لم يكن مرسم العفو الأخير الذي أصدره بشار الأسد عادياً، إنما كان قراراً أسطورياً، والأشمل في تاريخ سوريا، كيف لا وهو قرار يصفه وزير عدله بأنه جاء كاليد الحنون التي تشفي بدفئها الجوانب الإنسانية في المجتمع السوري، ولاسيما المرضى وكبار السن من الملاحقين جزائياً.
إلا أنه من الغريب بعد كل هذا التهليل والتبجيل لمرسوم العفو هذا، هو عدم ملامسته لأوجاع أهالي المعتقلين السياسيين الحقيقيين الذين يذوقون الأمرّين بانتظار أبنائهم وبناتهم، علاوة عن الخطر الذي يحيط بأولئك المعتقلين الذين يقضي الكثير منهم تحت التعذيب، هذا عدا وجود سجن عدرا في منطقة ساخنة يطالها قصف النظام بين الآونة والأخرى.
فإن أسرة(ع)وهي معتقلة منذ حوالي الخمسة شهور كغيرها من أسر المعتقلين الذين رؤوا في هذا العفو بصيصاً من الأمل في إعادة ابنتهم إلى أحضانهم وهي المحولة إلى محكمة الإرهاب بتهمة تقديم مساعدات للمناطق الثائرة إلا أن أملهم هذا ذهب هباء بعد أن اكتشفت أسرتها بأن جرم (ع) يفوق المتوقع من العفو، فله غايات أخرى بعيدة كل البعد عن المعتقلين السياسيين ونشطاء الثورة كما شرح لهم أحد المحامين.
ولعل وضع (ع) كوضع كل النشطاء المعتقلين في سجون النظام والذين يحولهم إلى محكمة الإرهاب بشكل روتيني ويتهمهم بتهم مضخمة وملفقة، وهو ما يؤكده رأي الحقوقيين الذي لم يكن أقل تشاؤماً بالنسبة لهذا العفو من رأي أهالي المعتقلين، حيث شرح ل"زمان الوصل" محامي معارض بنود هذا المرسوم مبيناً أنهلم يشمل قانون الإرهاب الذي يحال بموجبه الناشطون المعتقلون للمحاكمة، وبالتالي هو لن يساعدهم كثيراً، وذلك ما عدا جنحة كتم لمعلومات المنصوص عليها في المادة العاشرة من قانون مكافحة الإرهاب، وربع المدة بالنسبة للمادة الثانية من القانون نفسه وهي التي تتضمن الانضمام إلى منظمة إرهابية أو إكراه شخص بالعنف أو التهديد على الانضمام إلى منظمة إرهابية. كما شمل نصف العقوبة بالجنايات العادية، وكامل العقوبة بالجنح العادية.
مرسوم لمساعدة النظام
ويوضح المحامي لـ"زمان الوصل" هنا بأن هدف هذا المرسوم ليس له علاقة بمساعدة نشطاء الثورة إنما أصدر لمساعدة النظام في إعادة الفارين من الجيش بعد أن ارتفعت أعدادهم، وإخراج مجرميه من السجون على اعتبار أنه بحاجة اليوم إلى شبيحة ومرتزقة لقمع الاحتجاجات.
ولعل الأصوات تتعالى اليوم للسؤال-كما يتابع المحامي- حول مصير النشطاء السلميين الذين لم يحملوا السلاح، كالمحامي خليل معتوق والإعلامي مازن درويش وطل الملوحي وحسين غرير والمعارض عبد العزيز الخير الذي يرفض النظام الاعتراف إلى اليوم بوجوده في معتقلاته وغيرهم الآلاف.
والجدير بالذكر وفق إحدى الإحصائيات أن عدد المعتقلين السياسيين لصالح محكمة الإرهاب يصل إلى30 ألف معتقل من أصل 35 ألف معتقل، من بينهم 2300 ماتوا تحت التعذيب، في حين تشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن عدد المعتلقين يصل إلى 194 ألف معتقل بينهم اطفال ونساء.
معتقلو الرأي منسيون في غياهب السجون... مرسوم الأسد منح الحرية للمجرمين ومرتزقة النظام
نيرمين خوري - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية