السيسي يصفع أردوغان ويزيد السوريين يتماً
أتجهز ضربة مصر اليوم على ما تبقى لدى"العدالة والتنمية"في تركيا من صبر، فينسون"تصفير الخلافات"مع الجوار ويطلقون العنان "للعسكر"في مصالحة ديمقراطية داخلية، ويصدرون أزماتهم للخارج، كأن يعلنوا موقفاً غير متوقع، أو ربما فعلاً، تجاه نظام دمشق.
فيأتي"الكبار"إلى أنقرة وتبدأ كرة الجليد بالذوبان، أم أن ما كان صحيحاً قبل "أسلمة تركيا" لا يصح اليوم بعد هزيمة المشروع الإخواني في مصر وتونس ونشوء أقطاب عالميين جدد، ووعد طهران بالوكالة الأمريكية الحصرية، فيما لو تكللت مفاوضاتها بالنجاح، واستغلت موسكو تردد واشنطن، وتابعت في زحفها الممنهج نحو الشرق؟!
أسئلة بعضها شيطاني، قفزت إلى الذاكرة دونما استئذان، فور إعلان القاهرة"طرد" السفير التركي وأنه شخص غير مرغوب به، ومنها للذكر ليس إلا، لماذا الآن بالتحديد، وهل استضافة اسطنبول ل"مؤتمر تحالف الحقوقيين الدوليين" لمقاضاة مصر ونظام السيسي في الجنائية الدولية للتحقيق في انتهاكات لحقوق الإنسان بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، سبب كاف لتتخذ مصر خطوة قد توصف باللاعودة، إن لم نتوقع التصعيد ونكون متفائلين.
هل من علاقة لزيارة وزير دفاع روسيا الأخيرة للقاهرة بالأمر، بعد ربطها بزيارة أردوغان أمس لموسكو، والتي وصفت بزيارة"الذل والخنوع"وأعادت حادثة "دافوس" لذاكرة المحللين للمقارنة، وقت قال أردوغان للرئيس الإسرائيلي شيمون بيرز "دقيقة واحدة" وغادر قاعة الاجتماعات، وهو الصامت أمس أمام بوتين الذي وصل به الأمر لتحميل تركيا جل ما حصل في سوريا.
أو لعل السعودية الداعمة لحكم عسكر مصر، وأول المباركين والداعمين لهم، هي من أوعز ولو إيماءً لتصعيد الخلافات، علها في وأد"العدالة والتنمية"تنتهي من شبح الإخوان؟!.
أم ترى اللعبة برمتها أمريكية، فـ"كيري" الذي أعاد مياه علاقات ومساعدات واشنطن إلى مجاريها، حرض من بعيد ليكمل خلط الأوراق بالمنطقة ويوصل الشرق الأوسط الجديد إلى ذروته، لتعيد الترتيب وتوزيع الحصص على مهل.
ولكن، وفي واقع الأسئلة والاحتمالات، أليس من الخطأ استبعاد الدور التركي نفسه، عن تأزيم العلاقات مع مصر، بل وجر القاهرة عنوة لهكذا قرار.
ألم يك أردوغان تحديداً، أول الداعين للإطاحة بحسني مبارك، وأن الرئيس التركي عبد الله غل، أول المباركين للعسكر في المرحلة الانتقالية وعرضه على"الفراعنة"تعاوناً عسكرياً واقتصادياً من وسط القاهرة.
ألم تتوج العلاقات الطيبة التركية المصرية بعد وصول الإخواني محمد مرسي إلى مناورات عسكرية وتدريبات مشتركة كان مقرراً إجراؤها في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني الماضي، قبل أن ينزل خط العلاقات البياني هبوطاً منذ تولي العسكر الحكم ووصف أردوغان لذلك بالانقلاب العسكري، بل وانتقد كل من يدعمه ويسانده.
ألا يعتبر رئيس الوزراء التركي خلال "حفل العدالة والتنمية" في 12تموز المنصرم، أن انقلاب السيسي استهدف إرادة الشعب المصري وحقه الديمقراطي، وأتبعه باستدعاء السفير التركي من القاهرة للتشاور بعد استخدام العسكر للقوة ضد معتصمي رابعة والنهضة.
ولعل بكاء أردوغان على الهواء مباشرة وقت قتلت ابنة الإخواني محمد البلتاجي ووصفه إمام الأزهر "سيلعن التاريخ أمثالك كما لعن أشباهك في تركيا من ذي قبل" نتيجة تأييد الأزهري أحمد الطيب "لانقلاب"السيسي.
ليأتي أمس استضافة اسطنبول مؤتمر التنظيم الدولي للإخوان الذي تمخض عنه البدء برفع دعوة للجنائية الدولية سيتم متابعتها في مؤتمر لاحق ستستضيفه لندن، ما أوصل"عسكر مصر"للرد فيما يمكن وصفه بأقصى درجات التوتر في العلاقات السياسية، وإن لا تعني قطعها بحسب اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية.
ولكن في المقابل، هل يناسب عسكر مصر الذين انقلبوا على رئيس منتخب، أن يبقوا على علاقات مع شركائه في المشروع السياسي والروحي، وهم الفاتحون لعلاقات رشوية جديدة مع دول "ألبترودولار" وعسكرية في موسكو مع حلفاء الأمس.
نهاية القول:ثمة احتمالات عدة مفتوحة يمكن للحكومة التركية أن تتخذها قريباً، إن بدأت من الرد بالمثل وسحب سفيرها لدى القاهرة وسكتت لشراء الزمن ريثما تنقشع غيوم المنطقة، قد لا تنتهي عند حل تصدير الأزمة وتسريع الحل وإن عبر البندقية والدبابة، وتمردت على قرارات "الناتو"في حل قد تبرره بالوحيد، بعد تضييق الخناق على أنقرة وحصارها من "سوريا الأسد" وعراق المالكي والكردي" و"روسيا بوتين" وملامح أزمات من هنغاريا واليونان وأرمينيا، ما يعني ضرورة إيجاد بدائل قد لا تكون تل أبيب آخرها.
بيد أن الأهم بالأمر بالنسبة لنا كسوريين، كيف سينعكس القرار المصري المتقارب من القرار الأسدي على اللاجئين السوريين في تركيا، بمعنى آخر، هل يمكن لحكومة العدالة والتنمية أن تخفف من حمولتها وتعامل السوريين في تركيا كما يعاملهم أشقاؤهم العرب على الأقل، في طريقة لامتصاص فورة، كحل سياسي وإن تكتيكي وآني.
كيف يمكن لغير العدالة والتنمية أن يتقبل السوريين الذين وجدوا في تركيا، حضناً وملاذاً لم يجدوه في البلاد العربية التي موّلت ثورتهم وحرفتها عن سكتها..ومن الأسئلة التي لا تنتهي أيضاً، أي موقف سياسي يمكن أن تأخذه قيادة المعارضة السياسية السورية القابعة في تركيا تجاه ما عانته وتعانيه أنقرة، من مشاكل قد يكون لموقفها من الثورة السورية، أهم أسبابها، فهل التعامل بسياسة من قبل المعارضة واعتبار ما يجري شأناً تركياً خاصاً..أم ترى سياسة النأي بالنفس غير كافية لرد جميل تركيا، وإن كانت أضعف الإيمان.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية