في قلب الأحداث الأليمة التي تجري في سوريا وفي حمأة تكالب الأمم وتآمرها على الشعب السوري الذي يجد نفسه كاليتيم على مائدة اللئيم لا يجد جنود الرحمن ممن يجاهدون في رفع رايات الجهاد الصادقة بداً من اللجوء إلى الله وبخاصة في هذا الشهر الفضيل الذي تنفتح فيه أبواب السماء وتنغلق أبواب الشياطين، فتنعطف أفئدة المجاهدين المؤمنين إلى ظلال رحمة الله، ويتعلقون بحبال عرفانه، ولا يكون ذلك إلا بالتوجه للحي القيوم بالدعاء، والرجاء، والاستغاثة والتضرع إليه بأن ينصرهم، ويخذل عدوهم، وأن يهيئ لهم من أمرهم رشداً، وما دعانا للكتابة في هذا الموضوع هو ما رأيناه من تقليل الاهتمام والاعتناء بهذا الأمر، وكأنَّ الدعاء الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدعاء لب العبادة) صار اليوم "لزوم ما لا يلزم" لا يجدي ولا ينفع خصوصاً في اعتقاد الكثيرين مع كثرة النوازل والمصائب التي تصيب المسلمين، ولكن دروس التاريخ الإسلامي ترينا أثر الدعاء في نصرة المسلمين والمجاهدين الذين رفعوا أكفَّ الضراعة إلى الحي الذي لا يموت، ودعوا الله بأن ينصرهم وينصر دينه ويخذل أعداءه، إلاّ أنّه من الأهمية أن يُعْلَمَ أنَّ أولئك السابقين ما كانوا يدعون الله فقط بأن ينصرهم على عدوهم، وهم لم يهيئوا أسباب النصرة المادية، من الجهاد بالنفس والمال والكلمة الصادقة، وما تحتاجه تلك المعركة الدائرة بين الإسلام والكفر من تحفيز ونصرة. لقد كانوا _رضوان الله عليهم_ يدعون الله وهم متوجهون للقتال، أو يتضرعوا إلى الله ولهم مشاريع قد أُعدت لنصرة دين الله، والتي منها الدعاء، ولنا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، فقد نام صحابته الأكارم ـ رضي الله عنهم وأرضاهمـ ليلة معركة بدر، أما هو عليه الصلاة والسلامـ فقد بات تلك الليلة يصلي إلى جذع شجرة، ويكثر في سجوده قوله:"يا حيُّ يا قيوم" وكان يكرر ذلك (صلى الله عليه وسلم) ويسأل الله النصر (البداية والنهاية5/82)، وحين رأى رسول الله جند قريش قال:"اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم أحنهم الغداة" (السيرة النبوية لابن هشام3/168).
ولهذا فإن الله _سبحانه_ وصف حال رسوله العظيم وصحابته الكرام في غزوة بدر بأنهم كثيرو الاستغاثة به، ومكثرو رجاءه ودعاءه فقال: "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين" (الأنفال:9) فأين نحن من الاقتداء برسول الله وصحابته والدعاء للمجاهدين بالنصر، وخذلان عدوهم!
استجابة لقوله تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون).
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية