أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

جريدة الجزيرة القطرية بين الثلاجة أو المتحف

صراع الأولويات داخل الحكومة ألقى عليه ظلالاً قاتمة من التعطيل

 تقول مصادر مقربة من 10 " داوننغ ستريت " القطري، أي رئاسة الوزراء، إن مشروع جريدة "الجزيرة" الدولية، التي كان من المفترض الإعلان عن صدورها في تزامن مع العيد العاشر للقناة، قد دخل إلى مرحلة "التجميد" بسبب خلافاتٍ في وجهات النظر بين أمير البلاد ورئيس وزرائه ورئاسة مجلس إدارة قناة الجزيرة. ويضيف أحد هذه المصادر وثيقة الإطلاع خلال حديث مع "إيلاف" في بهو أحد الفنادق الكبرى في الدوحة قائلاً :"هنالك ثلاثة مراكز تتصارع حول الأولويات وليس حول المبدأ، ويبدو أن القيادة ترى أن الجريدة لم تعد لها الأولوية حالياً، خصوصاً في وقت تشهد فيه علاقاتها مع الرياض تحسناً لافتا".

وسبق وأن أخذت الاستعدادات لإصدار جريدة دولية جديدة من قطر، تنافس جريدتي "الشرق الاوسط" و"الحياة" الدوليتين، استراحة طويلة مع بدء العد العكسي لبدء دورة الاسياد الرياضية، وانهماك كبار المسؤولين في الأمارة الصغيرة بتنظيم الدورة ومتابعتها.  إلا أنه وحسب ما سمعته "إيلاف" من أحاديث حول المآدب الرسمية العليا في الدوحة فإن هذه الاستراحة قد تمتد إلى أطول فترة ممكنة بسبب أن هذه الأمارة الغنية بالغاز لديها أولويات أخرى جديرة بالاهتمام على أجندتها، ما قد يحوّل هذا المشروع، الذي حظي باهتمام غير مسبوق، إلى مجرد ذكرى.

ويشير مصدر قطري إلى أن هنالك ميزانية جاهزة لمدة عامين لهذه الجريدة يمكنها من الدفع إلى كادر تحريري لم يتم تشكيله حتى الآن باستثناء كرسي رئاسة التحرير الذي يشغله عبد الوهاب بدرخان.

كما أنه يؤكد أن التحول اللافت في علاقات الرياض - الدوحة لا بد أن يلقي بظلاله على هذا المشروع، بل وعلى قناة الجزيرة ذاتها. ويرى إعلاميون عرب أن الدوحة، التي تستحم بعائدات نقدية بفضل مبيعاتها من الغاز المسال، تحاول بهذه الهجمة على الإعلام السياسي بكافة أوردته تقليم أظفار الرياض التي كانت إلى وقت قريب تسيطر على رؤوس الإعلام في العالم العربي المؤثر في الرأي العام الشعبي، وتتحكم باتجاهاته.

 وليست هذه الأخبار الوحيدة المزعجة للرياض، بل إن الولوج الإيراني إلى بوابة الصحافة اللبنانية التي كانت إلى حد قريب متناغمة مع الصوت السعودي بشكل تام، يبعث برسالة جديدة إليها عنوانها:" لقد تغير الوقت".

ويقول رئيس التحرير المعين عبد الوهاب بدرخان في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق أن "الجزيرة الدولية" ستصدر من عاصمة عربية، اي من الدوحة وليس من لندن، كما هو الحال مع "الشرق الاوسط" و"الحياة"، ما يعني أنها تمثل تجربة جديدة وتحديا فريدا من نوعه. ويعتبر تعيين بدرخان في هذا المنصب حدثا بحد ذاته، على اعتبار انه عمل على مدى سنوات طويلة في صحيفة "الحياة" من لندن بعد ان انتقل اليها من باريس، سواء كمدير للتحرير أو بعد ذلك نائبا لرئيس التحرير لفترة طويلة قبل أن يغادر بسبب خلافاته مع رئيس تحريرها الجديد غسان شربل.

ويعطي بدرخان تفسيرا غير مباشر لهذا التحول باعتبار ان "الجزيرة الدولية" سيكون لها "خط تحريري خاص بها" لن يكون "لا مطابقا ولا متعارضا" مع الخط التحريري لقناة الجزيرة التي اثارت الكثير من الجدل.

وحملت قناة الجزيرة، التي ولدت فضائياً من الدوحة، اسم صحيفة سعودية محلية تأسست قبل نحو أربعين عاماً تحمل الاسم ذاته، بالإضافة إلى أن معظم الكوادر التي ضمتها القناة فور انطلاقها هم من ذوي الروابط السعودية الذين كانوا يعملون في القسم العربي من (B.B.C) القناة التي أغلقت بعد أن سببت صداعا لمالكيها من الأسرة الحاكمة في الرياض. ويمكن أن ينطبق عليها وصف أحد الدبلوماسيين الخبثاء في المنطقة حين قال عنها في تصريح ليس للنشر إنها "قناة سعودية معارِضة".

غير أن الفرق بين الجزيرتين واضح في عدد من الملامح ليس أقلها أن الجزيرة الفضائية اختارت لنفسها شعارا بلون أصفر كما هو المفترض في لون الجزيرة العربية، بينما الأخرى ولدت لتكون جزيرة زرقاء نتيجة لميولها المتعصب إلى أحد الأندية المحلية المشتهرة بلونها الأزرق؛ وهو اللون الذي يمكن أن ينطبق على كل شيء إلا أن يكون لون جزيرة العرب الصحراوية. وبالعودة إلى بدرخان فقد قال إن ردود الفعل الأولية على المشروع كانت مشجعة، مبدياً تفاؤله بتحقيق عمل مهني جيد، كما حصل في تجربته الطويلة في "الحياة"، فيما يختلف هذا التوجه عند عدد من زملاء المهنة لاسيما رئيس تحرير "القدس العربي" عبد الباري عطوان الذي لا يعتقد أن هذه التجربة الجديدة ستحقق النجاح المنشود.

وليس سرا أن عطوان أمضى أكثر من  20 عاما ًفي خدمة الإعلام السعودي لاسيما "الشرق الأوسط" التي انطلق منها ليحقق نفسه في مشروع آخر يحظى برعاية ودعم الإعلام القطري الذي انفق على "القدس العربي" ما يكفي لإصدار جريدتين من طراز "الجزيرة الدولية" حسب ما يقول مراقبون. والمعروف أن الزميلة سنا العالولي هي من مؤسسي صحيفة  "القدس العربي" التي  تتهم  بأنها ذات ارتباط بالحكومة القطرية، وهي زوجة الزميل بدرخان ولها خبرة طويلة في العمل الصحافي جعلتها واحدة من ألمع الصحافيات من بنات جيلها.

وصنع الإعلام السعودي الذي يتحدث البعض عن فشله، وتحديدا الزميل عطوان، معظم نجوم الإعلام العربي من 20 عاما أو أكثر، وكان جواز المرور لكثير من الصحافيين الذين تسلموا مناصب إعلاميه كبرى في أكثر من مكان. ولا شك أن عطوان بما حققه خلال مسيرته الطويلة هو أفضل مثل على ذلك، كي لا يقال عنه إنه خريج المدرسة التي يعتبرها فاشلة. وحسب نظرية عطوان "فإن قطر عرفت حتى الآن كيف تختار الكفاءات (..) وان تحد من التدخلات السياسية" في الإعلام الذي تموله".

ويقول عبد الوهاب بدر خان إن الجريدة الجديدة لن تشكل منبرا مناهضا للسعودية التي توترت علاقاتها مع قطر منذ ان استدعت الرياض سفيرها في الدوحة في حزيران(يونيو) 2002 احتجاجا على برنامج بثته قناة الجزيرة. وقال في هذا السياق "انا شخص مهني. لا اعتبر نفسي موظفا في اي اجندة سياسية" ،مؤكدا ان "الخلاف بين دولة قطر والمملكة لا بد ان يجد نفسه على صفحات الصحيفة بشرط الا يكون هناك افتعال او اختراع او فبركة او شتائم".  

ايلاف
(131)    هل أعجبتك المقالة (119)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي