رداً على التعليقات أدناه... | |
|
هل أعلن دروز إدلب إسلامهم...؟

تناقلت الصفحات التابعة لجبهة النصرة نبأ إعلان دروز جبل "السماق" في محافظة إدلب إسلامهم، لكن كيف إذا كانوا أصلاً مسلمين؟، وما هو موقف هذه الفئة من محيطها المنتفض منذ ثلاث سنوات؟.
الخبر الذي أوردته العديد من المواقع المحسوبة على بعض الكتائب الإسلامية، تحدث عن إعلان 18 قرية درزية إسلامها، وفي فحوى الخبر بعض التلميحات التي تتحدث عن خوف هذه الطائفة من مد المتطرفين المتمثل في "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وهو خوف مشروع يساور جميع القاطنين في سوريا اليوم بمختلف طوائفهم ودياناتهم، بما في ذلك الإسلام المعتدل.
ولكي نضع الأمور في نصابها علينا التأكيد على أن طائفة الموحدين الدروز هي إحدى طوائف الدين الإسلامي، وكتابها هو القرآن، وما يتم تناقله عن إعلان الإسلام هو أمر قائم لا جدال فيه، لكن إعلان الإسلام على الطريقة "الداعشية" إن صح التعبير يبدو أمراً ملزماً بدافع غريزة البقاء المهددة من قبل المتطرفين.
وقبل سرد واقع دروز إدلب خلال سنوات الثورة، علينا الإشارة إلى أن دروز إدلب يبدون أكثر محافظةً في حياتهم، من باقي الدروز المنتشرين في جبل العرب وجبل الشيخ وجرمانا، وهنا ما نريد قوله أنه لا يوجد ما يثير حفيظة المتطرفين تجاه هذه الفئة التي ما زالت تتمسك بالكثير من القيم والمحافظة في اللباس والاختلاط والكلام .. إلخ.
أما في سنوات الثورة فكان تعاطي دروز إدلب مع محيطهم المنتفض مختلف عن المواقف التي أعلنها الدروز "مكرهين أو راغبين"، ففي السويداء أو جرمانا لم يسمح النظام ببقاء الدروز على الحياد، حيث قام باستخدام أراضيهم لضرب الجوار، إلى جانب تجنيد المئات منهم ليقاتلوا إلى جانب النظام، ما أعطى انطباعاً بأن الدروز في تلك المناطق تقف إلى جانب النظام، رغم أن هذا الأمر غير حقيقي.
لكن في القرى الـ 18 الدرزية الواقعة في جبل "السماق" والتي تضم ما يقارب 30 ألف نسمة، استطاعوا البقاء على الحياد، حيث لم يمارسوا أي فعلٍ يضر بالثورة، وفي الوقت ذاته لم يشاركوا بها بشكلٍ مباشر سوى أفراداً، وعلى المقلب الآخر احترم المنتفضون حياد هذه القرى، واكتفوا منها بأن تكون حضناً آمناً للاجئين، وهذا ما حدث بالفعل، حيث استضافت القرى الدرزية اللاجئين، وتأكيدات الأهالي هناك تتحدث عن حالة توافقٍ مع المحيط ولم يتعرض الثوار لهذه القرى، ولم تسجل أي حادثة طائفية تذكر، إلا بعض حالات الخطف، وهذا الحياد حسب للدروز حتى من قبل المتطرفين.
"كمال" أحد الشباب من قرية "كفتين"، والذي يقطن في دمشق، ذهب لزيارة خطيبته في القرية، وتعرّض للخطف قبل عامٍ تقريباً على يد الجيش الحر، والسبب أنهم وجدوا على جواله المحمول صورة له وهو يحمل السلاح، لكنهم أطلقوا سراحه بعد أن تأكدوا من أن الصورة تعود إلى أكثر من أربع سنوات خلال خدمته العسكرية، ورسالتهم له كانت واضحة، بأن دروز إدلب هم أهلنا.
ومجازاً نتحدث عن حيادٍ مارسه أبناء الطائفة الدرزية في إدلب، لكنهم في واقع الأمر كانوا يحاولون تصحيح النظرة السائدة عن الجيش الحر لا سيما تلك القائمة في ذهن أبناء جلدتهم في المناطق الأخرى.
"أم وليد" سيدة متزوجة في السويداء وهي من قرى إدلب تخبرنا أن أهلها لطالما كانوا يؤكدون على أن كل ما نتخيله عن الثوار عارٍ عن الصحة.
لكن هل تغير الحال بعد دخول جبهة النصرة وداعش على خط الثورة؟، الإجابة حسب مصادر مطلعة تؤكد أن أبناء القليل من أبناء القرى الدرزية في محافظة إدلب استطاعوا الوصول لمحاصيلهم من الزيتون هذا العام، والسبب هو عصابات السرقة والنهب من جهة، ومن جهةٍ أخرى الخوف من المتطرفين، لكن المصدر نفسه ينفي أن يكون هناك إعلاناً للإسلام بالصورة التي يتم تسويقها، فالدروز مسلمون أصلاً، ومحافظون ليسوا بحاجةٍ إلى هذا الإعلان.
ويبقى السؤال بوصف هذه الطائفة من الأقليات شأنها شأن الأقلية العلوية والاسماعيلية والشيعية هل يمكن أن تحمي نفسها عبر تأكيدها على الانسلاخ من أقليتها والانصهار في محيطها السني؟، المصدر يؤكد وجود خوفٍ كبير لدى أبناء الطائفة من امتداد المتطرفين، وهذه حقيقة يعيشها السوريون عموماً، لكن لم يحدث إعلاناً، كالذي تحاول تسويقه بعض المواقع والصفحات.
وعلينا التمييز فعلياً بين إعلان الإسلام، أو إعلان الولاء "لداعش"، فمثل هذا الإعلان حدث بالفعل ضمناً أو صراحةً، كما حدث في مناطق سنية، تسيطر عليها الدولة، فالشمال الشرقي بغالبيته مجبر على إعلان مثل هذا الولاء.
تأكيدات من تواصلنا معهم من أبناء إدلب القاطنين في دمشق تنفي صحة الادعاءات التي تتحدث عن إعلان الإسلام، والسبب أن هذه الفئة مسلمة فعلاً، لكن إلى الآن هناك صعوبة في التواصل مع مشايخ ووجهاء قرى إدلب لتأكيد أو نفي الخبر.
زينة الشوفي - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية