أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هكذا برر محفوض مجزرة صيدنايا.. المساجين انتحروا خوفاً من الجيش الذي جاء لإنقاذهم! (الجزء 8)

وُضع المساجين في مبنى المخدرات في عدرا تحت الأرض

"مع ارتفاع أصوات الرصاص ينخفض صوت التكبير، فعرفنا أن المساجين يُقتلون"

خططت إدراة السجن للمجزرة بدقة أدهشت المساجين


يفصل لنا في هذه الحلقة، المعتقل السابق دياب سرية، مجزرة صيدنايا الكبرى، التي تمت بتخطيط دقيق من طلعت محفوض.

البداية كانت من الاقتحام الوهمي الذي أشرنا إليه في الحلقة السابقة، والذي نفذته قوات الأمن في صباح 2008-12-6، ورمت فيه السلطات قنابل مسيلة للدموع في داخل السجن، وأطلقت الرصاص من خارج مبنى السجن -حيث كان الجيش متحصناً- إلى داخله، مما دفع المساجين إلى اتخاذ تدابير دفاعية مثل احتلال المطبخ والإدارة. 

ووفق سرية، كانت الفوضى تعم السجن خاصة مع انتشار حالات الاختناق ووجود مصابين بين المعتقلين، ولما حاول بعض المساجين الخروج من المبنى بهدف الهروب من جحيم السجن ولو اضطرهم ذلك إلى الاشتباك مع القوات، كان الرصاص بانتظارهم، حيث تمت تصفية دفعة ممن حاولوا الخروج وكان عددهم حسب دياب سرية 10 أشخاص، من بينهم شاب من الحسكة اسمه "مجول".

ويشير سرية، إلى أنه لما كان الوضع كذلك صعد المساجين إلى السطح لاحتلاله، وإشعال النار فيه بهدف تنبيه من في الخارج إلى مايحدث في السجن، ولكن تم القضاء على هؤلاء أيضاً وكانوا خمسة مساجين. 

مخطط طلعت محفوض.. وبداية المعركة 
وفق شهادة دياب سرية، كانت إدراة السجن تخطط للمجزرة بدقة أدهشت المساجين، إذ استغلت الإدارة الرافعات الكهربائية –التي تحدثنا عنها في الحلقة الماضية- للقنص، بعد أن تمركز عليها القناصة، وبدأت المعركة بإطلاق رصاص كثيف جداً من الرافعات لداخل السجن، لأن المساجين سدوا كل المنافذ المؤدية إلى داخل السجن، ولما حاول المساجين التواصل مع المحطات التلفزيونية، لم يتمكنوا من ذلك لأن الأمن استعان بمحطات التشويش التي زود بها السجن سابقاً.

وبات هدف المساجين الوحيد هو البقاء أحياء، لأن القناصة كانوا يقربون الرافعات لأقرب مسافة ممكنة من السجن، ويطلقون الرصاص إلى داخل المبنى مما تسبب بسقوط الكثير من الجرحى والشهداء داخل الغرف، كما أطلقوا الرصاص المرتد في داخل المهاجع، ناهيك عن حالات الاختناق الناتجة عن كثافة الغاز المسيل للدموع. 

ووفق سرية، استمرت المعركة أكثر من شهر، وكان الرصاص والقنص والغازات مستمرة 24 ساعة.

استخدام البراز ومياه الصرف الصحي في المعركة
بحسب سرية، تدبر المساجين شؤون حياتهم مستغلّين الدقائق التي يحتاجها تبديل ورديات القناصة على الرافعات كل ساعتين، ففتحوا الجداران بين الغرف، ليتمكنوا من الحركة والتنقل دون المرور في الممر الخارجي. 

وبعد أن قُطعت المياه والكهرباء عن السجن بشكل نهائي، صار المعتقلون يجمعون المطر المتسرّب على السطح، فلما انتبهت السلطات إلى ذلك رشت السطح بمياه صرف صحي، مما أفسد مياه المطر. 

وعندما علق المساجين الأغطية العسكرية على النوافذ كي لا تراهم القناصة، أسقطتها السلطات بالمياه، ففصل المساجين من القماش الموجود أكياساً مُلئت بالرمل الموجود تحت بلاط السجن الذي نزعوه، واستخدموها كسواتر رملية للحماية على النوافذ، إلا أنه تم إسقاطها بمدافع المياه القوية.

ويقول سرية: في البداية فرح المساجين بمياه المدافع لأننا كنا بحاجة للمياه كثيراً، وصرنا نجمعها في أواني فعندما لاحظت السلطات، اطلقت البراز والبول عوضاً عن المياه إلى داخل السجن.

ملعقة برغل في اليوم!
لما سألنا سرية كيف كانوا يتدبرون شؤونهم الغذائية، أشار إلى أن الطعام بالكاد كان موجوداً، وأن بقايا الطعام التي جمعوها كانت قليلة جداً، ومن أجل الحفاظ عليها شكلوا مطبخاً ميدانياً، لتوزيع حصص الطعام التي هي عبارة عن برغل، ولكل 100سجين يُوزع صحن أو صحنان من البرغل، وبالتالي يكون نصيب كل معتقل ملعقة برغل أو نصف في اليوم، ويشير سرية إلى أنه لما وجد المساجين القليل من الطحين خبزوه أرغفة صغيرة جداً، محولين أي شيء قابل للاشتغال إلى مخبز من خشب وكتب وغيرها..

كما جمعوا بقايا المياه المترسبة في الخزانات، وقسموها حسب حاجة كل شخص، فكان لكل سجين مريض لتر ونصف، للسجين العادي نصف لتر في اليوم، لمدة شهر..

تحويل المنفردات إلى قبور 
ويحكي سرية كيف رفضت السلطات استلام جثث الشهداء وكانوا أكثر من 25، مما أجبر المساجين على تركهم في الـ(11 ألف يمين)، ولكنها بعد فترة بدأت تتعفن، مما اضطرهم إلى إنزال الجثث إلى المنفردات تحت الألف يمين، ونبشها ودفنهم فيها..

ولما كان الوضع بذلك السوء، حاول بعض المعتقلين حفر نفق من داخل السجن إلى مخيم الشرطة من أجل الاشتباك معهم والحصول على سلاحهم، إلا أن القوات شعرت بذلك فحفرت خندقاً عمقه 7 متار بحيث أنه مهما حاول المساجين حفر أنفاق ستكون نهايتهم في هذا الخندق.

وكذلك أحاطوا السجن بأسلاك شائكة بطول 2متر، وعليها شفرات قاتلة، وتركوا ممراً آمناً وحيداً، وهو الطريق من المطبخ إلى باب الإدارة من الخارج، ليمر فيه المعتقلون في حال أرادوا تسليم أنفسم..

انقاسمات بين المساجين
بعد هذه الظروف التي لا تحتمل صار المساجين يبحثون عن حلول ومفاوضات مع السطات، إلا أنه بحسب سرية، بدأت تظهر بعض الانقسامات بين صفوف المساجين، لأن المعتقلين المتورطين بجرائم قتل رفضوا الاستسلام خوفاً من المحاسبة، كما أن بعض المساجين كانوا يحرضون على الاستمرار في القتال ومنهم نديم البالوش، الذي -وفق سرية- بالغ في تصرفه لدرجة أنه كان يحرض على تكفير المساجين الذين يريدون تسليم أنفسم للسلطات، وجمع حوله مساجين بسطاء لمتابعة القتال، رغم ذلك كان الرأي السائد هو تسليم السجن، والاستسلام. 

ويوضح سرية أن هذه الحالة استمرت حتى 12-26 ، حيث اتفق المساجين أنه من يريد الانسحاب له الحق في ذلك، ولمن يبغى متابعة القتال، حرية البقاء داخل السجن، وخلال هذه الفترة صارت السلطات تذيع عبر مكبرات الصوت، أنهم سيحاسبون فقط المتورطين بالقتل، وصاروا يقولون حرفياً: "نحن لسنا ذئاباً.. الدولة هي أمكم.. ومرجوعكم لها"..

ويصف سرية هذه الفترة بأنها من أصعب الفترات التي مرت على سجن صيدنايا، لأنه من لم يمت بالرصاص استشهد اختناقاً، خاصة أنهم كانوا يشعلون طول الوقت حرائق داخل السجن، ليحموا أنسفنا من الغازات المسيلة للدموع، مما سبب لهم حالات اختناق صعبة جداً، بل إنهم اضطروا في النهاية إلى إشعال الكراسي البلاستيك..يقول سرية: يستحيل على أي شخص تخيل صعوبة التنفس داخل السجن، لأنه الغازات المسيلة للدموع، وحدها كفيلة باختناق الكثيرين، فكيف إن ترافقت مع حرائق مواد بلاستيكية في مكان مغلق!؟

حبس اللجة 
في يوم 26-12-2008 طلبت السلطات من المساجين، اللجنة القديمة للتفاوض، على استسلام المساجين فقط.. يقول سرية: خرجت اللجنة للتفاوض، لكنها لم ترجع لأن طلعت محفوض حبسها في مبنى سجن الضباط وعلمنا في مابعد أنه صار يلقنها ماتقوله لنا عبر مكبرات الصوت، وكانت اللجنة تعلن، أنها أخذت تطمينات من بشار الأسد والدولة، بأنهم سينقلون المساجين إلى سجن عدرا، ليكملوا محكومياتهم فيه وأنهم سيحاسبون فقط من شارك في القتل.

ولأن الغالبية العظمى من المساجين أرادت التخلص من جحيم السجن، وافقوا على الخروج، ملتزمين بالشرط الذي حددته إدارة السجن، وهو الخروج ومعهم منشفة وغيار ثياب داخلية وثياب خارجية فقط، وأن يكتب كل سجين أغراضه التي تركها في المهجع.

2008-12-27، استلمت السلطات 150 سجيناً، ونقلتهم إلى سجن عدرا، وكان دياب من بينهم.

ويبيّن دياب بروتوكولات تسليم المساجين: يرافق المعتقلين، بعض زملائهم من المساجين ليطمأنوا أنهم سيُنقلون إلى عدرا وأنهم لم يتعرضوا للقتل..

إلى عدار..والحلم تنكة الحلاة 
بحسب سرية، وُضع المساجين في مبنى المخدرات في عدرا تحت الأرض، وكانوا منهكين وجائعين كثيراً، لدرجة أنهم لما رأوا بعضهم تحت ضوء الشمس، تفاجؤوا من ضعفهم واصفرار لونهم.

مدتهم إدارة عدار بوجبات طعام كثيرة ومتنوعة، ويقول: أول مطلب لنا كان تنكة حلاوة، وبالفعل جلبوا لنا تنكة حلاوة وزنها 10كغ أكلها سبعة معتقلين فقط، وكانت الحلاوة الحلم تحقق، وأيضاً طالبوا بالاستحمام، وسُمح لهم بذلك. 

في اليوم التالي بدأت تتوافد دفعات المساجين، الذين أكدوا أن الوضع في صيدنايا مازال على ما هو عليه مع سحب من يريد الاستسلام. 

بعد ثلاثة أيام، اكتظت المهاجع في عدرا، وبحسب سرية صار المهج الذي يتسع لـ 80 شخصاً يحتوي على أكثر من 300 معتقل، وكان معتقلو صيدنايا موزعين على مهاجع المخدارت الثلاثة، وهي قسم الإيداع في عدرا، الأمر الذي دفع محفوض إلى القدوم إلى السجن في اليوم الثالث الموافق 30-12-2008 إلى مهاجع عدرا.

يقول سرية: دخل محفوض بطريقة استعراضية، و سأل "مين بيخاف مني"، فلما لم يرد أحد قال "مين بيروح معي؟"، ويتابع سرية: أجبته أنا بروح معك، فقال "ما خايف آخدك على سجن تدمر، فقلت له الأمر سيان هنا ولا بتدمر إن أردت قتلي أو تعذيبي ستفعل، بغض النظر عن المكان، فأجابني "والله مبين عليك فهمان"..

خرج سرية من المهجع، واختار محفوض مجموعة من المعتقلين، كانو بحدود الـ 300، أعادهم مع سرية إلى سجن صيدنايا إلى بناء الضباط، لتخفيف زحمة سجن عدرا..

في بناء الصباط صار محفوض يتقصد الدخول يومياً إلى المساجين، ليلقي عليهم خطبة يتبجح فيها بانتصاراته، ويشمت بحالهم، ويشير سرية إلى أن محفوض كان في ختام خطبته يقول لهم"سنقرر ما سنفعله معكم، ومع "الكلاب" الذين رفضوا الاستسلام"، وكان عدد الذين بقوا في مبنى السجن الرئيسي تقديرياً 40 شخصاً.. 

وكان المبنى الرئيسي حتى ذلك الوقت غير مُقتحم، ثم بدأت قوات النظام بالتمهيد لاقتحامه، عن طريق تكثيف عملياتها العسكرية. 

أصوات تكبير ورصاص..
وفي يوم 13-1-2008 اقتحمت القوات السجن، بعد أن ضربت باب المطبخ بقذيفتين (آر بي جي) لأنه كان محصناً بـأجهزة التدفئة، ولما سمع سرية وزملاؤه في مبنى الضباط صوت انفجار كبير جداً، كانت قوات الأمن تفتح ممراً لها في جدار السجن، كما احتل الجنود السطح عبر الرافعات، يقول سرية: كنا نسمع أصوات التكبير مترافقة مع أصوات الرصاص، وكان مع ارتفاع أصوات الرصاص ينخفض صوت التكبير، فعرفنا أن المساجين يُقتلون، ويضيف: بعد ساعة لم نعد نسمع إلا أصوات الجيش تهتف بالروح بالدم نفديك يابشار..وأسود الفرقة الرابعة.. والله سوريا فرقة رابعة، فأدركنا انهم سيطروا على السجن بشكل كامل، ثم قدمت سيارات الإسعاف..

بعد هذا الاقتحام قدم طلعت محفوض إلى سجن الضباط، وقال للمعتقلين فيه: لما دخلنا لإنقاذ زملائكم في المبنى الرئيسي، تفاجأنا أنهم انتحروا خوفاً من الجيش".

وصار محفوض يروّج لهذه الرواية، ووفق سرية استمرت المجزة بعد الاقتحام لأن الأمن صار يصفّي من نجا في أفرع المخابرات.

وكانت حصيلة الشهداء في الفترة الممتدة بين 1-13، و6-12 (85 شهيداً) من المساجين. 

وللقصة بقية


لمى شماس - بالتعاون مع سجين سابق - زمان الوصل
(280)    هل أعجبتك المقالة (287)

نيزك سماوي

2013-05-23

قصص الإجرام الأسدي لا تنتهي ولن تنتهي إلا عندما يرى الشعب السوري هذا المجرم ومن معه من مجرمين معلقين على حبال المشانق في ساحات المرجة وفي ساحات سوريا حتى تتطهر سوريا من كل المجرمين الخونة العملاء على كل المجرم مفحوض قُتل ونال جزائه العادل في الدنيا وقوله تعالى وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين ؟ إن الله يهمل ولا يُمهل ... أيها الشعب السوري الصابر المصابر سوف ترى نهاية هؤلاء المجرمين مقتولين ملعونين في الدنيا والاخرة على ما فعلوه من جرائم تندى لها جبين الإنسانية قصص ألف ليلة وليلة في سوريا في عهد الإجرام الأسدي ؟ لا بل قصص آلاف ليلة وليلة 42 عام × 12 شهر × 30 = 15120 ليلة ولكن أنتهى عصر الإجرام وسوف ينتهي قريبا ان شاء الله.


اسامة محمد

2019-04-14

اين العالم من المجازة التي تصنف ضد الانسانية.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي