فوائد سماحة السيد

لا سماحة ولا سيد، إنما هو الذم بلغة المدح. لكن علينا أن نعترف أن الرجل ذو فوائد جمة ويستحق الشكر عليها. ويستطيع المتابع أن يلحظ هذا بيسر وسهولة.
في العام 2005 وصفتُ إيران بالعدو. فهاجمني أصدقائي وخلاني، حتى أبناء قريتي الصغيرة شرق درعا لم يوفروني، بعضهم اليوم سيطلع على هذا المقال ويذكر أنه ما قصر في شتمي والسب عليّ. وبالطبع اتهمني القوم بالطائفية، وهددتني جهتان رسميتان بالويل والثبور. دافعت عن نفسي وقتها أنني لا أحارب إيران وأتباعها من منطلق سني وشيعي بل من منطلق مسلم وكافر، فلم أنظر إلى إيران يوماً إلا أنها دولة الكفر الأولى. وتكلمت في احتلال الجزر الإماراتية والأهواز والموقف من العراق....الخ. عندما جاءت مسرحية حرب تموز بين حزب الله والكيان الصهيوني، قلبت طاولة القوم علي، فالرجل يقاتل العدو، ويريد أن يحرر فلسطين ولا أنكر أنني دافعت عن تلك المعركة ووقفت بعنف ضد أولئك الذين خذلوه من العرب والمسلمين.
هنا تبدأ القصة التي أعترف أننا بدأنا نفهمها متأخرين نوعاً ما، فقد تغلغل حزب الله بين السوريين بل في دول عربية عديدة، ليس بوصفه حزباً سياسياً بل بوصفه حزباً مسلماً شيعياً. كنا نمشي في دمشق ونرى أعلامه الصفراء، وصوره على بعض السيارات، لكن كثيراً منا لم يكن يأبه لذلك بل يفتخر بأن هذا الرجل زعيم المقاومة وأنه انتصر على الصهاينة. شيئاً فشيئاً انتشرت صوره في كل مكان حتى دخلت البيوت وأصبح انتقاده محرما على الناس كافة، ليس من الأسد وشبيحته فحسب، بل من الناس أنفسهم ولو كانوا أصدقاءك وأحباءك. في الوقت نفسه بدأت أنشطة شيعية مريبة في سورية خاصة في الرقة ودير الزور ودمشق. وقد آلمنا أن رجال الدعوة الشيعية بدؤوا يصلون معاقل السنة في درعا في نوى مثلاً. وبدؤوا يتكاثرون بشكل لافت. كانت الدولة تمكنهم من القيام بالنشاطات الدعوية وتبني لهم الأضرحة الوهمية كما حدث في داريا على سبيل المثال حيث بُني مقام السيدة سكينة في قلب منطقة سنية خالصة، وملأ بالأسلحة. كان الرد على أي اعتراض على تلك الأنشطة: يا ليتنا مثلهم، من يحارب إسرائيل إلا هم، أوَ لا ترى ما فعله زعيم المقاومة حسن نصر الله في العدو. وبدأنا نسمع عبارات مثل رجل لا يقول إلا الصدق وما وعد إلا وأوفى.
كاد حزب الله ومن خلفه إيران يسيطران على سورية بسنتها خاصة، وكان قبوله قد أصبح خطرا على البلاد كلها.
قامت الثورة السورية وخشينا كأعداء لحزب الله مفاخرين بهذه العداوة، أن يقف الحزب مع الثورة، فيشيع سورية بمن فيها ويحول أهلها إلى اللطم والعويل. لكن حقد الرجل الطائفي على المسلمين أوقعه فيما لم يحمد عقباه إذ اختار الجانب الخطأ، وظهرت حماقته وصدّق ببلاهته وسطحيته أن حاكماً يمكن أن ينتصر على شعب ثائر شعاره ننتصر أو ننتصر.
وقف الخسيس مع الأسد وتلك كانت فائدته. فبفضل هذا الرجل انحصر التكفير في سورية المسمى تشييع. وعرف الناس عدوهم من صديقهم. وبفضله فُضحت إيران وظهر موقفها من أهل السنة ورغبتها بالقضاء على كل مسلم في هذه الأرض من أجل رفع رايات الحسين. وقام الناشطون بالبحث في الملفات الصوتية والتاريخية فاستخرجوا أحلام الخميني ورغبة حزب الله بتحويل لبنان إلى دولة تابعة للولي الفقيه. انتفض الناس في سورية لأول مرة على مبدأ التكفير المسمى تشييع. بل وعاد بعض المتشيعين إلى طريق الهدى بسبب إداركهم للحقد والخبث الذي يحمله حسن نصر الله وحزبه.
بفضل هذا الرجل، فهم السوريون العلاقة التي تربط إيران وحزب الله "بإسرائيل" وفهموا لأول مرة ما معنى أن تحتل إيران بغداد وتنصب المالكي وتحتل أفغانستان وتنصب حامد قرضاي، وفهم السوريون معنى أن يفاخر الإيرانيون باحتلال البلدين.
بفضل سماحة السيد، ترتفع كلمة الجهاد بعد أن اختفت أكثر من مائة عام، وبفضله يجتمع علماء الأمة الإسلامية فيجهروا بصوت الحق ويطالبوا الأمة باتباع طريق الجهاد. بفضله يتطوع الشباب في البلاد الإسلامية حماية لدينهم. وبفضله تصحو بلاد عربية أخرى، يصحو مرسي وينتبه عبد الله الثاني، وتصبح ثورة الشعب السوري رمزاً للكرامة والحرية. بفضل هذا الرجل فهم المسلمون ما يحدث في البحرين. وبفضله هو لا سواه، تحركت أمريكا خوفاً من دعوة الجهاد التي أطلقها علماء الأمة.
حسن نصر الله يستحق الشكر لوقوفه مع الأسد، فقد أنقذ بلادنا من خطر الوقوع في الكفر، وأحيا الأمة وعلماءها وجعل رجالها في صف واحد.تحية لذلك العلم التكفيري الذي رفعه حسن نصر الله على مسجد عمر بن الخطاب في القصير، وتحية لكل خطاباته التي أسقطت ورقة التوت عن كذبه وأحقاده. وميزت الخبيث من الطيب. تحية له فقد ساعدنا على إسقاطه وإسقاط مَن خلفه.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية