في الشهر الثاني من العام الجاري أطلق جيش النظام قذيفة عشوائية بقصد قتل أطفال أبناء المعرة فأصابت القذيفة رأس تمثال أبي العلاء المعري فقطعته، هذه هي رواية الجيش الحر لواقعة تهشيم تمثال أبو العلاء وقطع رأسه. وقد رواها السيد هيثم عفيسي قائد المجلس العسكري في معرة النعمان.
لم يصدق التغريبيون القصة ولا العلمانيون وجعلوا الموضوع مادة أخبارهم وتحليلاتهم وظهرت كل الفقاعات الإعلامية في سوريا لتتحدث عن رأس تمثال أبي العلاء، حتى إن بعضهم من متسلقي الثورة ادعى أن الذي فعل ذلك مجموعة سلفية تكفيرية متشددة، وحلف الأيمان على ذلك وما هو ابن المعرة ولا عاين الثورة ولا رأى التمثال في حياته، وذهب بعضهم أبعد من ذلك فربط قطع رأس التمثال بقتل أبي العلاء بشخصه وجزّ عنقه لأسباب دينية وراح يربط المسألة بقتل الحلاج، ويذكر أسماءً قرأها على الأغلب عندما كان في الابتدائية التي لم يخرج منها بعد. وأصر بعضهم على أن قتل أطفال سورية وقطع رؤوسهم، لا يؤخر الحديث عن تهشيم التمثال. لقد أرادوا أن يبهروا العيون بتنورهم وثقافتهم وحبهم للتاريخ ومعرفتهم به، وأنهم سمعوا بالحلاج وبعبد الله بن المقفع ذات مرة. وشاءت حكمة الأقدار أن يقوم جيش النظام بتدمير مئذنة المسجد العمري في الشهر الرابع من هذا العام، والمسجد كما لا يخفى على أحد بناه الصحابة الكرام في العام السابع عشر للهجرة أي أن عمره يزيد على أربعمائة وألف عام. وقد تتبعت أولئك الخائفين على تمثال أبي العلاء الحزينين على رأسه العارفين بالحلاج، فما وجدت للطمهم نبس شفة في المسألة، بل صمتوا صمت القبور، إذ الخبر لا يعنيهم في شيء، فهي اليوم ليست تماثيل بوذا.
عاد للذهن موقف هؤلاء الكتاب "الفقاعات" من تدمير سرير بنت الملك في بصرى وهو يعود إلى ألفي عام قبل الميلاد وهو يمثل حضارة معمارية عريقة ورمزية تاريخية خاصة، ومع أن الجيش الحر في درعا قد حذر في مطلع آذار من تدمير آثار بصرى، إلا أن كاتباً واحداً من الذين أتحدث عنهم استجاب للموضوع، ووقفت دبابات الاسد وبدأت تقصف السرير حتى "استشهد" ولم نر مقالاتهم قد حشت النتّ حشواً دفاعاً عن الآثار.
ثم وقبل أيام فقط قامت ميليشيات حزب الله وشبيحة الأسد بتدمير ضريح خالد بن الوليد وتدمير مسجده والعبث في حرمته، ومرة أخرى ألقيت نظرة على جماعة الحلاج وابن المقفع ، فلم أجد لهم حسيساً ولم تعنهم المسألة في شيء وبعضهم لم يعلق على الحادثة من أصله، ولم تعنه على الإطلاق.
ماذا بقي؟ بقي أن الصورة اتضحت فإن هؤلاء الكتاب أرادوا أن يغمزوا من قناة الإسلام بأي طريقة ولما كانت الصورة غير واضحة في المعرة فقد وجدوا فرصتهم بالهجوم على المسلمين ودينهم فطاب لهذه "الفقاعات" الهجومَ والكتابة والتأليف والتنظير، وتناقل بعضهم كتابة بعض على مواقع التواصل الاجتماعي وتكلموا بالحضارة والتنوير والعلمانية والليبرالية ومعظهم يجر الفاعل ولا يجيد العربية فضلاً عن أن يدرك كنه المصطلحات الأجنبية.
خالد يبصق في وجوه هؤلاء، كما يبصق في وجه كل عميل ساهم في دخول ضريحه والعبث بحرمة مسجده. فهو يبصق في وجوه بعض أعضاء الائتلاف الذين كانوا في الولايات المتحدة حجاجاً عندما دُنس الضريح، ويبصق في وجه أولئك الخونة الذين منعوا السلاح عن حمص، ويبصق في وجوه الذين تركوا حمص محاصرة لمدة أربعة عشر شهراً ولم يمدوا لها يد العون ولم يفكروا بأهلها وجيشها الحر وجرحاها ونساءها وأطفالها، ويبصق خالد في وجه الذين كانوا يقدرون على منع سقوط الخالدية ولم يفعلوا من أمة المليار التي يرزح حكامها تحت عبادة البيت الأبيض. وبصق في وجوه أولئك الذين يدفعون الأموال الطائلة لتقويض الثورات العربية ويمولون انقلابات العسكر، ويدّعون في الوقت نفسه أنهم مرجعية الإسلام، يبصق في وجوههم وقد وجهوا ملياراتهم لتقويض الشرعية في بلاد الربيع العربي وتركوا ميليشيات حزب الله تعبث بتاريخ المسلمين وحضارتهم وثقافتهم. وأخيراً يبصق خالد في وجوهنا جميعاً ....جميعاً.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية