أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تذكرة الغافل بصيام المقاتل: صيام الجريح، ومعايير الأخذ برأي الطبيب

الجريح في حكم المريض فإذا دخل عليه شهر رمضان وهو مصاب أو أصيب في أثنائه، فله حالتان كما يقول العلماء، الحالة الأولى: أن يُرجى زوال مرضه، فهذا إذا خاف مع الصيام زيادة مرضه، أو طول مدة شفائه جاز له الفطر إجماعا، وجعله بعض أهل العلم مستحبا؛ لقوله تعالى: [وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ]، ولما رواه الإمام أحمد وغيرُه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن توتى معصيته"، فيكره لهذا المصاب الصوم مع المشقة؛ لأنه خروج عن رخصة الله، وتعذيب من المرء لنفسه.

أما إن ثبت أن الصوم يضره، فإنه يجب عليه الفطر، ويحرم عليه الصيام؛ لقوله تعالى: [وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا]، ولما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لنفسك عليك حقا"، فمن حق النفس أن لا تضرها، مع وجود رخصة الله تعالى.

وإذا أفطر المصاب الذي يخشى تضرره، قضى بعدد الأيام التي أفطرها ولا كفارة عليه.

الحالة الثانية: أن تكون الإصابة قد تتأثر بالامتناع عن الطعام، كما لدى مرضى السكري والضغط وما شابهها من أمراض، فإذا كان الصوم يشق على المريض فإنه لا يجب عليه، لأنه لا يستطيعه، وقد قال تعالى: [لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا]، بل يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه؛ لأنه ليس له حال يصير إليها فيتمكن فيها من القضاء، وفي هذا وأمثاله يقول تعالى: [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ].

ولكن إذا أخبرنا الطبيب الثقة العارف بوجود الضرر من الصوم بالنسبة للمجاهد الجريح فهل يكون قوله حجة يجب اتباعها؟

الجواب هو أن الروايات المتقدمة جعلت المكلف مؤتمنا على الصوم، وجعلته على بصيرة من نفسه، فإن رأى من نفسه القدرة على الصوم صام، وإن وجد من نفسه عدم القدرة على الصوم أفطر، وإذا أوجد تحذير الطبيب من الصوم عند الجريح خوفا، فيجب عليه الإفطار، وأمّا إذا لم يوجد خوفا من الصوم (كأن يوقن المكلف أو يظن بخطأ الطبيب) فلا يكون لتحذير الطبيب أي أثر.

وكذلك، إن أخبر الطبيبُ المكلفَ بعدم الضرر من الصوم، ولكن المكلف أحس بالضرر أو خاف منه أو ظن به فيجب عليه ترك الصوم، لأن صحة الصوم مشروطة بعدم خوف الضرر، والنتيجة هي عدم الاعتداد بقول الطبيب إلا إذا أوجد خوفا عند المكلف من الصوم.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(151)    هل أعجبتك المقالة (143)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي