أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تذكرة الغافل بصيام المقاتل: "الصوم جُنّة".. لفظ نبوي يجمع الفضائل وينفي الرذائل، ويذكّر "المقاتل"

يشكل الإسلام بكل قواعده وأركانه وتشريعاته، المنهج الرباني الفذّ الذي يصوغ الصفوة الطاهرة الصالحة من البشر، ممن هم أهل لأن يباهي الله تبارك وتعالى بهم الملأ الأعلى من الملائكة الأبرار.

والحِكمُ التي أودعها الله تبارك وتعالى في تشريعات الإسلام بحر لا يدرك له قرار، يغترف منه أولو النُهى والبصائر، ما قسم الله تعالى لهم من نور وهدى، ولذلك كان الصوم أعظم مدرسة تربوية تزكي النفس وتطهّر القلب وتقوّم السلوك وتنمّي الفضائل وتنقي الرذائل.

ولعل كل هذه الفضائل وغيرها تنضوي تحت عبارة نبوية شريفة جامعة طالما رددناها في شهر رمضان دون أن ندرك معناها، وهي عبارة "الصوم جُنَّةٌ".

وقد وردت هذه العبارة في حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "الصيام جُنة، كَجُنة أحدكم مِن القتال"، وفي لفظ: "الصيام جُنة مِن النار، كَجُنة أحدكم مِن القتال".

ولعل كلمة "الجنة"، تذكّر المقاتل الصائم أن لا وقاية له ولا درع لديه أحصن من تقوى الله الجليل، والصيام تقربا إليه، رغم كل ما للدروع والتحصينات من أهمية في المعارك التي يخوضها المجاهدون. 

وجاء في المعجم الوسيط، الجُنة: السترة، وكل ما وقى من سلاح وغيره. ويقال: الصوم جنة: أي وقاية من الشهوات. وأصل الجُنة أيضاً "الدرع"؛ لأن العرب تقول للدرع :جُنة، والدرع هو صحيفة من الحديد، كان المقاتل يلبسها في ساحات القتال ليحتمي بها من الموت، ومن الطعنات، ولذلك كان الصيام أيضا درعا واقية تقي الصائم وتحميه من النار وتحجزه وتعصمه من الشهوات المردية.

والصوم جنة بمعنى الوقاية من سوء الخلق والسفه والجهل، ولزوم الوقار ومكارم الأخلاق، وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب. فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم"، رواه البخاري ومسلم.

والصوم تاليا، جنة من المعاصي ووقاية للعبد من مقاربة الحرام، وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". رواه البخاري. 

فما أعظم بركة اللفظ النبوي الذي جمع الفضائل ونفى الرذائل، وأهّل الصائم لأسمى المنازل. يعبر عن كل هذا وغيره بلفظ من ثلاثة أحرف، لو فصلت معانية لملأت المجلدات.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(134)    هل أعجبتك المقالة (144)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي