كثيرة هي الأحاديث التي تحضّ على صوم عاشوراء وتُرغّب فيه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم يوم عاشوراء، ويرّغب الناس في صيامه، لأنه يوم "نجَّى الله فيه موسى وقومه, وأهلك فيه فرعون وقومه" ولذا يُستحَبّ لكل مسلم ومسلمة صيام هذا اليوم وهو اليوم العاشر من محرم شكراً لله عز وجل, ويُستحَبّ أن يصوم قبله يوماً أو بعده يوماً مُخالَفَة لليهود في ذلك، وإن صام الثلاثة جميعاً التاسع والعاشر والحادي عشر فلا بأس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ, فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. فَقَالَ: «مَا هَذَا؟». قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ». فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) متفق عليه.
ولذلك ينبغي للمسلم أن يحرص على صيام هذا اليوم العظيم, ولا يُفرِّط في ذلك إلا لضرورة، أما المجاهد في سبيل الله تعالى فالأفضل في حقه الإفطار ليتقوّى بالإفطار على القتال إن كان في معركة أو نحوها نزولاً عند قوله تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} لذا يجوز للمجاهدين الإفطار إذا خافوا على أنفسهم التلف لضعفهم بسبب الصيام، قال الشوكاني رحمه الله: "ووجوب الإفطار لخشية التلف معلوم من قواعد الشريعة كلياتها وجزئياتها, كقوله تعالى: (ولا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْر, فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ») - السيل الجرار (286)، ويتأكد هذا الوجوب إذا أمر قائد المجاهدين بالإفطارليتقوّى المجاهدون على الجهاد، لأن طاعة الأمير واجبة في غير المعصية، ولا شك أن أجر المجاهد في سبيل الله عز وجل من أفضل الأعمال والقرب إذا صلحت نيته، عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: ((جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ. قَالَ: « لَا أَجِدُهُ ». قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ, فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ, وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ؟). رواه البخاري.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية