باكستان قادمة إلى المعركة السورية للجم إيران.. فأين المعارضة؟!

المعادلة الثابتة في الأزمة السورية، أن كل ما يؤذي ويضعف ويقلص نفوذ إيران في المنطقة في أي بقعة إقليمية، فهو مكسب استراتيجي لا بد العمل من أجله، بل وبناء التحالفات السياسية والعسكرية لتحقيقه. هذا ينطبق على إيران وروسيا وحزب الله وكل أعوان وحلفاء النظام السوري.
لا يجب أن تغيب عن قادة المعارضة السورية التطورات السياسية المحيطة بالشرق الأوسط وتفاعلاتها وتداعياتها على الصراع في سوريا، خصوصا وأن الصراع أخذ طابعا طائفيا وسياسيا معقداً، كما لا يجب عليها (المعارضة) أيضا أن تغرق في تفاصيل الصراع الداخلي بمعزل عن "الديناميات" الإقليمية والدولية، وعليها التصرف كقادة دول وليس كمعارضات سياسية على طريقة المنتديات والمثقفين- كما هو الحال في معارضة جيل السبعينات وأواخر الثمانينات. فالبناء في هذه اللحظة السياسية الحساسة، نقطة البدء وقاعدة المستقبل مهما كانت التغييرات المقبلة.
في باكستان حدث تطور مفصلي وانقلاب سياسي نوعي في الحياة السياسية بعد فوز حزب الرابطة الإسلامية بقيادة نواز شريف بالأغلبية الساحقة في الانتخابات التشريعية، الأمر الذي يخوله تشكيل حكومة تقود البلاد في السنوات الخمس المقبلة. ليبدأ عصر جديد يخرج فيه آصف علي زرداري حليف إيران وشوكة الخليج من قيادة دفة البلاد.
لكن السؤال ما علاقة الثورة السورية بوصول نواز شريف إلى الحكم في باكستان، وكيف يمكن للثورة أن تستثمر وصول شريف إلى الحكم، وما تأثيره على النفوذ الإيراني في المنطقة.
لم يكن سراً أن الانتماء الطائفي الشيعي للرئيس الباكستاني آصف زرداري جعله يميل إلى إيران ويشكل تحالفاً سياسياً في توقيت زمني غير مناسب لما تمر به المنطقة العربية خصوصاً بالنسبة لدول الخليج وانعكاسات الأزمة السورية عليها في علاقاتها مع طهران، وعلى الرغم من العلاقة الاستراتيجية بين باكستان والخليج وخصوصاً باكستان والمملكة العربية السعودية إلا أن زرداري فضل إيران على السعودية مع بقاء الباب مفتوحا مع القيادة السعودية، ولم تكن هذه السياسة تروق للسعودية، إلا أنها لم تدر ظهرها لباكستان نظرا لطبيعة العلاقة التاريخية، ودخلت العلاقة في مرحلة التجميد مؤقتا.
وفي أكثر من مرة عبر مسؤولون سعوديون عن استغرابهم من امتناع مندوب باكستان في الأمم المتحدة عن إدانة النظام السوري في مشروع قرار أممي الأمر الذي بات حديثا مطروقا في الأروقة السياسية السعودية..والتساؤل الحاضر في كل مرة يقول "كيف لباكستان الإسلامية بقوتها النووية "السنية" أن تمتنع عن إدانة مجازر بشار الأسد ضد الثورة السنية.. وتقف إلى جانب إيران".
"في 29 نيسان الماضي نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا أن الرئيس الباكستاني آصف زرداري أكد خلال لقائه نائب وزير الخارجية فيصل المقداد في كراتشي على عمق العلاقات الأخوية التي تربط البلدين والشعبين السوري والباكستاني..
وشدد زرداري على ضرورة أن تتجاوز سورية الأزمة التي تمر بها وأهمية إيقاف العنف في سورية ودعم بلاده للحوار الوطني بين السوريين وعدم التدخل الخارجي في شؤون سورية الداخلية واحترام سيادتها واستقلالها."
لم تكن وجهة النظر الباكستانية " الزردارية" تنفصل عن وجهة نظر إيران في "تقييم" الصراع في سوريا، رغم عدم الانسجام بين المزاج الشعبي الباكستاني. إلا أن إيران استطاعت شراء الموقف الباكستاني في الأمم المتحدة وكذلك على المستوى الإقليمي، سيما وأن باكستان حضرت في أكثر من مرة مؤتمرات نظمتها طهران لهيئة التنسيق الوطنية وبعض قوى معارضة الدخل.
الآن باكستان زرداري تحولت إلى باكستان نواز شريف - إن صح التعبير- ، يحكمها حزب الرابطة الإسلامية (ذو التوجهات السنية المعتدل) وذو العلاقة الوطيدة والحميمة والتاريخية مع دول الخليج وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية، وقد عولت السعودية كثيراً على وصول شريف إلى الحكم لتتمكن من رسم تحالف جديد في مواجهة إيران والتمكن من تحقيق طموح الاتحاد الخليجي، ووقف مشروع نقل الغاز من إيران إلى باكستان الذي كان يخطط له زرداري مع الرئيس أحمدي نجاد حتى أيامه الأخيرة.
ولا يخفي نواز شريف دعمه لحقوق الشعب السوري في الحرية والديمقراطية وتأييده لرحيل نظام بشار الأسد ووقف الدم السوري، وهو بذلك ينطلق من موقف سياسي وديني وكذلك موقف استراتيجي يرتكز على موقف حلفائه التاريخيين في دول الخليج، وهنا تكون الأزمة السورية متمثلة برأس المعارضة "حصان طروادة" في لعب دور سياسي مقبول ومرحب به في الاتجاه إلى باكستان وبالتنسيق مع دول الخليج لتكسب دولة صديقة وحليفة جارة لإيران وقادرة على إضعافها في إطار حرب التحالفات من أجل تطويق إيران.
إن باكستان من أكثر الدول الإقليمية المؤهلة للعب دور التوازن مع طهران، والتخفيف من تهويل إيران على دول الخليج، إذا ما تحدثنا عن القوة العسكرية والقدرة النووية، فضلا عن القوة البشرية السنية. وهنا ستعد إيران للمليون في حال التفكير بأي مغامرة إقليمية من أجل عيون الأسد.
عبد الله رجا - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية