بلغنا أنه قتل في سجون الدولة!".
ويواصل: لايخفى على المتابعين للأحداث التسجيل الذي نشر بين شرعيّ النصرة في الرقة وهويطالبهم بشرع الله؛ فيجيبه شرعي الدولة: لأقتلنك شر قتلة يا خنزير، وهذا الذي يحدث من الدولة في الرقة لا أقول إنه يجري في كل مكان منهم، وإني لأظن عقلاء الدولة وفضلاءها لا يقبلون مثل هذا.
ويختم "أبو حسن الكويتي" قائلا: كنا دائما لا نذكر ما يجري، ولكن حين يصدر بيان من دولة الرقة! بقتل الشيخ والحكم بردته بكل جرأة وبرود؛ فقد وجب الرد والبيان.
وفي تحريها لما ورد بخصوص ملابسات اعتقال وقتل "الحضرمي"، وجدت "زمان الوصل" أن هناك رواية من شرعي آخر في "النصرة" كان ملازما لـ"الحضرمي"، تتقاطع مع رواية الكويتي، وتؤكد أن "الحضرمي" نصب أميرا لتنظيم للدولة في الرقة تحت ولاية "أبو لقمان" بعد بيان تشكيل دولة العراق والشام الذي أصدره "البغدادي"، ومع صدور بيان عن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، بخصوص حل دولة العراق والشام، صرح "الحضرمي" أنه سيلتزم ببيان "الظواهري"، ووافقه على ذلك مدير المالية أبو دجانة وغيره، وفق رواية "أبو حور" أحد شرعيي النصرة.
ويسرد "أبو حور" معلومات شديدة الشبه بما أورده "الكويتي"، مع بعض التفصيلات التي توضح عن كيفية إفلات "أبو دجانة" من معتقل الدولة، وعن انتقال "الحضرمي" إلى منطقة "رأس العين" ثم عودته إلى الرقة ونجاحه في افتتاح مقر لجبهة النصرة، ثم تعرضه للاعتقال على يد "الدولة".
وقد تولى أعضاء من الدولة ومحسوبون عليها الرد على روايتي شرعيي النصرة (الكويتي وأبو حور)، معتبرين أن "الحضرمي" كان جاسوسا للائتلاف سرب له معلومات حساسة.
ولعل أكثر ما يثير الانتباه في قضية "الحضرمي" أن جميع تعليقات عناصر النصرة وقياديها على الحادثة، تظهر أنهم بالفعل كانوا غير قادرين على تحديد مصير "أميرهم" في الرقة حتى ظهر بيان "الدولة" الأحد، رغم ما يفترض أن يكون بين "النصرة" و"الدولة" من تعاون وتواصل، ولو في أدنى الحدود.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية