ألف باء بنية النظام

جملة من الأخطاء وقعت فيها المعارضة، منذ بداية الانتفاضة، ولم تزل، إن بدأت عند القراءة العبثية لما جرى في "بلدان الربيع" وأخص ليبيا، والقياس عليها، لا تنتهي تلك الأخطاء عند كيفية التعاطي مع الأقليات وضرورة الفهم المطلق، أن المجتمع الدولي يتدخل لحماية الأقليات..وليس العكس.

بيد أن خطأ فادحا، مازالت آثار ارتكابه ماثلة وأثمانه تدفع حتى الآن، يتجلى، وفي منتهى البساطة، في عدم فهم بنية النظام، ما دفع، حتى بعض المعارضين المنشقين، أو الآتين من مؤسسات النظام والذين يعوّل عليهم في شرح تلك البنية وإعداد الخطط لتفكيكها، ليتوهوا وينساقوا مع تيار التعميم والتعمية والتخبط، ولا أدري إن كان ذلك الانزياح جاء عفوياً أم مقصوداً..أو حتى دفعاً ولا إرادياً، وأخص إن قسنا القضية على مسطرة المؤامرة وأن ثمة خطة وقرارا دوليا بتسيير ثورة السوريين أنى سارت وتسير.

قد لا يتسع المجال للدخول فيما يسمى الدولة العميقة التي أسسها الرئيس حافظ الأسد على مقاسات محددة وفق أسرار وعلاقات وارتباطات، ولا حتى الولوج فيما يقال عن "علونة الدولة" بل سنأتي فقط على الشق الأمني الذي نعتقده الأخطر في البنية والذي يعتبر نقطة القوة والضعف في آن.

كثر من المعارضة قالوا ويقولون، وسيبقوا على ما أعتقد: يوجد في سوريا 17 فرعاً أمنياً، حاسبين أن تلك المبالغة، خدمة لتسويق فكرة الدولة الأمنية أو اعتماد النظام على قبضة الأمن في إدارة البلاد وبسط سيطرته.
ولكن، لم يعدد أي من القائلين تلك الفروع، ولم يسأل سائل عنها، فإن تغاضينا عن التهويل في العدد، والذي يحدث مفاعيل عكسية فيما لو انبرى محلل لدحضه، تعالوا نقف على مسألة نعتقدها خطرة، وهي عدم التطرق لقانونية تلك الفروع وفق الدستور السوري وللوظائف الموكلة لها، أو لبعضها على الأقل.

في سوريا، على سبيل المثال، إدارة أمن الدولة، موزعة على أمن خارجي وأمن داخلي، والداخلي بدوره موزع على المحافظات، والأمن الداخلي غيره قوى الأمن الداخلي والأمن السياسي، اللذان يتبعان لوزارة الداخلية، أي قطاع حكومي.

ويوجد في سوريا الأمن العسكري، التشكيل الموجود في كل جيوش العالم.

ويوجد أيضاً الأمن الجوي، الذي يقسم سوريا لأربع مناطق، ولهذا التقسيم موضوع آخر قد لا يقل أهمية عن الخلط وسوء الفهم المكوّن عن الفروع الأمنية.

أول الأسئلة هنا، علنا نصل ولو لملامح لتلك البنية غير القانونية والمعقدة في الوقت ذاته، ما دور الأمن الجوي ولمن يتبع، إن قلنا أن الأمن السياسي يتبع لجهة حكومية"وزارة الداخلية" ومن هم الموثوقون الذين ينالون شرف الانتماء إليه، مناطقياً على الأخص.

قبل محاولة الإجابة، نسأل أيضاً، علّ في إجابة السؤال الثاني عوناً للأول، يوجد في الموازنة العامة للدولة، شق جارٍ وآخر استثماري، وتقتطع الرواتب والأجور من الجاري، فإن كانت بعض الأفرع، أو الجوي بشكل خاص، لا يتبع للدولة ولا للحكومة، وهو سلطة أمنية فوق الأمن العسكري، فمن أين يأخذ العاملون فيه رواتبهم؟!.

وأيضاً، كل مؤسسة أو شركة أو فرع أمن يؤسس يجب أن يكون وفق تشريع، في العادة يكون مرسوماً، ببساطة ليكون له صفة قانونية وشكل وهيئة وبنية، لأن أي تعد من العاملين في هذا التشكيل، أو هضم لحقوق الغير، بمن فيهم، العاملون ذاتهم، يجب أن يحتكم لقانون، فإن كان الأمن الجوي- مثالاً وسؤالاً آخر- موجود دونما نص ولا قانون في الدولة، فعلى من يشتكي أي صاحب حق، والتشكيل خارج الدولة وقوانينها.

وفي السياق ذاته، كان في سوريا ما يعرف بالحرس القومي، وتبع لهذا العنوان المضلل والعريض منظمات ومؤسسات كثيرة، وكل العاملين فيها، كما الأمن الجوي، يذهبون لسجل العاملين في الدولة ويحصلون على ورقة غير موظف ..ملاحظة: انتبه النظام لهذه الثغرة أخيراً وبدأ بنقل العاملين في"الحرس القومي" إلى وزارات الدولة.

خلاصة القول: أي جهاز مخابرات أو"حرس قومي" في العالم، يخضع لدورات بالقانون، عدا الأمن في سوريا، وببساطة لا يخضع لدورات بالقانون لأنه غير موجود قانونياً ولا يحاسب بالقانون.

إذاً، لكم سادتي تسمية تلك الأجهزة والفروع ما شئتم، لكنهم وبصرف النظر عن التسمية، هم سببب ومبرر وعامل قوة بشار الأسد، وأي عملية إصلاحية تطاول تلك الألغاز ستذهب بالرئيس لا محالة.

لذا المعارضة بدل أن تبحث في القضاء على النظام وأركانه، وكأنها تسعى للادولة، وتغوص فيمن لم تتلطخ أيديهم بالدماء، في شعارات ومحاولات عدمية ومستحيلة، لا بد من التركيز على تفكيك البنية غير القانونية التي تمنح القائد الرمز وجوده وفق منطق الإستقواء والأمر الواقع..وهو ما قد يسمعه العالم ويأخذون بيد السوريين الساعين لدولة قانونية تعددية لتحقيقه.

من كُتاب "زمان الوصل"
(211)    هل أعجبتك المقالة (234)

نها الدايم

2013-10-13

كلام مهم جدا جدا أخي عدنان لكنه متأخر جدا جدا.


زياد عبد القادر

2013-10-13

المعارضه .. لا تليق هذه الكلمة بأي من المعارضين المفترضين للنظام .. لا رؤيه ولا منهج ولا سبيل .. ببساطة هم لاشئ ولم يقدموا شئ.


زنوبيا

2013-10-13

معليش اخي عدنان ان شاء الله بننتبه لنصايحك في الثورة الثالثة و متل مابنقول في سوريا التالتة ثباتة بعدين لمعلوماتك انت و كل المتحذلقين انو الأقليات بسوريا مانهون شغلة صغيرة .... يعني بيجولهن حوالي 40 12 مسيحيين 12 علويين 15 اكراد 5 دروز .... و يمكن لح يصيرو اكتر لما يضع هذا الحراك الثوري المبارك أوزاره ..... اي لعلمك أخي عدنان من دروس التاريخ انو اللي بيتهجرو ما بيرجعو.


نيزك سماوي

2013-10-13

طلع على لساننا شعر ونحن نقول أن العصابة الأسدية أسست فروع مخابراتية بكل أشكالها في مختلف المحافظات والمدن السورية والتي تهدف إلى إرهاب الشعب السوري وإلى ترعيبه وترهيبه وإركاعه وتخوفيه ولن تسقط هذه العصابة الطائفية المحتلة التي تجعل من الشعب السوري دروع لها وتضعه تحت الأسر والرهن إلا بتدمير كل أوكارها الإرهابية في كل المحافظات السورية الأوكار الإرهابية تعني فروع المخابرات الأسدية الطائفية القذرة المجرمة وتدميرها سهل جداً فلماذا كل هذا التأخير من قبل الجيش السوري الحر والفصائل الثورية التي تقاتل العصابة الأسدية المجرمة في تدمير فروع المخابرات المجرمة أدة الإحتلال الأسدي للمدن والمحافظات السوربة ، إفعلوها أيها الثوار وضعوا الخطة لتدمير كافة فروع المخابرات الأسدية المجرمة ومراكز امنها وإجرامها لن تتحرر سوريا ويتحرر شعبها ما دمات فروع الأمن الأسدية أدة الإحتلال والقمع والقتل والإجرام والإعتقال والتعذيب موجودة في المحافظات والمدن السورية التي تنتشر في المحافظات أكثر من المشافي وأفران الخبز والمدارس ، العصابة الأسدية قائمة على فروع المخابرات الإجرامية العلوية أدة الإحتلال الداخلي للشعب السوري ولكن سوف لن تكون بعد العصابة فروع امن على الإطلال سوف نحولها إلى مدارس ومراكز ثقافية وأبينة يستفيد منها الشعب السوري لنطوي صفحة الإجرام والظلام والقتل والفساد ولاتخريب من قاموس سوريا لنطوي صفحة العصابة الأسدية الخائنة المجرمة العميلة.


نها الدايم

2013-10-13

كلام مهم جدا جدا أخي عدنان لكنه متأخر جدا جدا.


عمر حسامي

2013-10-13

إذا لم تنتبه المعارضة حتى الان إلى تفكيك الاجهزة الامنية المجرمة فانا اطمئنكم ان بشار باقي في الحكم ومانراه من صمت خليجي وتخريب ودعم لداعش والنصرة دليل كبير على مخطط تقسيم لسورية برعاية سعودية وتركية وايرانية.


sali

2013-10-13

كل هذه المعلومات كانت متوفره قبل الثورة وكان الشعب يعيها جيدا ولكن المصيبه بمن يعرف ويتعامل مع الموضوع بسطحيه وكأن الدنيا ستصبر ورديه بلحظات كل شئ كان واضح ومن ظن ان القصه مجرد نزهة فبالتأكيد لا يعي من الوضع السوري شئ تحياتي أستاذ وشكرا لك.


2013-10-14

كلام الأخ عدنان،إنما للتذكير،وقلناه من اول يوم،ولكن المعارضة الجاهلة ابتداء من غليون كانت تظن ان الامر بسيط وسيسلم الأسد الحكم ويرحل، من اول مظاهرة،وغليون كان يرتجف بدنه عندما يسمع ان الأسد لن يسقط الا بالقوة،والأنكى من ذلك ان المجتمع الدولي عندما كان يسال ممثليه عن التدخل لمساعدة الشعب السوري المذبوح يجيب المعارضة لا تريدنا ان نتدخل فهل نكون ملكيين اكثر من الملك،المهم ملنا من التكرار،وأقولها للمرة الألف،يجب التركيز على المنطقة الخضراء السورية،التي صنعها الأسد لنفسه كمنطقة آمنة يدير هو وزلمه مجازر الشعب السوري على كل الارض السورية،وطالما شعر هناك بالأمان فسيظل يذبح الى ما شاء الله،هذه الجبهة اهم من جبهة الساحل،ولو كان للجيش الحر القدرة على استهداف الجبهتين فنعم وأهلا،وإلا فيجب سياسيا وعسكريا وشرعا ان نجعل هذه الجبهة منطقة غير أمنه له،هنا راس الأفعى،فاستهدافه يختصر الطريق كثيراً،هناك يربك كل نشاطه على كل الاراضي السورية،ولكن الاستهداف يجب ان يكون دقيقا،استهداف الحواجز بالعشرات،يسقط الشبحية بالعشرات،بلإضافة الى مراكزه المعروفة،يجب تجنب سقوط مدنيين ما أمكن،فالاستهداف يجب ان يكون مركزا بالصواريخ والهاون،اما اذا كان ذلك متعذرا فالطريقة الباقية هي عمليات استشهادية تفجر حواجز الطرق ومراكز العصابة،وهذه العمليات يجب ان تكون مكثفة،قلب هذه المنطقة الى جهنم على الأسد وشبيحته سيحول مسار المعركة مئة وثمانين درجة،اما اذا كان هذا متعذرا أيضاً،فلا حول ولا قوة الا بالله،وشلال الدم سيبقى مدة طويلة،الا اذا أراد الله ان يفطس الأسد باي طريقة،ويرحم هذه الأمة.


التعليقات (8)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي