أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عزمي بشارة في افتتاح المؤتمر السنوي الثاني: العدالة التي تقوم على الهويات لا تؤسس دولة

أقام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حفل الافتتاح الرسمي للمؤتمر السنوي الثاني للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة الذي ينظّمه في الدوحة يومي 30 و31 آذار / مارس، مساء اليوم الأول من المؤتمر، بعد أن كانت أعماله بدأت بجلسة عامة وجلستين في كل واحد من موضوعي المؤتمر "جدلية الاندماج الاجتماعي" و"ما العدالة في الوطن العربي اليوم". وقد تحدث في حفل الافتتاح كل من المدير العامّ للمركز الدكتور عزمي بشارة، ورئيس جامعة حمد بن خليفة الشيخ الدكتور عبد الله بن علي آل ثاني، والدكتور كمال عبد اللطيف، والمستشار طارق البشري.

 
دعوة للتعاون بين المراكز البحثية العربية

في الكلمة الافتتاحيّة رحّبت عريفة الحفل الباحثة حصّة العطيّة بالحضور، مذكّرةً بأهمّية المناسبة، باعتبارها محطّة علميةً وفكريّة متميّزة، حازت رعاية سموّ الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وسموّ الشيخة موزا بنت ناصر، كما حظيت باهتمام سموّ وليّ العهد الشيخ تميم بن حمد.

وفي كلمته بالمناسبة، ذكر الشيخ الدكتور عبد الله بن علي آل ثاني بالرعاية الخاصّة التي توليها دولة قطر للمؤسسات العلميّة والبحثيّة، مشيرا إلى رعاية سموّ وليّ عهد دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمؤتمر السنويّ الأوّل للمركز العربي في عام 2012، كدليل على هذه الرعاية والاهتمام. وأشار الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني إلى الدور الريادي والمؤثّر للمركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، إذ أثبت تميّزه في مجال البحث العلمي والدراسات الإستراتيجيّة في وقتٍ قصير.

وأكّد الدكتور عبد الله بن علي آل ثاني على اهتمام جامعة حمد بن خليفة التي يشرف عليها بالتعاون مع المؤسسات البحثية والجامعية وعلى رأسها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، في سبيل خدمة الحياة العلميّة والفكريّة داخل قطر وفي المنطقة العربية. وأضاف أنّ أعمال المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ومنشوراته أصبحت توفّر مادّةً علميّة غنيّة ومتميّزة للباحثين والمفكّرين والعلماء وعموم الطلبة العرب. وشدد على أهمية المؤسسات البحثية، وقال في هذا الصدد: "لقد باتت الحاجة ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى لمثل هذا النهج الإبداعي والعلمي المتعدد الجوانب في تناول قضايا منطقتنا وشؤونها، خاصة وأن الدول والمجتمعات العربية تواجه فترة تغيير وتحوّل كبيرين سيرسمان بصمات عميقة خلال السنوات القادمة. ومن الضروري في هذا المقام، أن يجري توظيف كافة الطاقات الفكرية والمواهب الإبداعية للمشتغلين العرب في مضمار العلوم الإنسانية والاجتماعية إذا أردنا أن نجد حلولًا ناجعة للتحديات المشتركة التي نواجهها".

وتمنى في ختام كلمته التوفيق لأعمال المؤتمر الذي يتناول موضوعين شديدي الأهمية في الوضع العربي الراهن، وقال: "إني على يقين أنكم ستقدمون أفكارا ثرية ومداخلات قيمة يمكن أن تكون مصدر إلهام للابتكار في تطوير السياسات، فما أحوجنا جميعا إلى التعرف على حلول للقضايا التي نواجهها بمنهج علمي على يد طاقات عربية مبدعة، يجب أن تؤخذ مساهمتها بعين التقدير والاعتبار".
 

حجب الجائزة العربية للعلوم الإنسانية والاجتماعية لهذا العام

قدّم الدكتور كمال عبد اللطيف تقرير لجنة الجائزة العربيّة للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة في دورتها الثانية، والتي كان التنافس فيها ضمن موضوعين، الأوّل هو: "جدليّة الاندماج الاجتماعي وبناء الدولة والأمّة في الوطن العربيّ"، والثاني هو: "سؤال العدالة في الوطن العربيّ اليوم".

وعرض كمال عبد اللطيف باختصار الخطوط العريضة لأعمال لجنة الجائزة، إذ أشار إلى أنّ الترشيح شمل مختلف الأقطار العربيّة، بمجموع 141 ترشيحًا، إذ تلقّت اللجنة 80 ترشيحًا في موضوع جدليّة الاندماج الاجتماعي، و61 مشروعًا في موضوع العدالة. وكان لجمهورية مصر العربية العدد الأكبر من الترشيحات بما يعادل 32 ترشيحا، وأقل عدد سجل من الكويت وليبيا بمرشح واحد، وما يزيد عن مئة مرشح يتوزعون على باقي الأقطار العربية.

وبعد التقييم الأوّلي للترشيحات، استقرّت المنافسة بين ستّة مشاريع أبحاث في موضوع جدليّة الاندماج الاجتماعي، ضمن فئة الباحثين، وخمسة أبحاث ضمن فئة الباحثين الشباب في الموضوع نفسه.

 أمّا الترشيحات في موضوع "ما العدالة؟"، فقد استقرّت على سبع أوراق في فئة الباحثين، وورقة واحدة في فئة الباحثين الشّباب. وقد ارتأت اللجنة وضع الأبحاث كلّها ضمن خانة واحدة ليصبح مجموعها ثمانية أبحاث.

وأصبح عدد الترشيحات في موضوعي الجائزة وفئتيها معا 19 مشروعا، وتوزعت بين الدول العربية إلى خمسة مشاريع من المغرب وثلاثة من فلسطين وثلاثة من مصر وثلاثة من الجزائر واثنين من تونس واثنين من موريتانيا وواحد من الكويت وواحد من اليمن.

وأكّد كمال عبد اللطيف أنّه بعد استيفاء الترشيحات شروط الجائزة وقواعدها، ومرورها عبر مراحل التحكيم والتقييم المقرّرة، خلصت لجنة الجائزة إلى قرار حجب الجائزة لهذه السنة عن الأبحاث المقدّمة في الموضوعين معًا، سواء في فئة الباحثين أو الباحثين الشباب. وذلك لعدم استجابتها للمعايير المحدّدة في سلّم التقييم المنصوص عليه في لوائح تقييم الجائزة.

وفي ختام تقرير لجنة الجائزة، أعلن الدكتور كمال عبد اللطيف أنّ موضوعَي الجائزة للسنة المقبلة، هما: "التاريخ وتاريخ الراهن بالذات"، و"التنمية الاقتصاديّة العربيّة".

ويذكر أن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أطلق الجائزة العربية للعلوم الإنسانية والاجتماعية في عام 2011، بهدف تشجيع الباحثين العرب داخل الوطن العربي وخارجه على البحث العلمي الخلاّق والمبدع في قضايا وإشكاليات تهمُّ صيرورة تطور المجتمعات العربية وبنيتها وتحولاتها ومساراتها نحو الوحدة والاستقلال والديمقراطية والتنمية الإنسانية. وخصص لها جوائز مالية سنوية بمجموع 220 ألف دولار أميركي موزعة على موضوعين أحدهما في العلوم الاجتماعية والآخر في العلوم الإنسانية، بحيث تخصص في كل موضوع جائزة قيمتها 30 ألف دولار لفئة الباحثين وجائزة أخرى لفئة الباحثين الشباب بقيمة 25 ألف دولار.

 

العدالة التي تقوم على الهويات لا تؤسس دولة

ألقى الدكتور عزمي بشارة كلمة في حفل الافتتاح الرسمي للمؤتمر السنوي الثاني للعلوم الاجتماعية والإنسانية، شرح من خلالها مبررات اختيار موضوعي المؤتمر: جدلية الاندماج الاجتماعي، وما العدالة في الوطن العربي اليوم؟

وقال بشارة: " منطق اختيار هذه الموضوعات في هذه المرحلة، يعود أصلا إلى منهجنا في اختيار مواضيع المؤتمرات التي نعتقد أنها يجب أن تكون أجندات البحث العلمي الاجتماعي في الوطن العربي في هذه الأيام حتى لا يحدد لنا أحد أجنداتنا البحثية، بل نقوم نحن بتحديدها، من دون الإغراق في الدراسات التطبيقية، وأخذا للنظرية بعين الاعتبار. ولم نجد موضوعا أهم في هذه المرحلة من موضوع العدالة المهمل في الأبحاث الفكرية الاجتماعية العربية".

ورأى الدكتور عزمي أن الفرصة سانحة اليوم ليقدم الفكر والحضارة العربية مساهمة كونية في فكرة العدالة التي مرت بتطورات تاريخية عديدة، وقال في هذا الصدد: "لقد مرت فكرة العدالة بأطوار تاريخية بحيث أدمجت أولا التعامل بالمثل كما في شريعة حمورابي، أي العدالة كمعاملة بالمثل، ثم أدخلت فكرة المساواة في نطاق مفهوم العدالة لاحقا في القرن التاسع عشر في الأيديولوجيا وليس في العلوم الاجتماعية، فالمساواة موقف وليست نظرية، وظهر ذلك في الأيديولوجيات المستوحاة من الثورة الفرنسية. وبعد ذلك أدخلت فكرة الحرية في مضمون مفهوم العدالة. وبرأينا، إذا أردنا أن نساهم كعرب في العلوم الاجتماعية في هذه المرحلة وأخذا بعين الاعتبار للواقع العربي، لأن المساهمات الكونية في العلوم الاجتماعية هي في الواقع مساهمات محلية لثقافات مهيمنة، وهي كونية لأنها محلية، فإن مساهمتنا الكونية في العلوم الاجتماعية يجب أن تنطلق من واقعنا. وفي واقعنا لا توجد قضية أهم من قضية فشل الاندماج الاجتماعي. وليس بالإمكان تحقيق العدالة من دون تحقيق الاندماج الاجتماعي، ونقصد بذلك الاندماج الثقافي والاقتصادي وعلى مستوى الهوية وعلى مستوى المواطنة".

وتابع قائلا: "إذا كان البعض يسند الفضل إلى جون رولز كمن جمع فكرة الحرية بالعدالة مع أن دلالة العدالة اللفظية والاصطلاحية لا علاقة لها بالحرية، بل أدخلت في العصر الحديث، فهل سندخل نحن إلى العدالة فكرة الهوية وفكرة الاندماج الاجتماعي؟ فتكون هذه ربما المساهمة الكونية التي تقدمها الحضارة العربية في صراعها الحالي في مستوى الثورات".

وبدأ بشارة تحليله بمدخل في معاني لفظ "العدالة" في اللغة العربية واقترانه بالمساواة، ليصل إلى القول إنّ فكرة المساواة مزروعة في العدالة في الثقافة العربية والفكر العربي، وهي أيضا مزروعة في العدالة في الثقافة الغربية ولكنها كانت عند هيغل مثلا تقوم على أن الشيء يساوي ذاته ولا يساوي غيره، فهي مساواة بين متساوين، بمعنى أن مالك العبيد لا يساوي العبد والرجل لا يساوي المرأة وابن هذه المنزلة الاجتماعية لا يساوي مواطن المنزلة الاجتماعية الأخرى". وأوضح أن فكرة المساواة الطبيعية هي في الحقيقة فكرة دينية في الإسلام والمسيحية، وهي تبدأ في المسيحية بفكرة خلق الله الإنسان على صورته ومثاله، وفي الإسلام بتعابير قرآنية مثل "وجعلناك في الأرض خليفة" "وكرّمنا بني آدم". ثم انتقلت هذه الفكرة التي تساوي بين الناس إلى الفكر الغربي الحديث، وأن الناس متساوون بطبيعتهم وأن الفروق النسبية بينهم عند مولدهم لا تبرر تصنيف السيد والعبد، وأن هذه الفروق صنيعة الثقافة والسياسة. وهذا ما برر وجود كيان سياسي من حق الجميع أن يشاركوا في التعاقد عليه، ولكنه لم يبرر حقوقا، فلم تكن العدالة في الفكر الغربي الأول تعني الحقوق، بالعكس كانت تعني الحرمان من الحقوق عند هوبز، بمعنى أنه من العادل أن يتخلى الإنسان عن حقوقه لمصلحة الدولة، فلم يكن هناك تناسق واضح بين فكرتي الحقوق والعدالة قبل الثورة الفرنسية التي صاغت حقوق الإنسان.

وأوضح الدكتور عزمي أن ما نعرفه من دخول المساواة كأيديولوجيا في فكرة العدالة، بمعنى المساواة الاجتماعية، وبمعنى مصادرة الملكية الخاصة وبمعنى توزيع الخير الاجتماعي بين الناس بحسب الحاجة أو بحسب الاستحقاق، والتي جاءت بها نظريات الفكر الاشتراكي المختلفة في القرن التاسع عشر، هي في الحقيقة أيديولوجيات، وهي مواقف وليست علما. فيما أن الانقسام الفكري الذي سبق هذه الأيديولوجيات هو الانقسام بين فكرة المنفعة وفكرة الحرية، بين جيرمي بنثام وإيمانويل كانط، أي هل بالإمكان تأسيس الأخلاق ومن ضمنها العدالة كموقف أخلاقي، على فكرة السعادة أم أن السعادة لا يمكن أن تبنى عليها الأخلاق وإنما يجب أن تبنى على مبدأ آخر أسماه كانط الواجب الأخلاقي، وهو في الواقع يقصد الحرية.

وأكد أن هذه الفكرة كان قد توصل إليها المعتزلة، بأن العدل يقوم على الحرية وأنه لا يمكن أن تحسم موقفا إن كان عادلا أو غير عادل إذا لم تكن حرا، فلا يمكن أن يحاسب المرء على أخلاق أو مبدأ أخلاقي من دون مبدأ حرية. ولذلك سمي المعتزلة أهل العدل والتوحيد. وأشار إلى أن النقاشات الأيديولوجية السائدة بين التيارات السياسية المختلفة واعتبار الإسلام تيارا سياسيًّا تسببت في إهمال موضوعات رئيسة في الفكر الإسلامي تم التطرق إليها، ولكن تتخذ منها اليوم مواقف أيديولوجية من غير وجه حق.

 وقاد بشارة تحليله لفكرة العدالة ليصل إلى جوهر الموضوع في الوطن العربي اليوم، فبما أننا نتحدث عن العدالة في عصرنا في إطار وحدات مرجعية، فإن إطار العدالة في العصر هو الدولة الوطنية. فالدولة مرجعية لفكرة العدالة، لذلك علينا أن ننظر في الدولة العربية، هل لدينا دولة يكون فيها معيار العدالة هو مرجعية الدولة وليس الهويات؟ "فإذا كان الإطار المرجعي هو الدولة، والعلاقة بين الإنسان والدولة تسمى المواطنة، يفترض أن تكون مرجعية العدالة هي فكرة المواطنة. وإذا كانت هناك عدالات متعددة في الدولة (كل واحدة خاصة بالمتساوين في فئة واحدة) فإن ذلك يؤسس لكيانات سياسية متعددة وليس لكيان واحد. وما يسمى التعايش هو هروب من الموضوع الرئيس، فالتعايش يحمل معنى التهدئة... تهدئة الحرب الباردة التي قد تتحول في أي لحظة إلى حرب أهلية. العدالة لا تقوم على التعايش بل تقوم في إطار مرجعي واحد اسمه الدولة، لا في إطار متعدد متعايش. فبالإمكان صوغ نماذج تأخذ الهويات الأهلية بعين الاعتبار، ولكن يجب أن تتأسس على ما سبق ودخل على مفهوم العدالة، ألا وهو الحرية. إن الهوية في رأيي في مفهوم العدالة الحديث لها معنى حقوقي إذا تأسست على فكرة الحرية، بمعنى أن من حريتي أن تكون لي هوية، وحقي كمواطن يكفل لي أن تكون لي هوية، أما إذا اشتق حقي من الهوية وليس أن الهوية حقي، وإذا اشتقت الحرية من الهوية، بمعنى أنني حر في داخل هذا الإطار الطائفي الذي يحمي حريتي، نكون قد هدمنا كل التاريخ الذي بني عليه تطور مصطلح العدالة، وهذا يؤسس لكيانات متعددة وليس لكيان موحد. أنا لست فكريا ضد أن نطور كعلماء علم اجتماع وعلوم سياسية أو سياسيين فكرة الكيانات الهوياتية داخل الدولة، لكنها يجب أن تقوم على مبدأي المواطنة والحرية وليس العكس بأن يقوم مبدآ المواطنة والحرية على الهويات، بمعنى أن هذه الهويات هويات اختيارية، أي أن أختار أن أُؤطّر في إطار طائفي معيّن ولديّ الحرية في أن أتخلى عنه إذا شئت. والمبدأ الثاني أن تقوم هذه الكيانات على أساس المساواة بين المواطنين. أما إذا بدأنا بالهويات، فلن نؤسس لعدالة بمعناها المعاصر الذي خلفه تاريخ، بل نبدأ تاريخا جديدا خاصا بنا أخشى أنه يقود إلى حروب أهلية".
 
تبعات أساليب تشكيل الدولة القطرية العربية بحاجة إلى معالجة

خُتم الحفل بمحاضرة للدكتور طارق البشري موضوعها: "حول حركية تشكّل الجماعات السياسية". أكّد البشري في مستهلّ محاضرته على أنّ تنوّع معايير التصنيف التي تميّز بين الجماعات تعدّ جامعة وليست مانعة، وأضاف أنه يتعيّن لانتماء الجماعة السياسيّة أن يكون قادرًا على حمل الوظائف التي تُطلب منه.

وقال البشري: "إنّ عناصر ما يمكن أن تقوم عليه الجماعة السياسيّة، تكون عادةً مجتمعة، فما من فردٍ في جماعة إلّا وهو مشمول بعلاقاتِ نسَبٍ، أو هو مشارك غيره في لغةٍ تجمعهم، وفي عقيدةٍ تشملهم. وإنّ أحداث التاريخ وعلاقات الجماعات البشريّة بعضها ببعض هي ما يرجّح اعتبار واحد من هذه العناصر هو الذي يمثّل العنصر الجامع إزاء غيره من العناصر الأخرى، هي كلّها مرشّحة لتكوين دوائر انتماء".

وأشار البشري إلى أنّه ينبغي النظر إلى دوائر الانتماء على تعدّدها والبحث في أساليب تعاملها مع بعضها البعض. وإنّ من أهمّ ما يتعيّن ملاحظته أنّ دوائر الانتماء هذه في تفاعلها مع بعضها البعض إنّما يكون الرجحان في الظهور بشأنها وتبوّؤ الصدارة الحاكمة هو لما يمكن أن يتمتّع منها بتشكيل تنظيمٍ يفوق غيرها. وأضاف أنّه يستحيل في هذا الصدد تجاهل الأثر الكبير لأساليب تشكيل أجهزة الدولة القطريّة في بلادنا، وأنّه ينبغي البدء من هذا الواقع الموجود والنظر في كيفيّة معالجته وتطويره وتعديله. وليكون لنا في تجربة الاتّحاد الأوروبيّ درسٌ يُستفاد، وفي هذا السياق قدّم البشري أربعة مقترحات لبلوغ هذا الهدف. 


يعقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مؤتمرًا أكاديميًا دوليًا في ذكرى مرور عشرة أعوام على غزو الولايات المتحدة الأميركية للعراق واحتلاله، وذلك خلال الفترة 10 - 12 نيسان/ أبريل 2013. يهدف المؤتمر إلى تدارس هذا الحدث ذي الطبيعة النوعية في الواقع العربي المعاصر، وآثاره الممتدة، والمتمثلة في التداعيات الجيوستراتيجية والجيوسياسية التي أعقبته على مستويات الدولة العراقية، والإقليم، والوطن العربي كافة. ينقسم برنامج المؤتمر إلى قسمين، يتضمن القسم الأول جلستي استماع لشهادات تقدمها شخصيات مرموقة وفاعلة شهدت أحداث تلك الحقبة، انطلاقًا من المواقع التي كانت تحتلها، والأدوار التي أدّتها آنذاك. ويتضمن القسم الثاني ست جلساتٍ أكاديميةٍ، يناقش فيها أربعة وعشرون أكاديميًا متخصصًا طيفًا واسعًا من القضايا والتداعيات التي نتجت من تجربة الغزو والاحتلال. ويأمل المركز، إذ يعقد هذا المؤتمر، أن يشكّل إضافة علمية في إطار تدارس الآثار التي تنتج من التدخلات العسكرية الأجنبية الخارجية في أجزاء الوطن العربي، استنادًا إلى التجربة العراقية الأخيرة مع الغزو والاحتلال، وفي ضوء حسابات المخاطر والفرص في الأوضاع العراقية الراهنة.

عن موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
(105)    هل أعجبتك المقالة (115)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي