ثلاثة أطفال عراقيين، يلعبون بأمان على رصيف بيتهم في حمص، غير آبهين بالرعب الذي شهدوه في بلادهم التي أكدوا أنهم اشتاقوا إليها كثيراً... هذا المشهد تراه تقريباً في أغلب مناطق حمص التي سكنها أهل بلاد الرافدين واستقروا فيها وأخذوا بالتناوب بينها وبين بلادهم، فقط لتمديد تأشيرة الدخول، السيارات العراقية بدأت تشاهد بكثرة في شوارع حمص وعلى محطات وقودها، اللهجة العراقية أخذت تسمع ليس من أغاني المطربين العراقيين فحسب بل من أفواه الأطفال والشباب والشيوخ والنساء العراقيين الموجودين في المجتمع السوري المحتك بهم يومياً...
سواق حمص ومقاهيها تُزار يومياً بأعداد كبيرة من قبل الإخوة العراقيين، أطباء، مهندسين وغيرهم من طبقات الشعب العراقي، كلٌ على حسب استطاعته المادية، يقول الدكتور العراقي نضال: أنا ومثلي العديد لجأنا إلى سورية هرباً من التدهور الأمني العراقي، سكنت فترة في دمشق – جرمانا، وحالياً أبحث عن بيت في حمص لأستقر بها لما سمعت عنها من معيشة رخيصة وهدوء أفتقده في دمشق، وأكمل الدكتور: حمص ملاذ محبب للعراقيين لأسباب عدة من أهمها توسطها لسورية وبساطة العيش فيها، وأنا سأحاول جاهداً نقل عائلتي إلى حمص إذا أمنت مسكناً مناسباً... الزميل (كريم.د) صحفي عراقي يسكن في حمص ويدير عمله الصحفي منها يقول: أشعر بالأمان في سورية وهذا ما افتقدته بالعراق، وأدير عملي من حمص دون أي قيود كنت أعانيها بالعراق من أصغرها تهديد المليشيات، حزينٌ جداً على العراق لكن سورية (كفت ووفت)... بعيداً عما توفره سورية للإخوة العراقيين من أمن وملجأ، ينظر العديد من أبناء حمص للعراقيين على أنهم سبب رئيس لغلاء العقارات أولاً ثم السلع الغذائية، وفي هذا الصدد يؤكد أبو حسن صاحب مكتب عقاري، أن أسعار وإيجارات البيوت تضاعفت في حمص بعد لجوء أعداد كبيرة إليها من العراقيين وقال: لم يعد ابن البلد يستطيع استئجار بيت أو حتى غرفة مناسبة، فالعراقي قادر على دفع إيجارات كبيرة لا يستطيع أن يجاريه فيها ابن البلد وبالتالي ونظراً لزيادة الطلب والقدرة على الدفع، زادت إيجارات البيوت بشكل كبير، أما عن أسعار شراء البيوت فحدث ولا حرج، وبالنسبة لي فأغلب عملي أصبح للإخوة العراقيين وهو في جله إيجار في كل مناطق حمص الراقية والشعبية دون استثناء..... تقارير صحفية عديدة تحدثت عن دور مهم للعراقيين في تثبيت سعر الليرة السورية أمام الدولار وأكدت أن العراقيين ضخوا نحو ملياري دولار في السوق السورية وأن هذا الرقم مرشح للازدياد. وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن سورية أكثر دولة استقبلت نازحين عراقيين فاق عددهم مليون عراقي وأن 40 ألف نازح يصلون شهرياً إليها، تليها الأردن ثم مصر ثم لبنان.. مديرية هجرة وجوازات حمص، رفضت إعطاء أي معلومة للوطن عن أعداد العراقيين في حمص إلا أن أعدادهم كبيرة جداً حسبما يشاهد يومياً في حمص من سيارات عراقية وأشخاص. وكانت الأمم المتحدة قد أشادت بتقريرها عن حال العراقيين في سورية بـ (كرم وجود سورية تجاههم) وأكد التقرير أن مئات الآلاف من العراقيين لم يعودوا مهتمين بالعودة نهائياً إلى العراق وحذر من تحرك آخر ضخم للعراقيين قد يحدث من سورية باتجاه البلدان الغربية، ويعترف التقرير بـ(الأثر الكبير) للوجود العراقي على الخدمات الاجتماعية والبنى التحية السورية، وعلى الحياة اليومية للمواطنين السوريين.
حمص بيت العراقيين الآمن وسوقهم الرخيص
فتحي ابراهيم بيوض - الوطن - ارشيف
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية