لم اكن لأهتم بالكتابة حول وفاء لولا أنها تمثل هي وغيرها من السفهاء إستمراراًَ لظاهرة قديمة حديثة إبتكرها الغرب منذ القرن التاسع عشر, وهي ظاهرة تجنيد الدوائر الغربية لعملاء من أبناء الشعوب والثقافات الواقعة تحت سيطرته أو تلك التي يسعى للسيطرة عليها للقيام بدور تشكيكي تخريبي في عقول أبناء تلك الشعوب و ذلك لفرض الإعتقاد بتفوق جنس المستعمر الغربي وأفضلية ثقافته على ثقافات تلك الشعوب المغلوبة, غير أن إحتضان هذا الغرب لعينات مثل وفاء وغيرها في القرن الحالي يدلل على إفلاس الدوائر الغربية نفسها وإفتقارها للحرفية المطلوبة في تأدية مهامها و يتجلى ذلك بعدم قدرتها على تجنيد نماذج كفؤة ومؤهلة علمياًَ للقيام بدورها التخريبي الداخلي في عقول العرب والمسلمين على أكمل وجه.
حيث أنه والحق يقال, أن عملاء القرن التاسع عشر تميزوا عن نظرائهم عملاء القرن الحادي والعشرين بإنهم كانوا حقاًَ من النبغاء والفطاحل وقد أحسن من أختارهم إختيارهم, حتى أن بعضهم لا زال يكرم في بلاد العرب والمسلمين إلى اليوم بل وتوزع الجوائز الادبية و العلمية بإسمهم , أما عملاء اليوم فمعظمهم من المرضى النفسين والطلاب الفاشلين ضعاف الشخصية و لولا فشل أسيادهم في العثور على من هم أفضل منهم لتأدية مهمتهم لما وقع عليهم الإختيار كما ذكرنا.
المهم, نعود إلى موضوع المدعوة وفاء سلطان,
و لدت وفاء سنة 1958م لعائلة فقيرة في بانياس على الساحل السوري, وبعد إكمالها لدراستها الثانوية في بانياس إلتحقت بجامعة حلب في العام 1977م لدراسة الطب النفسي, و قد إدعت وفاء في مقابلة مع صحيفة النيويورك تايمز أنها في العام 1979م شهدت حادثة إغتيال أحد أساتذتها الجامعيين اثناء إلقائه لمحاضرته على يد مسلحين من الأخوان المسلمين (الحادثة التي نفت جامعة حلب وقوعها لاحقاًَ), وتتابع وفاء بإن هذه الحادثة لعبت دوراًَ مفصلياًَ في حياتها حيث بدأت (وفاء) تفقد إيمانها و ثقتها بدينها و حضارتها و تراثها وفي العام 1989م قررت وفاء وزوجها مفيد (ديفيد الاّن)!! وولديها التقدم من السفارة الأمريكية بطلب للحصول على تاشيرة فيزا للسفر إلى الولايات المتحدة حيث أنتهى بهم المطاف للإستقرار هناك.
غير ان مجلة (إن فوكاس) الأمريكية والتي تصدر في لوس أنجيلس في جنوب و لاية كاليفورنيا حيث تقيم وفاء ذكرت في تحقيق صحفي مطول حول وفاء سلطان أعده للمجلة الكاتب عبد السلام محمد إستناداًَ الى شهادات إثنين من الأصدقاء المقربين لوفاء ومفيد (ديفيد) و هما السيدان عدنان حلبي وهو مهاجر سوري يقيم في لوس أنجيلس و يعرف وفاء وزوجها منذ اواخر الثمانينات ونبيل مصطفى وهو مهاجر سوري كذلك و كان صديقاًَ لمفيد, حيث أنه و حسب شهادة عدنان حلبي, فإن وفاء و مفيد وصلا إلى الولايات المتحدة بموجب فيزا سياحية و بدون أولادهما الأثنين والذين لم يتم منحهما الفيزا مع و الديهم كما يبدو,( الأمر الذي يناقض تصريحات وفاء للنيويورك تايمز أعلاه)
أما نبيل مصطفى فيذكر لمجلة (إن فوكاس) ان مفيد اطلعه شخصياًَ ذات مساء في العام 1989م حيث كانا يحتسيان الشاي في شقة وفاء و مفيد على سر لم يكن يعرفه الكثيرون حينها, و هو أن وفاء وكطريقة لسحب أولادها الإثنين إلى حيث تقيم في لوس أنجيلس, قامت بإرسال جواز سفرها السوري والذي يحمل تاشيرة الفيزا السياحية لأمريكا إلى أختها إلهام أحمد في سوريا حيث قامت إلهام و التي تشبه وفاء إلى حد كبير بتقديم جواز سفر وفاء إلى سفارة المكسيك في دمشق للحصول على تأشيرة فيزا للمكسيك لها و لأولاد وفاء على أنها هي وفاء, طبعاًَ سفارة المكسيك لم تمانع في منح التاشيرة لوفاء (المزورة) خاصة و ان فيزا دخول امريكا لا تزال صالحة و موجودة على جواز السفر, و هكذا وفي طريقهم إلى المكسيك الحدودية مع جنوب كاليفورنيا حيث تقيم وفاء تم تهريب الاولاد ليعودوا إلى ذويهم.
و نعود لعدنان حلبي و الذي يضيف لمجلة (إن فوكاس) أن مفيد ووفاء بقيا يقيمان في مدينة لوس أنجيلس بطريقة غير قانونية بعد إنتهاء مدة الفيزا السياحية الممنوحة لهما, غير انهما فيما بعد تقدما بطلب للحصول على كرت الإقامة الدائمة (الجرين كارت) مستفيدين من قانون العفو العام و الذي صدر حينها لتصويب اوضاع عمال المزارع الغير قانونيين في الولايات المتحدة و الذين كانوا يقيمون و يعملون في المزارع الريفية لعدة سنوات, و يضيف عدنان بإن مفيد والذي كان على معرفة شخصية بفلاحة امريكية ذات أصول مكسيكية قد حصل من هذه الفلاحة على إقرار خطي بإن مفيد أقام وعمل في مزرعتها لسنوات متتالية, وهكذا و بفضل هذه المرأة وأوراقها الملفقة حصل مفيد و وفاء وأولادهما على كرت الإقامة الدائمة في أمريكا.
و يضيف عدنان بإن مفيد ووفاء وطوال فترة معرفته بهما كانوا يعيشون في حالة فقر شديد, فإيجار شقتهم الصغيرة الشهري كان 1000$ دولار أمريكي بينما كان دخل مفيد الشهري كاملاًَ لا يتجاوز ال 800$ دولار و لهذا فإن وفاء أضطرت للعمل في إحدى محلات البيتزا و ذلك للمساعدة في نفقات العائلة و كذلك اضطرت العائلة إلى تاجير إحدى غرف الشقة للتخفيف من عبء الإيجار, و يضيف عدنان بأن وفاء و مفيد كانا يقترضان المال دائماًَ من أصدقائهم لشراء الطعام و دفع بعض الفواتير.
و هكذا ظلت وفاء تعاني مرارة الفقر ومشقة العمل المضني لسنوات طوال, و لكن بدأت الصورة تتغير بعد العام 2001م؟ حيث تركت العائلة فجاة عيشة الشقق و هموم الإيجارات لتشتري بيتين إثنين في لوس أنجيلس و محتطين لفحص صلاحية السيارات بيئياًَ (كشرط لترخيصهم في ولاية كاليفورنيا). و ينهي عدنان حديثة للمجلة بإنه لا يعرف على وجه التحديد مصدر هذه الثروة المفاجئة و لتي نزلت على وفاء ومفيد.
أما أخت وفاء, إلهام فقد حصلت على الجنسية الأمريكية عن طريق الزواج من شخص مسيحي (مع كونها مسلمة), وقد تم عقد قرانها عليه في مدينة القمار العالمية (لاس فيغاس).
فيصل القاسم هو السبب
لم تكن وفاء سلطان معروفة أبداًَ حتى العام 2001م حيث بدأت تكتب في موقع إلكتروني يدعى (الناقد) و الذي يرأس تحريره مهاجر اّخر من اصل سوري يدعى بسام درويش و يقيم بمدينة فينكس في ولاية أريزونا الأمريكية المحاذية لجنوب كاليفورنيا حيث تقيم وفاء.
يبدوا أن جرأة كتاباتها في (الناقد) على الدين الإسلامي والثقافة العربية قد لفتت إنتباه فيصل القاسم معد ومقدم برنامج الإتجاه المعاكس ذائع الصيت وأشهر برامج قناة الجزيرة القطرية وأكثرها إثارة. ومع أن لفيصل مواقف قومية ووطنية مشهودة إلا انه لكل جواد كبوة, فربما لم يقصد فيصل من إستضافتها على برنامجه لأول مرة في تموز 2005م مقابل رجل دين جزائري غير تقديم وجهة نظر مختلفة لا تخلو من بعض الإثارة للمشاهد العربي, ثم تمت إستضافتها ثانية في شباط 2006م لتظهر في مناظرة مقابل الشيخ إبراهيم الخولي.
في مناظرتها مع الخولي قامت وفاء بتوجيه إنتقادات حادة للدين الإسلامي ووصفت المسلمين بالمتخلفين الذين يفكرون بإسلوب القرون الوسطى ينما نعتت الغربيين بالتحضر والرقي, وقد إسترعت هذه المناظرة بالذات إهتمام أجهزة الإعلام الغربية خاصة بعدما قام موقع (ميمري ) بترجمة أجزاء مقتطفة من مداخلات وفاء ونشرها على صفحات موقعهم و خلال أسابيع قليلة بعدها أصبحت وفاء محط أنظار وإهتمام وسائل الإعلام الغربية ومذ حينها ووفاء ضيفة شبه دائمة على القنوات اليمينية الأمريكية والتي أشتهرت بعدائها للإسلام و للمسلمين و لكل ما هو عربي مثل (فوكس نيوز) بالإضافة لدعوتها لإلقاء محاضرات وكلمات في ندوات ومؤتمرات ينظمها اليمين الامريكي وتيار المحافظين الجدد بوتيرة مستمرة للتهجم على الدين الإسلامي و تسويق إدعائهم بالتفوق الحضاري وتبرير إجتياحاتهم للدول والشعوب (الغير متحضرة) تحت ذرائع شتى منها تحرير المرأة ونشر الديمقراطية و غير ذلك من الهرطقات.
أما موقع (ميمري) هذا والذي يعود له فضل تسويق وفاء في الغرب فهو موقع يميني صهيوني يشرف عليه ويملكه الإسرائيلي (ييكال كارمون) و يهتم بترجمة ونشر بعض ما يرد في وسائل الإعلام (الشرق اوسطية) وخاصة تلك التي تسيء إلى صورة العرب والمسلمين أو تنتقص من قيمة الدين الإسلامي و الثقافة العربية ومواد أخرى تروج للدعاية الصهونية بشكل عام.
و لا يمكن فصل ظاهرة وفاء عن تقرير مؤسسة( راند ) الأمريكية للدراسات الإستراتيجية و الذي تم إنجازه لصالح و كالة الإستخبارات الأمريكية والداعي لتجنيد او دعم (أو كليهما) كتاب و مثقفين وإعلامين مسلمين او من أصول مسلمة للقيام بمهمة التشكيك بالفهم السائد للدين الإسلامي و إعادة تفسيرة و إنتاجه ليتوافق مع المعاير الدولية الجديدة و المصاغة امريكياًَ.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية