أدت الشكوى المستمرة من واقع عمل الشبكة الحالية للانترنت بوزارة الاتصالات والتقانة إلى البحث الجدي عن إمكانيات الحل الممكنة التي من شأنها الارتقاء بواقع عمل الشبكة إلى المستوى المطلوب منها لتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والبشرية التي يعيشها القطر والتي بات الانترنت يشكل عاملاً أساسياً في نجاحها وانجازها.
وتركز استراتيجية الوزارة على إيجاد هذه الحلول والتي تضمنتها المذكرة المعدة من قبلها والتي عرضت على اللجنة الاقتصادية على محورين اثنين، أولهما مرتبط بموافقة رئاسة الوزراء كونها بحاجة لاستثناءات محددة لانجازها وأما ثاني هذه المحاور فمرتبط بوزارة الاتصالات ذاتها بما تملكه من صلاحيات أعطاها إياها القانون.
الاعتراف فضيلة
وقبل الخوض في تفاصيل الحلول المقترحة تعرض مذكرة وزارة الاتصالات للواقع الحالي لشبكة الانترنت في سوريا معترفة في هذا العرض بأن هذه الشبكة بصورتها الراهنة تقف عائقاً أمام التنميةالاقتصادية والاجتماعية في القطر، وذلك لجملة من الأسباب أهمها أن الكثير من الفعاليات الاقتصادية التي تُعتبر الشبكات أساساً لعملها لاتستطيع الاشتراك بالشبكة التي تعاني من اختناق كبير بعدد المشتركين الحالي ومن عدم القدرة على إضافة المشتركين الجدد إليها.
وأن إمكانيات استفادة الطلب من الشبكة محدودة وذلك لأسباب سوء الشبكة وارتفاع كلفة الاشتراك الذي يجعل الخدمة بعيدة عن متناول ذوي الدخل المحدود وعن سكان المناطق الريفية.
ويضاف إلى هذا كون الشبكات النحاسية الموجودة في القطر قد تم تنفيذها خلال عشرات السنين وأضحت قديمة لاتخدم تقديم الخدمة الجيدة وهو ما يظهر جلياً من خلال البطء الشديد أو التقطع في الخدمة بشكل يجعلها غير قابلة للاستخدام الحقيقي وهي المشكلات التي تزداد مع كون الكثير من المناطق السكانية المتواجدة في الريف السوري لم تصلها الشبكات السلكية بعد على الرغم من كونها مدرجة في المشروع الريفي الذي يحتاج تنفيذه إلى زمن طويل نظراً لما يحتاجه من أعمال مدنية وحفريات وغير ذلك من الأمور التي يحتاج تنفيذها إلى زمن لايمكن تجاوزه علماً بأن العام 2004كان التاريخ المحدد لبدء تنفيذ المشروع الذي لم يتم إلا في العام 2005.
وتشير الوزارة بأن العديد من الوزارات والمؤسسات العامة والنشاطات الخاصة التي تضطر في عملها إلى وجود شبكة فعالة قد عمدت ونتيجة الوضع القائم إلى اتخاذ حلول خاصة للمشكلة شكلت في النهاية عبئاً على الموازنة العامة للدولة وخلقت فوضى اتصالاتية في القطر واستهلكت الترددات اللاسلكية الوطنية.
تبرير ولكن؟
وانتقلت المذكرة بعد عرض الواقع بسلبياته إلى تبرير الوضع الراهن والى بيان الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه السلبيات تلك الأسباب التي حصرتها في غياب الخبرة اللازمة لمثل هذه الخدمة نظراً لتسرب الخبرات إلى القطاع الخاص نتيجة لضعف الرواتب والحاجة إلى السرعة الشديدة في تطوير وتحديث التجهيزات والتي تقف طرق التعاقد والدورة التعاقدية عائقاً أمامها وفوق هذا وذاك كون الميزانية المخصصة لقطاع الاتصالات غير كافية لتنفيذ المشاريع المطلوبة بالسرعة الكلية ولاسيما مع النمو الاقتصادي والعمراني الكبير الذي حصل في سوريا في السنوات السبع الأخيرة نتيجة للقوانين الاقتصادية والمالية التي صدرت وأفرزت تطوراً اقتصادياً لم تستطع البنى التحتية اللحاق به.
وأضافت الوزارة إلى هذه الأسباب الفساد الموجود في بعض المرافق في المؤسسة العامة للاتصالات والذي يتمثل في إعاقة المشاريع عموماً للمحافظة على العجز الموجود لكي يتمكن البعض من استغلال هذا العجز والتعطيل والتأخير المقصود لتوسيع الشبكة إجبارا للمحتاج للخدمة إلى اللجوء إلى جهات خاصة وطرق غير مشروعة في الحصول على خدماته.
شبكات جوالة لاسلكية
وبعد عرض المشاكل التي تعاني منها الشبكة الحالية ومعوقات تنفيد المشروع الريفي الثالث (سرقة الكابلات الهاتفية) الفترة الطويلة لانجاز الحفريات وتركيب الأعمدة التي يصل عددها إلى 600 ألف عمود -الكلفة الهائلة للأعمدة والكابلات والشبكات الفرعية والتي تصل إلى المليارات التي لايغطيها القرض المقدم من بنك الاستثمار الأوروبي الذي يمول من خلاله المشروع، تنتقل مذكرة الوزارة إلى وضع الحلول التي رأتها ممكنة من خلال استخدام شبكات الاتصالات الجوالة اللاسلكية الحديثة (Wi -Fi Mesh) والتي تستخدم البنية التحتية لشبكة الهاتف الخليوي وذلك تخفيضاً لكلفة البنى التحتية اللازمة والتي تصل إلى مليارات الليرات السورية إلى ما يقارب الصفر، حيث أن البنى التحتية للهاتف الخليوي تغطي اليوم أكثر من 95٪ من المناطق المأهولة في الجمهورية العربية السورية.
وأن عقود تشغيل الهاتف الخليوي تؤكد على أن تقوم الشركات المشغلة بتأمين واستخدام كافة الخدمات والتقانات الحديثة التي تنتج في العالم خلال فترة تنفيذها وان وزارة الاتصالات والتقانة هي التي تتولى مهمة تنظيم قطاع الاتصالات وفق مرسوم إحداثها، واقترحت الوزارة أن يكون تنفيذ هذا المشروع من خلال:
-قيام مشغل الهاتف الخليوي وعلى حسابه بتركيب التجهيزات اللازمة للشبكة المذكورة على أبراجه وبناه التحتية وعلى حسابه.
-تقديم مشغل الخليوي البنية التحتية للانترنت اللاسلكي عبر هذه البنى التحتية في كافة المناطق التي توجد فيها البنى التحتية.
-اتاحة المجال أمام جميع مزودي خدمة الانترنت أن يتقدموا لتزويد الخدمة عبر هذه البنى مقابل أجور تحدد من قبل المشغل والمؤسسة العامة للاتصالات وبموافقة وزارة الاتصالات والتقانة.
-عدم إلزام المشترك بأن يكون لديه هاتف خليوي لكي يستطيع الاشتراك بهذه الخدمة.
-اتاحة المجال أمام المؤسسة العامة للاتصالات (استخدام هذه البنية التحتية لتغطية المناطق الريفية بالهاتف الثابت وبنفس تسعيرة الهاتف الأرضي وذلك وفق آلية تسعير تتفق عليها المؤسسة والمشغل.
وبينت مذكرة الاتصالات بأن تنفيذ ما تقدم سينقل سوريا إلى الدولة الأفضل في المنطقة من حيث التغطية الهاتفية في الريف في المنطقة بكاملها.
ناهيك عن إسهامه في توفير مليارات الليرات السورية من كلف البنى التحتية وتحقيقه لعائد اقتصادي مباشر يبلغ مليارات الليرات سنوياً يبدأ أثره على العائدات منذ العام 2007.كما أنها تقوم بتأمين الشبكة المطلوبة بخطوات سريعة وخلال فترة زمنية قصيرة تبدأ فوراً ويظهر أثرها الكبير شهرياً.
تجاوزاً للحظر التكنولوجي
وأشارت المذكرة بأنه واستكمالاً لنجاح المشروع ولكي لاتقع سوريا ضحية للحظر التكنولوجي الذي تفرضه عليها الإدارة الأمريكية وتطبقه العديد من الدول، فإن الشركة السورية الألمانية والتي هي شريك للمؤسسة العامة للاتصالات ستقوم بتصنيع التجهيزات الأساسية لهذه التقانة في سوريا تصنيعاً كاملاً. لتصبح سوريا بذلك من أهم الدول تصديراً لتلك التقانة بحيث تستطيع تصدير التجهيزات والخدمات إلى الدول الأخرى.
مشروع تجريبي
وبينت المذكرة أنه ولكي لايبقى الكلام نظرياً وان يبدأ تطبيقه على الأرض قامت وزارة الاتصالات بالتعاون مع الشركة السورية الألمانية وشركة سيرياتل بتجهيز مشروع تجريبي في مدينة دمشق أصبح جاهزاً للإطلاق فوراً بعدد مشتركين في الانترنت يعادل تماماً عدد المشتركين في خدمة الـ ADSL منذ بداية مشروع الانترنت وحتى الآن. حيث قامت الشركة السورية الألمانية بتأمين التجهيزات اللازمة وقام فنيو سيرياتل بتنفيذ المشروع التجريبي في عدة مناطق
رداءة شبكة الانترنت عائق أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية
نعمان اصيل - الثورة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية