أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأديب والمخرج جباعي من دمشق لـ"زمان الوصل": أحلم بعرض كرنفالي بين العباسيين والأمويين، يحضره الشهداء والأرامل والأيتام والسجناء

جباعي: غسان مسعود "شبه ممثل" ونجدت أنزور طرد من السعودية والإمارات...

السياسة والفن جدليةٌ غير قابلة للفصل.. فمن الأقبية المعتمة نحو ضوء الشمس رحلة معاناة ومشقّة خاضها الكاتب والمخرج المسرحي "غسان الجباعي" راسماً عبر مشاهده المسرحية ومؤلفاته القصصية والشعرية لوحة حملت ألوان ثورة.

"الوحل، أصابع الموز، رغوة الكلام، جنراليوس"...... نصوصٌ قصصية وأشعارٌ ولدت في عتمة السجن وتسربت إلى النور بعودته إلى الحياة.

ومن "الشقيقة" إلى "جزيرة الماعز" صعوداً نحو "سلالم" وصولاً إلى "السهروردي" قدم غسان الجباعي عروضه المسرحية ثورةً...على الذات وعلى الواقع بكل ما يحمل من ظلم إنساني واضطهاد واستبداد سياسي ورجعية وتخلف اجتماعي، وعولجت بقوالب فنية حملت مضامينها, وإسقاطاتها الواقعية بكل أناقة وإبداع، فارضاً رؤاه الحياتية فنياً حقيقةً ومنطقاً لم يستطع دحضة أو إلغاؤه أو منعه أحد، فأخذت معركته مع المؤسسة الثقافية السورية شكل الحرب الباردة، إذ رغم عروضه التي أثبتت نجاحاً كبيراً إلا أنَّها لم تؤرشف أو توثّق ولم يتم تصويرها تلفزيونياً شأنها شأن باقي إنتاجات هذه المؤسسة أياً يكن مستواها أو نجاحها الفني، كما وقد حاولت هذه المؤسسة عبثاً تحجيمه وأعماله عبر عدم افتتاحها رسمياً كما جرت العادة ولم تسخّر لها آلتها الإعلامية التي تنفخ بها على هواها، فكانت عروضه تخرج إلى العلن بصعوبة وبشق النفس.
غسان الجباعي السياسي والمعتقل السابق، كتب القصة والشعر أعدّ وكتب للسينما والتلفزيون ..لكن!! وكما يقول: يبقى المسرح حبه الأوحد.

ويأتي حوارنا معه برهاناً على استحالة فصل الفن عن السياسة. ليظهر لنا جلياً أننا خضنا معه عبر الكلمات .. فصلاً غنياً من فصول الحياة.


* نظام الأسد استثناء
س1: غسان الجباعي الكاتب والمخرج المسرحي والمعارض والسجين السياسي السابق، ما هو موقفك حيال ما يجري الآن في سوريا وما هو دورك؟

- ما يجري الآن في بلدي حدث تاريخي ملحمي لكنه أيضا حدث عادي في تاريخ الشعوب. كل الشعوب دون استثناء، ثارت ذات يوم على حكامها وطالبت بحقوق ها في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. لا نستطيع أن نستثني شعبا واحدا. الاستثنائي في الحالة السورية هو نظامها.. فالشعب الذي يخرج بصدور عارية إلى الشوارع والساحات، ومن جنوب سوريا إلى شمالها، للمطالبة بحريته وكرامته، بعد أربعين عاما من العبودية والإذلال، يستحق الاحترام والتقدير وليس الرصاص والقتل والتدمير.. كان يجب على أولئك الحكام أن يرضخوا لإرادة هذا الشعب العظيم لا أن يطلقوا علية الرصاص مع تهمة التآمر والخيانة والإرهاب ويحكموا عليه بالموت والتشرد.. وكنت أتمنى بعد ستة أشهر أو سنة أن يستخلص النظام السوري العبر ويوقف حلّه الأمني، لكنه أمعن في القتل والتدمير غير عابئ بالمخاطر التي بدأت تهدد وحدة الشعب والدولة والتراب السوري.. 

وموقفي هذا ليس نابعا من كوني معارضا أو سجينا سياسيا فقط، بل لأني أريد مثل الجميع أن نترك لأولادنا وطنا حرا أكثر جمالا وإنسانية، ومستقبلا زاهرا لجميع أبنائه دون تمييز..

أما عن دوري في هذه الثورة فلا دور يذكر لي في ظل الرصاص والقنابل والسكاكين. كان الموت أفضل من أن أرى السوريين يُقتلون بسلاح سوري، وحواري دمشق تقصف من جبل قاسيون بالصواريخ السورية.. أنا لا أتقن مهنة القتل ولا أستطيع ممارستها. ومهنة الثقافة والفن مهنة ذهنية بلا عضلات ولا مخالب. ولذلك أكتفي بالتأمل والأمل, ويا لها من مَهمة بائسة! لكني واثق من أن الشعب السوري سينتصر مهما طال الزمن ورغم كل المآسي والمصاعب والدم والدموع. سينتصر حلم السوريين أخيراً ببناء دولتهم المدنية الديموقراطية الحديثة, دولة القانون والعدل والمواطنة... 

س2: هل تحضر لعمل مسرحي أو درامي جديد له علاقة بالوضع الراهن أو غيره؟
- لا طبعا.

س: ولماذا؟
- لأن الأعمال المسرحية أو الدرامية يجب أن تتم "تحت سقف الوطن" ووطننا الآن بلا سقف للأسف.. علينا أولا أن نغير سقف الوطن ونستبدله بسقف جديد، حتى لو كان قطعة من السماء.. ثم إن هذه الأعمال تحتاج إلى جمهور يشاهدها. فالفن بلا جمهور لا معنى له. وجمهورنا الآن شهيد أو جريح أو مفقود أو مشرد.. إنني أحلم فقط...


س: وبماذا تحلم؟
- أحلم بعرض محلي كرنفالي أقيمه بين العباسيين وساحة الأمويين، يحضره جميع الشهداء والجرحى والأرامل والأيتام والسجناء السياسيين والمفقودين والمهجرين..

س 3: ختمت لقاءك مع "أنور بدر" حول عرضك المسرحي "السهروردي" عام 2007 بقولك: "مثلما قتلوا السهروردي لأنه فكر، سيحاولون قتل أي مثقف عندما يفكر. فالتفكير صار ممنوعا". هل تحققت هذه المقولة الآن؟
- كان ذلك حديثاً ثقافياً.. الآن يقتلون الجميع دون استثناء.. يقتلون جسد الشعب وروحه. وقد يكون المثقفون عادة هم "الفرقة الوحيدة الناجية" لأن أكثرهم موال للسلطة أو مسالم.. مجازر المثقفين بدأت منذ أكثر من أربعة عقود..

س 4: سجن عام 1982وأطلق سراحك عام 1991 ثم سجن ابنك عمر عام 2013.
هل ترى أي تغيير طرأ على السجون السورية؟ الآن نسمع قصص تعذيب "سريالية" أم لأن الإعلام سلط الضوء عليها ولم يكن كذلك في الماضي؟ 
- كان عمْرُ ابني أربعين يوما عندما سُجنت. هذا ما كُتب على أغلب السوريين.. أبناء السلطة يتوارثون السلطة ونحن نتوارث السجون.. وسجون نظام الاستبداد، لمن جربها، كلها "سريالية" وفي كل زمان ومكان.. إنها عملية وقف للحياة والذاكرة. أن تدخل إلى الموت حياً. أن تصبح عرضة للتعذيب النفسي والجسدي. أن يصبح الجدار صديقك عنوةً.. لم يكن أحدٌ يتصور ما الذي يجري من جرائم داخل السجون السورية في الثمانينات. عندما كنا نتحدث للناس عن تجربتنا القاسية لم يكن أحد يصدقنا. وهي بالفعل ممارسات لا يستطيع العقل السوي تصديقها. ما كانوا يفعلونه بنا سراً في الأقبية يفعلونه الآن علناً أمام الكاميرات ويتباهون به. والمعاملة في السجون الآن أكثر (حيونة). ليس فقط بسبب الإعلام الذي أضاء جانباً منها، بل أيضا بسبب وحشية الصراع وكثرة عدد المعتقلين وشراسة النظام الذي يظن أنه قادر من خلال القتل والإرهاب، على إعادة الناس إلى بيت الطاعة وكسر إرادتهم.. وفي أسوأ الأحوال دفعهم إلى العنف والتطرف..

س5: ما هو رأيك بحراك السويداء المدني والميداني، باعتبارك ابن هذه المحافظة؟
هل ترى بأن هناك سياسة ما لتحييدها وفجأة قد يُزجُّ بها في الحراك؟ وهل لعب شيوخ الدين دوراً في تحييدها وما مدى تأثيرهم على الشارع؟
- الحراك في السويداء بدأ في الشهر الأول للثورة، وما زال مستمراً حتى اليوم. وقد جوبه بعنف لم يسبق له مثيل من قبل الشبيحة والأمن. وعدد المعتقلين والشهداء تحت التعذيب من أبناء وبنات هذه المحافظة يشهد على ذلك. لقد كان النظام حريصاً جداً، ليس على تحييد هذه المحافظة فقط، بل على تحطيم وحدة الشعب السوري وتفتيتها. كانت هذه واحدة من أهم الاستراتيجيات التي وضعها لإنقاذ نفسه. مدعياً أنَّ الثورة دينية وأنَّه حامي الأقليات، وأن السنّة متعصبون وإرهابيون وسلفيون ووهابيون وسوف يقضون على بقية الطوائف إذا استلموا الحكم. 

س: وهل ترى أن الأمر غير ذلك؟
- الجميع يدرك زيف هذا الادعاء وأن الثورة هي ثورة شعب يطالب بالحرية والكرامة ضد نظام مستبد. وأن السنة في بلاد الشام معتدلون بطبعهم وعقيدتهم ووسطيون. وقد حكموا دمشق 14 قرنا، أي منذ معاوية وحتى انقلاب حافظ الأسد عام 1970 مع وجود هذا النسيج الديني والمذهبي وحتى القومي الذي عاش في ودٍّ ووئام حتى في ظل المماليك والعثمانيين.. فلو كان السنة متعصبين لما بقيت هذه الفسيفساء. ولو كان السنة طائفيين لما أصبح سلطان الأطرش في العشرينات قائداً للثورة السورية ولاجئاً في الأردن "الأزرق"، وجبال القلمون "النبك" وودادي السرحان "السعودية"، ولما أصبح فارس الخوري في الخمسينات رئيساً للوزراء ووزيرا للأوقاف السنية... قالوا يومها لسلطان الأطرش: فارس الخوري أصبح رئيساً للوزراء.! فسألهم وأين المشكلة؟ قالوا: إنَّه مسيحي. فقال: وهل سيحكم بالإنجيل أم بالقانون؟ قالوا بالقانون طبعا. فقال مستهجناً: وأين المشكلة إذا!؟ 

لم يعرف الشعب السوري الطائفية إلا في هذا الزمن الأسود الذي نعيشه الآن. وما انحراف الثورة عن مسارها اليوم إلا نتيجة للظلم والقمع والعنف المفرط والمدروس, الذي مارسه النظام والذي استولد عنفاً مضاداً, كان ضحيته الشعب الأعزل الذي ما زال رغم كل المآسي متمسكاً بوحدته وثورته السلمية. لقد فشل النظام في إذكاء روح الطائفية على المستوى الشعبي. فشلت كل محاولاته في تحريض أبناء الجبل على أهالي حوران. وحدث عكس ما يريد. فقد رفض أهالي الجبل قتال أهل درعا ولجأ ما يزيد عن مئتي ألفاً من درعا وريف دمشق وغيرها من المحافظات، إلى السويداء. وهم يعيشون بين أهلنا بأمان ويتقاسمون الخبز واللحاف والثياب.. وما إن يسقط هذا النظام حتى تسقط معه كل الدعوات الطائفية ودعاة العنف والتعصب.. أنا واثق من ذلك ومؤمن بحكمة الشعب السوري.. فإلى جانب هذا القتال المسلح تجري في القاع الشعبي عمليات رائعة من التعاون والتكاتف والإيثار التي تُعتبر نموذجا للوحدة الوطنية بين السوريين..

*تهميش الرموز
س 6: اختير ممدوح الأطرش ليقوم بدور سلطان الأطرش في فيلم يستعرض الشخصيات المضيئة من تاريخ سوريا.
ما رأيك في هذا كمخرج أولاً, وكمعارض ثانياً؟
- قيل ذلك. وقد يكون صحيحا. أنا كإنسان لا يهمني هذا الرجل. إنه لا يستحق الذكر أو الملاحظة. وهو غير مؤهل فنياً أو أخلاقياً لمثل هذا المقام الشامخ. إنه متسلق وطارئ على الحياة الفنية والاجتماعية.. ما يخيفني هو أن بتم استغلال رموز النضال الوطني لغايات غير وطنية ومشبوهة.

س 7: هُمشت شخصية القائد سلطان باشا الأطرش في الدراما السورية وكان يشار إليها إشارةً.
فهل يعود هذا لاحتكار شركات الإنتاج لأعمال فنية معينة, أم لسياسة الأسد الأب والابن ؟
- ليست شخصية الباشا فقط هي التي هُمشت بل كل الشخصيات الوطنية والسياسية والثقافية والفكرية التي لعبت دورا هاما في تاريخنا.. فقد تعامل نظام البعث مع سوريا التي يتجاوز عمرها 7000 عام، سوريا التي علّمت البشرية الأبجدية والموسيقى والتجارة، سوريا البابلية والآشورية والكنعانية والآرامية واليونانية والرومانية والإسلامية والعربية.. تعاملوا معها كما لو أنها ولدت عام 1970 تحديداً.! والهدف من هذا التهميش هو أولاً طمس نضال الشعب السوري ومنجزاته الحضارية وقيمه الوطنية والأخلاقية عبر الأجيال، قيم الحرية والكرامة والعدالة، وجعله يتيماً بلا أب، وليعيدوا قولبة هذا الشعب وتأهيله من جديد, ثقافياً وأخلاقياً: ثقافة الخنوع والعبودية وتأليه الفرد والدكتاتورية.. فلا يجوز أن يكون هناك رمز غير رموزهم ولا يجوز أن يكون هناك إنجاز غير إنجازهم ولا يسمى شارع أو ساحة أو مشروع إلا باسمهم ولا يحق لأي قامة سورية أن يكون لها ذكرى أو تمثال أكبر من تماثيلهم.. ولذلك نقلوا تمثال سلطان الأطرش المتواضع من ساحة السرايا في مدينة "السويداء" إلى مسقط رأسه في "القريا"، حيث بنوا له صرحاً كبيراً، لكنه بعيدٌ عن المدينة بمسافة 16كم، وهذا هو المطلوب، كي لا يصبح ذات يوم رمزاً ومزاراً للسوريين.. تماما كما فعل معمر القذافي في السبعينات عندما نقل جثمان عمر المختار من مدينة بنغازي إلى مسقط رأسه في قرية "سلوق", في حفل مهيب وبحضور حافظ الأسد وعدد من الزعماء العرب.. 

* نجدت أنزور التاجر
س 8: كانت لك تجربة مع نجدت أنزور في ثلاث مسلسلات هي "تل الرماد ورمح النار وبقايا صور". 
هلّا حدثتنا عن هذه التجربة, ولماذا توقف العمل المشترك بينكما؟
- وكيف له أن يستمر!! نجدت مخرج جيد وذكي بلا شك ويعرف من أين تؤكل الكتف، لكنه لا يحمل مشروعا فنياً أو فكرياً محدداً. هو يدعي دائماً أنّه يعالج قضايا كبرى لكنه في الواقع قَبِل دائما أن يكون أداة رخيصة بيد المنتجين الكبار أو رأس المال عموماً. إنّه يعمل مع من يدفع له أكثر. وهو أهم من حوّل مهنة الإخراج التلفزيوني إلى تجارة رابحة. سواء كان ذلك عن طريق الفنتازيا التاريخية أو الأعمال الاجتماعية أو الوطنية. فقد قدم إلى سوريا من الأردن ليعمل مع شركة الشام التي يملكها أولاد عبد الحليم خدام, وطُرد منها. ثم عمل في السعودية التي يملكها آل سعود, وطرد منها. ثم تعامل مع الأمير محمد بن راشد في دبي وطرد من هناك أيضاً شر طردة. وهو اليوم أيضاً مجرد أداة بيد النظام السوري يقف ضد شعبه وأهله ولا أدري متى سيطرد منها. 

س 9 : أطل علينا نجدت أنزور بمنجز سينمائي عالمي باسم "ملك الرمال"
ما هو الهدف السوري لإنتاج هذا الفيلم وفي هذه المرحلة بالذات؟ 
- لم أرَ الفيلم.. ولا أريد الحديث عن ذلك.. انسوا "هيروستراد" وهو شخص مغمور حرق المعبد كي يصبح مشهورا.. 

* بين جهاد عبدو وغسان مسعود
س 10: دخل جهاد عبدو "هوليود" من أوسع أبوابها وكان فناناً من الدرجة الثانية في سوريا.
ما رأيك بظاهرة النجم وما هي العلاقة بين السلطة والنجم؟
جهاد عبدو ممثل موهوب بالتأكيد، لم يأخذ فرصته الكاملة في سوريا لأسباب كثيرة. لكن العالمية بالمعنى المهني لا علاقة لها بالموهبة مطلقا. قد يكون الممثل من الدرجة الثالثة ويتم اختياره لأسباب مختلفة كما حدث مع غسان مسعود وغيره من أشباه الممثلين. أي أن العالمية ليست وساماً. كما أن الأوسمة ليست دليلاً على مقدرة هذا الممثل أو ذاك. الموهبة تشق طريقها مهما كانت الظروف صعبة. لكنهم في سوريا، وفي ظل الاستبداد، جعلوا من القرود مفكرين وشعراء وفنانين، وطمسوا كل المواهب، وفي كل المجالات. وأستطيع أن أؤكد بأن جميع النجوم السوريين أو جلهم كانوا من صناعة السلطة.. فإذا كانت هوليود قد صنعت النجم واستثمرته في شباك التذاكر وبهدف الربح المالي، فالسلطة عندنا صنعت النجم وشهرته كي تستثمره في السياسة, أي تحوله إلى بوق وأداة تخدم سياستها في الأوقات التي تريدها.. 

س11: كتب غسان الجباعي عددا من الأعمال القصصية والمسرحية والشعرية مثل: "أصابع الموز, والوحل، وجنراليوس والشقية وبودي الحارس ، ورغوة الكلام."..
هلا حدثتنا عن هذه التجربة وما هو جديدك على هذا الصعيد؟
- كل الأعمال التي ذكرتها كُتبت داخل السجن. وما كان علي سوى تهريبها ونشرها بعد خروجي.. وهي تعبر بمجملها عن مرارة التجربة, والتوق للحياة والحرية, والحلم بمجتمع أكثر جمالا وعدلا. مجتمع يشبه بساطة السوريين وأصالتهم.. في مقطع من ديوان رغوة الكلام قلت:
خبرني أيها القلب 
عندما تتعب من الركض إلى جانبي
فسوف أحملك بقية المشوار
على ظهري..
وبعد خروجي من السجن انشغلت بالمسرح. حبي الوحيد، ولكني تمكنت من إنجاز نص روائي عن السجن أيضا وعن المرأة أيضا وعن الحرية بالطبع.. وأفكر الآن بجمع ما كتبته من أشعار خلال الثورة وإصداره في ديوان شعري جديد.

س12: إذا أردت أن توجه رسالة إلى فناني سوريا والشعب السوري فماذا تقول؟
- أقول أولاً: "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد" و"يلي بيقتل شعبو خاين"
وأقول ثانياً: نحن الشعب السوري خرجنا للقضاء على الاستبداد السياسي وهذا حقنا, وعلينا اليوم أن نخرج للقضاء على الاستبداد الديني الذي يحاول سرقة ثورتنا وهذا حقنا أيضاً، وسوف نناله مهما طال المشوار..
يبقى الفن الحقيقي رغم كل الصعوبات التي تواجه مبدعيه من اعتقال وإقصاء وتهميش صوت الأحرار, وصورة تعكس واقعنا المرير لطالما كان رعب المستبد هي الكلمة قبل السلاح وطالما حاول كمّها وتكميم أفواه الناطقين بها فكيف بها إن جُسدت على خشبة مسرح أو على رصيف أو قارعة طريق.

سارة عبدالحي - زمان الوصل - زمان الوصل
(185)    هل أعجبتك المقالة (170)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي