أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مفطرات الصائم المجاهد في رمضان، بين الخطأ والنسيان

هناك مبطلات للصوم لاخلاف فيها بين جمهور العلماء ومنها الأكل والشرب عمداً، والجماع وغيرها، ولكن العلماء اختلفوا في بعض الأحكام الأخرى التي تحتمل الخطأ أوالنسيان، ومنها: من فعل شيئاً من المفطرات ظاناً بقاء الليل أوغروب الشمس فليس عليه حرج، فعن مجاهد قال: من أكل بعد طلوع الفجر وهو يظن أنه لم يطلع فليس عليه قضاء، لأن الله تعالى يقول: [حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر].

كما يرى ابن حزم أن الصوم صحيح حيث ظن أنه في غير صيام، فهو والناسي سواء، كلاهما ظن أنه في غير صيام، ولا فرق، قال تعالى: [وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم]، وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: "إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". وهذا قول جمهور السلف.
ويروى أن الناس أفطروا في زمن عمر بن الخطاب، وأُخرجت القِداح من بيت حفصة فشربوا ثم طلعت الشمس من سحاب، فكأن ذلك شق على الناس فقالوا: نقضي هذا اليوم، فقال عمر: ولم؟ والله ما تجانفنا لإثم! رواه البيهقي. ولِما رواه البخاري عن أسماء رضي الله عنها قالت: "أفطرنا يوماً من رمضان، في غيم، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا يدل على شيئين: (الأول): يدل على أنه لا يُستحبّ مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب... (الثاني): يدل على أنه لا يجب القضاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك، كما نُقِلَ فطرهم فلما لم ينقل دلَّ على أنه لم يأمرهم به".

ومن هذه الأحكام التي اختلف حولها العلماء، التقطير بالأنف، والأذن، والعين، والحقن بأنواعها والإبر العضلية، والاكتحال وكلها مما قد يمر به المجاهد ، وذهب بعض العلماء إلى أن هذه من المفطرات وتوجب القضاء، والصحيح أنها ليست من المفطرات ولا توجب القضاء، وإلى هذا ذهبت الشافعية، وابن المنذر، وعطاء، والحسن البصري، والنخعي، والأوزاعي، وأبو حنيفة، وأبي الثور، وهذا هو مذهب داود، لأنه لم يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الترمذي.

ومما اختلف فيه، ما وصل إلى الجوف عن طريق المضمضة والاستنشاق، والصحيح أنه لا يُفطر، وإن بالغ فيه، وإلى هذا ذهب الحسن البصري، والإمام أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وبه قال الشيخ القرضاوي وغيره، إلاّ أنه تكره المبالغة في ذلك.

وكل ما لم يُذكر تحت العناوين السابقة، فإنه إما من المباحات، أو المعفوات والله أعلم .

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(127)    هل أعجبتك المقالة (127)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي