الشهداء هم من أكرم الخلق وأحبهم إلى الله، كيف لا وقد أعد الله لهم حياة من أرفع وأفضل ما أعد لعباده الصالحين. فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى الصلاة والنبي يصلي بنا، فلما انتهى إلى الصف قال: اللهم آتني أفضل ما تؤتي عبادك الصالحين! فلما قضى النبي الصلاة قال: من المتكلم آنفا، قال الرجل: أنا قال: إذن يعقر جوادك وتستشهد في سبيل الله". رواه الحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم.
والشهادة في سبيل الله توجب الجنة لقوله تعالى: [إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ].
ويقول سيد قطب معقبا على هذه الآية في كتابه الشهير "في ظلال القرآن": "حقيقة هذه البيعة أن الله سبحانه قد استخلص لنفسه أنفس المؤمنين وأموالهم فلم يعد لهم منها شيء.. لم يعد لهم خيار أن يبذلوا أو يمسكوا.. كلا.. إنها صفقة مشتراة لشاريها أن يتصرف بها كما يشاء، وفق ما يفرض ووفق ما يحدد، وليس للبائع فيها شيء سوى أن يمضي في الطريق المرسوم، والثمن هو الجنة.. والطريق هو الجهاد والقتل والقتال.. والنهاية: هي النصر أو الاستشهاد".
وليس من إنسان يتمنى أن يرده الله إلى الدنيا سوى الشهيد، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا، وأن له ما على الأرض من شيء إلا الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة"، وفي رواية "لما يرى من فضل الشهادة".
ومن فضل الشهداء أن الملائكة تظللهم بأجنحتها، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جيء بأبي إلى النبي قد مُثّل به، فوضع بين يديه، فذهبت أكشف عن وجهه فنهاني القوم، فقال النبي: ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها" متفق عليه.
وقد بلغ من مكانة الشهيد عند الله أنه يشفعه في سبعين من أهل بيته، أي يجعله شفيعاً لهم فيدخلون الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود في الجهاد: "يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته".
فالآيات والأحاديث في فضل الشهادة في سبيل الله كثيرة، فما بالك إن نال هذه الشهادة عبد مجاهد محتسب وهو صائم ابتغاء مرضاة الله!
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية