أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مرة أخرى..أنا مع جنيف وهذه هويتي

من أغرب ما قرأت ولم أزل، الدعوة إلى مقاطعة مؤتمر جنيف2، ليس لأن الداعي لا يمتلك بديلاً للنصر وحقن الدم ويحافظ على ما تبقى من بنى وبشر وتعايش، أو لأنه وجد في الثورة عملاً وضَوءاً وكينونة، بل ولأن المقاطعة أسهل الحلول وتؤكد ما يذهب النظام وبعض الأشقاء وجل "الكبار" إليه، فتحويل الثورة إلى حرب أهلية وحرب على الإرهاب، غدت واقعاً على الأرض، وليس لمنطق النعامة أي مفعول، وإن آثرنا الطمر والتستر والتبرير.

أما الأغرب فكان التصميم على عدم ذهاب إيران، بل واشتراط ذهابها بعدم حضور المعارضة السورية، وكل المشترطين يعلمون يقيناً أن طهران هي اللاعب الأهم في القضية السورية، بل ولا حل إن لم يمر عبر ضغط "المرشد" ويضمن الإبقاء على مصلحة "فارس" على أرض آداد وكنعان.

أما أن تزف واشنطن نبأ إقصاء إيران عن مؤتمر جنيف2 ترضية "للمبدئين" فذلك يؤكد فيما يؤكد، أن الولايات المتحدة مصممة على قرار عدم الانتصار و استمرار الدم على الأرض السورية، وأن ثمة مالم يتحقق بعد، إن لجهة مطالب طهران أو تل أبيب ...أو حتى بعض عرب الخليج.

بداية القول: ما أجمل أن يسقط الأسد وعصابته- دن أن تسقط الدولة- اليوم، ويقيم السوريون دولتهم المدنية ذات النظام الجمهوري البرلماني، المعتمدة القانون مظلة والتعددية نهجاً وتداول السلطة اكسيراً، فيستقدمون مهاجريهم ورساميلهم وطاقاتهم، ويقدمون إنموذجاً للعالم عن أن المورثات في جيناتهم تترجم واقعاً وحضارة.
بيد أن ثمة فوارق شاسعة بين الواقع والسياسة والأماني والأحلام بل وحتى المراهقة، وكل الأخطاء والسكوت عنها، ابتداء من هروب المثقفين مطلع الثورة وصولاً إلى اعتماد عدو العدو صديق نهايةً، تتجلى مكاسب على الأرض للنظام الذي قايض كرمى بقائه وعصابته، بكل مافي سوريا ولها، وانعكست سلباً على ثورة خرجت بنقاء الثلج لتتحول لمعارك ثانوية لها علاقة بالمال والسطوة وبفرض شرائع ما أنزل الله بها من سلطان، ولعل استمرار المتاجرة بالدم ورمي السوريين للموت والسوريات لينزفن دماً أسود لفرط الانتهاك، هو ما لم يغفره التاريخ، حتى وإن استبشر التجار بالنجاة ..من تغيير الجغرافيا.

أما أن يؤثر البعض الثورية ويفّرق على الدوام بينها وبين المعارضة، فذلك لعمري من ميزات السوريين الذين خالفوا منطق الثورات وأضافوا لتواريخها ما أدهش، جرّاء استمرارهم وتصميمهم رغم اليتم الذي يحيق بهم وبثورتهم وبقضاياهم، أما أن يكون التصميم دونما أدوات وسياسة، فذلك على ما أحسب، هو الانتحار بعينه والمتاجرة بما لا يملكون ولا يحق لهم، شرعاً ووطنية وأخلاقاً، أياً بلغت خطاباتهم وتزينت جملهم بألفاظ وصور دم بيانية، تثير –وإن إلى أجل- حمية الشباب على الأرض، الذين صدقوا ولم يبدلوا تبديلا.

قصارى القول: بدهياً أن مؤتمرجنيف2 لن يأتي بأي حل، مباشر على الأقل، بل هو لقاء محاججة ستتجلى على الأرجح عبر كلمات وخطابات وربما مفاوضات عبر وسطاء، لكنه ممر إجباري لتفاهمات لها علاقة بسياسات ومصالح دولية، لذا السؤال البسيط يكمن في... ماذا سينتج عن مشاركة المعارضة وماذا يمكن أن ينتج عن مقاطعتها، وكيف يمكن أن تستفيد من محطة ضمن سياق وتمرر رؤيتها للكبار والشركاء دون أن تستمر في تهديد مصالحهم عبر سوريا المستقبل، كما فعلت ولم تزل، عندما جيّرت الثورة لتقوم على العالم بأسره، ابتداء من طهران وموسكو والصين...وصولاً إلى كل ما لم يلتحِ ويطبق شريعة المهاجرين الجدد، وكأن السوريين قاموا في آذار 2011 لإحقاق الحق وإغاثة الملهوف على أصقاع الأرض كافة.

وأيضاً، كيف ستمنح المعارضة النظام فرصة فيما لو لم تذهب، آخذين على الدوام بالاعتبار أن قياس السياسة بمسطرة الحق والعدل والمنطق هو سلاح الهواة، وأن الأشقاء الذين حرفوا عبر مالهم السياسي ثورة الكرامة، انسحبوا حتى من عرض خبر دم السوريين عن محطاتهم التلفزيونية مصدر التشويه لحقيقة السوريين وثورتهم، وأن الأوروبيين والأمريكان الذين كرسوا مقولة ارحل، بدأوا يفكرون في كعكة النفط وإعادة الإعمار، بل واستعادة سفراء بلادهم لدمشق..وإن عبر بيروت.

كل هذا إن لم نأت على حال المهجرين والمرابضين الذين يموتون جوعاً وإعلان الأمم المتحدة توقيفها لعداد الدم وأعداد القتلى السوريين.

نهاية القول: لا أستبعد أن أرمى لرأيي بأكثر من حجر، بل وأن يتنطع جياع الحكي وموظفو الثورة لوصفي بما يسكنهم من بقايا ذهنية التخوين والتآمر، بيد أن التاريخ يسجل للجميع، بما في ذلك المعارضة السارقة تمثيل السوريين عنوة، إن لارتباطها و رشاها لتسرق الضوء والكراسي، أو لعدم اتفاقها ولو على وفد ينقل ما آلت إليه الثورة وسوريا لمحفل دولي حضوره من منطق الواقع والممكن والسياسي إلزامياً...حتى ولو انسحبوا بعد الافتتاح بساعة.

(179)    هل أعجبتك المقالة (177)

نهى مصطفى

2014-01-12

كلام الدكتور عدنان فيه منطق وإنسانية وواقعية...لكن التجار والكبار كما وصفهم لم ولن ولا يسمحوا بأي حل.


زياد عبد القادر

2014-01-12

رح يحضروا المؤتمر .. ولكن المؤتمر لن يعطي للسوريين اكثر من الذي سبقه !!.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي