أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تذكرة الغافل بصيام المقاتل: صيام المجاهد.. انتصار على الشهوات والنزوات

لا شك أن النفس الإنسانية عالم كبير، يموج بعضه في بعض، وتتصارع فيه نوازع الخير والشر، ولكن هذه النفس تحكمها غرائز مختلفة، كحب الذات، والخوف والغضب، واللهو والطرب والمحاكاة والتقليد، وحب التملك والأنانية المفرطة، مما قد نراه في دنيا المجاهدين اليوم.

وهذه النوازع والغرائز إذا لم تقوّم بالتربية الرشيدة والتوجيه السليم، انحرفت عن طريق الحق والخير، وعصفت في طريق انحرافها بكل ما يعترضها من الفضائل ومكارم الأخلاق، ومن ثم كان جهاد النفس هو الجهاد الأكبر؛ لأن جهاد العدو الظاهر مهما تكن شدته وقسوته مؤقت بزمان، أما شهوات النفس البشرية ونزواتها وغرائزها فدائمة معها، لازمة لها لا تنفك عنها في أية مرحلة من مراحل حياتها، وإن كان بعضها يختلف عن بعض باختلاف المراحل والأطوار التي تمر بها، كشهوة اللعب في الطفولة، والحب في الشباب، والطمع في الرجولة، والسلطة في الكهولة.

فهذه الشهوات والغرائز وما يتصل بها لابد لها من رقابة واعية وتقويم سليم، وتوجيه راشد، وجهاد متصل، ثم إن الإنسان يتعرض في كثير من الأوقات لكثير من المؤثرات والمغريات والمثيرات فإذا لم يكن قوي النفس، منيع الجانب، عظيم الخلق، لم يثبت للأحداث، ولم يصبر على المكاره، ولم يصمد لعوامل الإغراء والإغواء، لهذا كان الصوم جهادا و إعدادا للجهاد، إذ يعوّد المؤمنين الصبر على الجوع والظمأ، والحرمان من شهوتي البطن والفرج، ويصلهم بالله صياما في النهار وقياما بالليل، ويروّضهم على الصبر وقوة الاحتمال ومضاء العزيمة، وسمو الهمة، والاستبسال في القتال وإيثار حب الله ورسوله على ما سواهما من شهوات النفس ومتع الحياة وعرضها الزائل، كما يقول الله عز وجل: [قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ]

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(135)    هل أعجبتك المقالة (146)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي