لا يخلو حال المجاهدين في سبيل الله من التنقل والسفر من مكان إلى آخر تبعا لظروف المعارك ومجرياتها، وقد يخرجون لمسافات تقصر فيها الصلاة فيأخذون عندها بأحكام المسافر, ويجوز لهم الإفطار لرخصة السفر اتفاقا، كما يرى بعض العلماء استنادا لقوله تعالى: [أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ].
وروي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح حتى بلغ "كراع الغميم" وهو واد أمام عسفان وصام الناس معه فقيل له: "إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنهم ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه، فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فلبغه أن أناسا صاموا فقال: أولئك العصاة". رواه البخاري.
وقد ذهب علماء في شرح الحديث إلى أن الجهاد يتطلب الإفطار، أما إذا كان الجهاد لا يرافقه سفر، وهو ما يحصل في كثير من الحالات في سوريا، فهنا يكون تقدير الأمر للمجاهد نفسه، فمن يرى في نفسه المقدرة على الصيام مع الحفاظ على قوته وعدم فقدان التركيز فليصم، ومن يجد نفسه غير قادر فليفطر ويقضي صيامه بعد رمضان أو بعد انتهاء أعمال القتال، بدليل فتوى الشيخ "ابن عثيمين" رحمه الله، الواردة في كتاب الدعوة صفحة 806، وفيها: "إذا كان الذين يحاربون الكفار مسافرين سفرا تقتصر فيه الصلاة جاز لهم أن يفطروا وعليهم القضاء بعد رمضان، وإن كانوا غير مسافرين بأن هجم عليهم الكفار في بلادهم فمن استطاع منهم الصوم مع الجهاد وجب عليه الصوم، ومن لم يستطع الجمع بين الصيام والقيام بما وجب عليه عينا من الجهاد جاز له أن يفطر، وعليه قضاء صوم الأيام التي أفطرها بعد انتهاء رمضان".
وخلاصة القول: إذا كان المجاهد مسافرا وجب عليه الإفطار، وإن لم يكن مسافراً فليصمْ إذا وجد نفسه قادرا على الصيام مع الحفاظ على قوته.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية