أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حديث الثورة "ائتلاف العمالة"

عُقِدَ اجتماعُ الائتلاف لوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أيام 5و6و7 كانون الثاني 2014 في مكان شبه سري، يبعد عن مدينة إسطنبول أكثر من مئة كيلومتر، وذلك لدواعٍ- كما قيل لنا- أمنية!.. تنطلقُ من خوف الحكومة التركية وقوى الأمن التركية على سلامة أعضاء الائتلاف الشخصية!

إن هذا الإجراء، في الحقيقة، يدعو للابتسام، ويمكن للمرء أن يتمادى قليلاً فيضحك، أو يقهقه.. فلأول مرة نشعر، نحن أعضاء الائتلاف المساكين، بأن لنا قيمة، ويوجد أناس حريصون على سلامتنا.

إن الائتلاف- إذا كنتم تريدون الحق ولا تريدون ابنَ عمه الباطل- حائطُهُ واطىء، يحق لمن يسوى، (ومن لا يسوى أيضاً) أن يستهزىء به، ويُقَرِّعَهُ، ويبهدلَهُ، ويوبخَهُ، ويمتلك خيارات عديدة فيما يتعلقُ بالسباب عليه، إذ يستطيع أن يسب عليه بالجملة (باكيج)، أو بنصف الجملة، فيلعن سنسفيل إحدى مكوناته الرئيسية (الإخوان المسلمون- الديمقراطيون- الحراك الثوري- الجيش الحر- المجالس المحلية- اللجان الثورية- رجال الأعمال- الشخصيات الوطنية)، أو بالمفرق، فيسب على النساء والحريم اللواتي يلذن بعضو ما من الائتلاف، عضو لا على التعيين.

وإن كنتم، أعزائي القراء الأكارم، تعتقدون أن أعضاء الائتلاف يهتمون للسباب، فلا شك في أن حالة ضبابية تنتاب تفكيركم في هذه اللحظة التاريخية. 

ذلك أن السباب كان عبارة عن نشاط بسيط تَلَازَمَ مع فترة تاريخية أصبحت الآن- كما يقول الرفيق قدري جميل- (ورانا)!.. وأصبحنا نتمنى لو تعود تلك الفترة الظريفة مثلما تمنى الشاعرُ أن تعود إليه أيامُ الشباب ليُخبرها بما فعلَت به أيام المشيب حيث أمسى يسعلُ حتى يكاد يختنق، ويضرط حتى يفتضح بين الأعراب.
فلو أصغيتَ إلى إعلام النظام الذي يقوده الرفيق الشبيح الدكتور عمران الزعبي، بوصفه امتداداً للرفيق المنحبكجي الراحل أحمد إسكندر أحمد- لكان سمعُك امتلأ بعبارات الاستهزاء من (ائتلاف الدوحة)، (ائتلاف العمالة)، مع إفراد صفحة خاصة بالاستهزاء لكل مكون من مكوناته على حدة، ولكل عضو من أعضائه على حدة.

والسادة الذين كانوا يأملون بأن يكونوا أعضاء في الائتلاف ولم يحالفهم الحظ في ذلك يقولون عنه (الإتلاف)، و(الاعتلاف)، ويؤلفون القصص والحكايات المسلية عن ولع أعضائه بالنوم بالفنادق، وقبض الألوف المؤلفة من الدولارات،.. وعن المحسوبيات، وتوظيف الأقارب، وتطبيق النسوان.. إلخ. 

وأحياناً يكون نقد الائتلاف ظريفاً وكاريكاتيرياً مبدعاً.. فقد رأى أحد الشعراء الكبار أن اجتماعات الائتلاف تؤدي، في الواقع، إلى عكس ما هو مرجو منها، وكتب قصيدة جميلة نشرناها في مجلة "كش ملك" هذا مطلعُها:
تَجَمَّعَ في اسطنبولَ أعداءُ بَشَّــــارِ
محاسيبُهُ إن جئتِ للحق يا ماري
مهمتُهم ترسيخُ أركان حكــــمــــــــــــــــــه
بترحيل من لم يطردوهم من الدارِ
وتكديس سكان البـــــــــــــــلاد بأسرهم
كما تُحْشَدُ الأغنام في خيم العارِ

 ثوار الداخل، في مرحلة من المراحل تالية، أعلنوا، وسربوا إعلانهم إلى أعضاء الائتلاف بأن من تسول له نفسه أن يدخل إلى الأراضي السورية سوف (يُجَوِّلُونه)، أي يأسرونه ويضعونه في كيس من الخيش كما هي العادة.

و(التجويل) لمن لا يعرف، يليه العرض على المحكمة الشرعية!!.. فإذا كان عند مقام المحكمة شيء من (الزحمة) قد لا يصح للعضو (المُجَوَّل) دَوْر قبل عدة أيام يتعرض خلالها للنكش واللكز والاستهزاء على نحو قريب مما يتعرض له المعتقلون لدى المخابرات السورية، وربما يقوم أحد القضاة الذين خَرَّجَهُم الائتلاف بعد دورة قضائية مدتُها أسبوع واحد بمحاكمته، ويكون هذا من حسن حظه، فالقاضي وقتها قد يخجل ممن ساهم في جعله قاضياً بهذه السهولة، ويأمر بإطلاق سراحه.. 

المرحلة الأخيرة التي وصلت إليها العلاقة بين الائتلاف والمناطق المحررة هي مرحلة (داعش)، وتتلخص في أن هذه الأخيرة أعلنت عن مكافآت قيمة لمن (يقطف) رأس أحد أعضاء الائتلاف العملاء لأمريكا الكافرة! يقبضها نقداً، بالدولار الأميركي الحقير حصراً، إضافة إلى (الثَوَاب) الكبير الذي ستسجله ملائكة الرحمن في صحيفته الشخصية.  

ولعل الذنب الرئيسي لأعضاء الائتلاف المذكور عند الذين يهاجمونه هو ابتعادهم عن الداخل.. يعني أن أحد ذنوب الائتلاف الرئيسية هو أنه لا يضم عدداً كافياً من (الفدائيين) المستعدين لتسليم أنفسهم لـ (التجويل)، أو وضع رؤوسهم بين الرؤوس والتكبير لقطاع الرؤوس، مع توجيه تحية خَصّ نَصّ لروح الحجاج بن يوسف الثقفي الذي اخترع حكاية الرؤوس المونعة التي تنتظر (القطاف)! 

من كتاب "زمان الوصل"
(128)    هل أعجبتك المقالة (128)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي