يُستحَب للمجاهدين إذا اقتربوا من لقاء العدو أن يفطروا ليتقووا بذلك على الجهاد، استنادا للحديث النبوي الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه حيث قال : (سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم"، فكانت رخصة فمنّا من صام ومنّا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر، فقال: إنكم مصبّحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا، وكانت عزمة فأفطرنا) رواه مسلم.
أما أن يخرج المجاهدون لملاقاة العدو مسافة دون القصر (قصر الصلاة)، أو يهجم الأعداء على بلد المجاهدين, فهنا اختلف الفقهاء, هل يجوز للمجاهدين الإفطار, أم إن الصيام يبقى واجبا.
والصحيح جواز الإفطار بشرط التحقق من وقوع القتال، فقد روى ابن كثير أن ابن تيمية رحمه الله "أفتى الناس بالفطر مدة قتالهم -أي للتتار- وأفطر هو أيضا، وكان يدور على الأجناد والأمراء فيأكل من شيء معه في يده؛ ليعلّمهم أن إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل, فيأكل الناس". البداية والنهاية (14/ 26).
ولأن الله تعالى قال في محكم تنزيله: [وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ], والفطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة، فيجب على المجاهدين الإفطار إذا خافوا على أنفسهم التلف لضعفهم بسبب الصيام، وتحققوا من لقاء العدو.
قال الشوكاني رحمه الله: و وجوب الإفطار لخشية التلف معلوم من قواعد الشريعة، كلياتها وجزئياتها, كقوله تعالى: [ولا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً], وقوله تعالى: [فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ]، ومن أفطر من المجاهدين في رمضان يجب عليه القضاء، ولا يسقط عنه ذلك، لقوله تعالى: [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ]....
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية