أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تذكرة الغافل بصيام المقاتل: حكم صوم الأسير في رمضان

الأسير لغة : مأخوذ من الإسار، وهو القيد، لأنهم كانوا يشدّونه بالقيد، فسمي كل "أخيذ" أسيرا، وإن لم يشدّ به، وكل محبوس في قيد أو سجن أسير.

عرّف الماوردي الأسرى بأنهم: الرجال المقاتلون من الكفار، إذا ظفر المسلمون بهم أحياء، كما يطلقون لفظ الأسير على: المسلم الذي ظفر به العدو.

ولا يخلو حال الأسير في معرفة شهر رمضان من حالتين، الحال الأولى: أن يعرف شهر رمضان من بين الشهور، لكنه لا يعرف بدء الشهر. الحالة الثانية: أن لا يعرف شهر رمضان من بين الشهور.

فأما الحالة الأولى: إذا لم يعرف بدء شهر رمضان برؤية الهلال أو سؤال من يثق به، فإن الواجب في حقه إكمال شعبان ثلاثين يوما، ثم يصوم رمضان ويكمله ثلاثين يوما، ثم يفطر، يدل على ذلك الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" رواه البخاري في صحيحه.

وأما الحالة الثانية: أن تلتبس عليه الأشهر فلا يعرف شهر رمضان من بين الشهور، وهنا ذهب الجمهور من العلماء أنه لا يسقط عنه صوم رمضان لبقاء التكليف في حقه، وذهب ابن حزم في كتابه "المحلّى بالآثار" إلى أنه يسقط عنه صوم رمضان إذا أشكل عليه معرفته لقوله تعالى: [فمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه]، فلم يوجب الله صيامه إلا على من شهده، ومن جهل وقته لم يشهده، قال تعالى: [لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا].

وقد اتفق الفقهاء في هذا الخصوص على أنه يجب على الأسير أن يجتهد ويتحرى قدر وسعه في معرفة شهر رمضان، وله بعد هذا التحري والاجتهاد حالتان، الأولى: أن يغلب على ظنه ويترجح عنده أحد الشهور أنه رمضان. والثانية: أن تتساوى عنده الاحتمالات فلا يترجح عنده شيء.

وإذا غلب على ظنه وترجّح عنده أحد الشهور أنه رمضان، فإنه يصومه بناء على هذا الظن، وله أن يبقى على صومه الذي صامه بناء على اجتهاده وظنه، وفي هذه الحالة صومه صحيح ويجزؤه عند عامة الفقهاء؛ لأنه أدى فرضه باجتهاده، وهو أشبه بالمصلي يوم الغيم إذا اشتبه عليه الوقت، وخالف ابن القاسم من المالكية في كتابه "الكافي في فقه الإمام أحمد" هذا، فقال: لا يجزؤه لاحتمال وقوعه قبل رمضان، ولا تبرأ الذمة إلا بيقين، والراجح ما ذهب إليه عامة الفقهاء؛ لأنه غلب على ظنه أنه رمضان بعد اجتهاد وتحر، وغلبة الظن تبنى عليها الأحكام، وما لم يظهر له خلاف ظنه، يبقى صومه صحيحاً حتى يظهر خلاف ذلك.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(151)    هل أعجبتك المقالة (153)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي