أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

د. بشارة: حذرت من تأمل المعارضة بالنموذج الليبي والتدخل الأجنبي المنظم الوحيد هو الإيراني والعراقي

د. بشارة وسط الصورة

قال المفكر الفلسطيني د.عزمي بشارة إن ما نشاهده في سوريا اليوم من مشاهد حرب ودمار وممارسات تُرتكب باسم الثورة يتحمل مسؤوليتها النظام السوري الذي قام بالقضاء على الوجه المدني للثورة، وتدميره للمجتمع السوري من خلال إصراره على استعمال الخيار الأمني في وجه شعبه لقمع الاحتجاجات السلمية للثورة، مؤكدًا أن التدخل الخارجي الحقيقي الحاصل اليوم في سوريا على الأرض هو تدخل القوى الداعمة للنظام.

* التدخل الدولي المنظم في سوريا حاليا هو الإيران
وأكد بشارة في حوار مطول اختتم به لقاءً جمعه مع 70 مشاركا ومشاركة من الحركة الطلابية التجمعية من طلاب وخريجين في العاصمة الأردنية عمان ونشره موقع "عرب 48"، أنه في سوريا "كنت أتمنى أن لا تقع ثورة، بل أن يجري إصلاح تدريجي، وكتبت هذا وقلت هذا في الإعلام، لأني أعرف التعقيدات على مستوى بنية البلد، وعلى مستوى العلاقات الاستراتيجية في المنطقة والعالم. ولكن الشعب ثار ولم يستشر أحدا، ولديه كل الأسباب لذلك، لديه أسباب أكثر مما لدى التوانسة والمصريين، لناحية قمعية النظام ودرجة الفساد والدكتاتورية، وحالة الإذلال اليومي التي عاشها السوريون في ظل هذا النظام.".

وأضاف بشارة في رده على سؤال لأحد الشبان بهذا الخصوص بأن الشعب السوري لم يثر حتى مرحلة بسبب درجة القمع، وبسبب الخوف من النتائج. ولكنه انتفض بعد مصر أملا بأجواء الربيع العربي. وكان لزاما علينا أن نقف معه. ولم يحصل تدخل أجنبي. أما كل من ادّعوا وجوده فقد استخدموا ديماغوجيا كاذبة وتحريضية ضد شعب لديه كل الأسباب ليثور، لم يعتذروا عليها حين تبين كذبهم، وتبين أن الغرب لم يقف حقيقة مع الثورة.

وجدد المفكر الفلسطيني تأكيد رأيه منذ البداية بأن التدخل الأجنبي لصالح الثورة لن يحصل، مشيرا إلى أنه حذر المعارضة من تأملها بالنموذج الليبي، وتسمية المجلس الوطني (في البداية أسموه حتى الانتقالي تيمنا).
وأردف "قلت هذا وكتبت هذاـ قلت علنا أن التخطيط بناء على احتمال التدخل الأجنبي خطأ، ويقوم على حسابات خاطئة. لم يحصل تدخل حتى بعد أن زج النظام بالجيش في المعركة. وحمل الشعب السلاح دفاعا عن النفس، ثم تحول الأمر الى ميليشيات مسلحة".

ورأى بشارة أن التدخل الدولي المنظم الوحيد في سوريا حاليا هو التدخل الإيراني والعراقي سوية مع حزب الله بدعم روسي. وهو برمته تدخل خطير ذو طابع طائفي، يخلق ما هو أخطر من "سايكس بيكو"، لأنه يبني على الفوارق الطائفية مثلما جرى تطييف العراق. وقد ساهمت السياسة الإيرانية في ذلك.

بينما وصف التدخل الآخر في سوريا بـأنه "مبعثر وجهادي وفوضوي وفردي ومضر. إذ لم تتحق منه فائدة عسكرية تذكر، وأضر بالثورة، مؤكدا عدم وجود تدخل دولي منظم مباشر في سوريا سوى التدخل المذكور. 
واتهم رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدول الغربية بأنها تلعب عمليا دورا تخريبيا، فهي تحافظ على علاقات سياسية ومخابراتية أمنية مع المعارضة السورية على أنواعها، و لا تكتفي بعدم تقديم السلاح، لكنها تمنع المعارضة من التزوّد بالسلاح، وتمنع تنظيم المعارضة فعلا، وتضع شروطا، وتخلف بين المعارضين ثم تشتكي من عدم وجود وحدة. كان كل ما يهمهم قضيتان، السلاح الكيماوي، وهذا تخلصوا منه بمجرد تهديد أميركا للنظام بعملية عسكرية محدودة، وثانيا الإرهاب. 

وأشار بشار إلى أن روسيا ومعها النظام تحاول أن تقنع الغرب أن هذه هي القضايا الأساسية وليس مطالب الشعب السوري العادلة. فهذه القضايا تصلح للتفاهم بين الغرب وروسيا، أما النظام فقد قدم نفسه دائما في الغرب كحليف قي مكافحة الإرهاب مقابل غض النظر عن ممارساته في الداخل.

ونوه بأنه لا بديل للاطلاع والمعرفة فيما يخص كل الأمور الجارية في الوطن العربي خصوصا وأن الإعلام منحاز من الطرفين، ومن الخطأ الاعتماد في استقاء المعلومات على وسائل الإعلام فقط، عليكم الاعتماد على مصادر بحثية، والعقل السليم يستطيع أن يحسم ما هو معقول وما هو غير معقول. 

وكشف أنه قال ما لديه في كتابه " سورية: درب الآلام نحو الحرية". معتبرا أن أي ظهور إعلامي في ظروف استقطاب، (لا تهم فيه الحقيقة، بقدر ما يهم لصالح من الكلام) لا يمكنه أن يضيف شيئا.

ورأى د. عزمي أن المواقف حول البحرين تأتي ضحية هذا الاستقطاب. وغالبا ما يُطرح السؤال بخصوص البحرين سجاليا للتغطية على الجرائم في سوريا. وهذا يسيء لقضية البحرين. وغالبا يطرح هذا السؤال أولئك الذين لا يستنكرون المذابح في سوريا، ويتساءلون بعد كل مذبحة في سوريا، وماذا بالنسبة للبحرين؟!

* النظام العاجز والمعارضة المبعثرة
وردا على سؤال حول قدرة النظام السوري على إنقاذ الوضع في سوريا ومنع تقسيمها قال بشارة: النظام غير قادر، ولو كان قادرا لكان قام بها، وكي يكون قادرا يجب أن يُبيد كل الآخرين كي يسيطر على سوريا، هو القوة المنظمة الوحيدة أمام بعثرة المعارضة والثوار. لكنه ليس نظاما مهيمنا بالشرعية،بحسب بشارة، بل يمكنه أن يسيطر بالقتل والإبادة، وهكذا تصنف الأنظمة الفاشية التي يمكنها أن تحكم بالقوة العارية وحدها، وبغض النظر عن الثمن بالخسائر البشرية المادية والجسدية والأخلاقية. 

وأضاف أن المسألة ليست مسألة قدرة، بل مسألة طبيعة النظام ودرجة عنفه. وهي درجة لو سمح أي نظام لنفسه أن يستخدمها، ولو سمح العالم له بذلك، لانتصر. وهو في سوريا يسمح لنفسه فقد تحلل من كل الروادع، والعالم يسمح له. ولكنه لم ينتصر. فتصميم الشعب السوري فريد من نوعه. ولذلك فهو ليس القوة القادرة على إنقاذ الوضع في سوريا، إنه المشكلة. وهو غير قادر مع أن المعارضة عدة أجسام وأمر طبيعي أن تختلف بالتوجهات السياسية خلافا لشمولية النظام الذي لا يسمح بأي خلاف سياسي داخله، لكن البعثرة الحقيقية هي بين أمراء حرب وتشكيلات عسكرية متعددة بعد التحول السلبي الذي مرت به الثورة.

فلا يمكن بهذه الطريقة إسقاط نظام لديه جيش كامل مدرب ومسلح أسلحة ثقيلة، ففي الحالة المصرية (قبل الانقلاب) والتونسية وحتى الإيرانية، الجيش حُيّد في النهاية ولم يتدخل لقمع المظاهرات ولم يقتل الناس.
وأكد بشارة أن النظام السوري غير قادر على حسم المعركة، أو السيطرة على الدولة على الرغم من إقحام الجيش بشكل كامل وعلى الرغم من بعثرة القوى المعارضة المسلحة، التي كانت ستنتصر لو كانت موحّدة. ولكن النظام غير قادر رغم عدم وجود تسليح جدي، وعلى الرغم من التدخل الطائفي الإيراني والعراقي واللبناني لصالحه لأن الشعب يرفضه. فلا أحد يريد العيش في ظل هكذا نظام، ولا أحد يرضى أن يحكمه قتلة أطفال، وهؤلاء الذين قاموا بقصف مدن سوريا عشوائيا من الجو وشردوا ملايين البشر.

واعتبر المفكر الفلسطيني أنه لا يوجد شعب أعزل ينتصر على جيش يستعمل السلاح ضد المظاهرات بشكل مثابر، و"في حال أردت أن تكمل ثورتك هناك حاجة أن تحمل السلاح أو تعود إلى البيت. وفي حال تسلحت، لا تستطيع أن تنتصر عليه إلا إذا أسست جيشا مقابلا يحظى بتسليح موازٍ. ولكن بإمكانك أن تمنعه من أن ينتصر عليك كما في حالة أي مقاومة تحمل السلاح".

وخلص إلى القول إن أحدا لن ينتصر إلا بحل سياسي، يتضمن أن هذا النظام لا يستطيع أن يحكم سوريا كما في السابق، يجب أن يكون حل وسط على الأقل، (إذا لم يكن تسوية تاريخية) يحافظ على سوريا، ولكي يعود الناس إلى أنفسهم، وإلى بناء مجتمعهم، لكي تخلق الظروف للتحول الديمقراطي. والا لاستمر الوضع كما نراه اليوم وتحوّل إلى حرب أهلية طويلة المدى.

زمان الوصل
(155)    هل أعجبتك المقالة (144)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي