سلطت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الضوء على بعض زوايا مشكلة الخطف في سوريا، والتي تكاد تتحول إلى ظاهرة في بعض المناطق، قائلة إن حوادث الإختطاف في سوريا لاتتم كلها بدافع سياسي، ففي مناطق الفوضى ينشط خاطفون يمارسون أعمالهم، مقابل الحصول على دخل سهل.
وتروي الصحيفة حكاية "عمّ علاء" الذي يعد نموذجا بارزا في محيطه، فرغم أنه لم يعلن عن اتجاهه السياسي منذ بداية الثورة السورية، فقد كان معروفا بأنه صديق للمعارضة.
لذا عندما وصلت مجموعة من الأشخاص إلى منزل الرجل، مدعين أنهم من الجيش السوري الحر، وطلبوا منه مرافقتهم إلى مقرهم للاستجواب حول دعمه للنظام، فقد داخله ارتياب، لكن ذهب معهم على أمل توضيح موقفه.
لسنا معزولين
وهكذا ورط عم علاء نفسه مع مجموعة خاطفة كلفته 3 أسابيع من الاحتجاز ومبلغا يقارب 10 آلاف دولار، فضلا عن 3 سيارات، قبل أن يتم إطلاق سراح العم. وان يتبين أن المختطفين لم يكن لهم أي صلة بالجيش الحر، وأنهم ببساطة مجرد مجرمين امتنهنوا الخطف للتربح.
ويعلق علاء: اكتشفت أن حالتنا لم تكن حادثة معزولة، فهذا يحدث في مختلف أنحاء سوريا، إنها فعلا حياة تدار بقانون الغابة، لا أحد يستمع لأحد، وكلّ شخص له طريقته الخاصة بالتصرف، بعضهم يضربون بسيف الحكومة، وآخرون يدعون انتماءهم إلى المجالس العسكرية.
وتنقل الصحيفة عن سكان من محافظة إدلب أنهم باتوا يعانون من استشراء ظاهرة الاختطاف، حيث يتم الإبلاغ عن فقدان أشخاص بشكل يومي.
ويرى الأهالي في محافظة إدلب أن حوادث الاختطاف التي وقعت في الشهور الأخيرة جعلتهم يتخوفون كثيراً من التنقل ومغادرة أحيائهم، وهكذا شل الخوف من الاختطاف النشاط اليومي للناس، وكاد يعطله بشكل كامل في العديد من المناطق.
يقول الناشط الإعلامي يزن خضر: المشكلة تتفاقم يوما بعد يوم، الناس يخشون ترك المدينة لأنهم خائفون من أن يكونوا الرهينة التالية، موضحاً أن ذلك أثر على استمرار حياة الناس، حيث لم يعد الأهالي في منطقته قادرين على تأمين مياه الشرب، لأن أنبوب الماء الرئيس انكسر والناس الذي يستطيعون إصلاحه يأبون الحضور إلى المنطقة خوفاً من اختطافهم، أما سائقو شاحنات البضائع، فليسوا أفضل حالاً، فهم يستنكفون عن عبور هذه المنطقة.
يبقى من الصعب معرفة من يقفون خلف حوادث الاختطاف، لكنّهم بالتاكيد أشخاص مدفوعون في معظمهم بدوافع إجرامية، حيث يستغلون حالة الفوضى ويحققون مكاسب في مناطق لا تخضع بالكامل للمعارضة ولا للحكومة.
آمال بالتحسن
بينما يشير شادي زيداني، عضو سابق في قوة أمن إدلب الثورة أن عدد حوادث الاختطاف في إدلب ازداد بشكل مثير مقارنة بالسابق , موضحاً: عندما يختطفون النشطاء، يسلمونهم إلى قوات الأمن الحكومية بالتأكيد، لكن هناك آخرين ممن يستغلون الوضع لجمع المال.
وتلقي المعارضة السورية باللوم على الفئات الموالية للنظام، متهمة إياها بالضلوع في أغلب حوادث الاختطاف، فالنظام -حسب المعارضة- أطلق سراح مدانين من السجون وشجع ما يسمى اللجان الشعيبة على اختطاف وإرهاب السكان المحليين، لإظهار الثوار بمظهر العاجز عن توفير الأمن والاستقرار.
وتنشر الصحيفة عن أهل إدلب أملهم بأن تتحسن الحال، حيث يقول أعضاء في المعارضة إن الوضع في حلب كان شبيهاً بما هم عليه، لاسيما بعد فترة قصيرة من سيطرة الثوار على مزيد من الأماكن هناك، عندما كان من المألوف أن تسمع بأكثر من حادثة خطف يومياً، لكن الأمر تغير اليوم مع سيطرة المعارضة على مناطق واسعة من محافظة حلب المعارضة، وتكوينهم أجهزة شرطة ومحاكم خاصة، في سبيل اللمحافظة على القانون والنظام. حتى إن بعض وحدات الأمن الثوري في حلب تعمل كجهاز مخابرات مهمته مراقبة سلوك الجيش السوري الحر، ويؤكد سكان حلب أن هذه الجهود لعبت دوراً حاسماً في
تقليل حوادث الاختطاف ونسب الجريمة عموماً.
يقول طوني الطيب الناشط الإعلامي من حلب: إن فترة الصيف شهدت وقوع عمليات اختطاف معزولة، لكن العمليات بدأت تزداد بشكل لافت، حيث اتخذها البعض كمهنة للحصول على المال، ولكن الآن وبعد تحرير معظم حلب، بدأ الثوار بتنظيم المدينة، ففصلوا العمل العسكري عن القضايا المدنية والسياسية، وافتتحوا مراكز شرطة ومحاكم، ومع وجود مؤسسات كهذه أعتقد ان الخطف سيتلاشى قريباً من حلب. وتختتم "كريستيان ساينس مونيتور: لكن تفاؤل "الطيب" يبدو بعيداً نوعاً ما، إذ ما تزال ترد تقارير عن تهديدات متزايدة بخطف أجانب يعملون في المنطقة، والكثيرون قلقون من تحول الاختطاف إلى مشكلة يصعب السيطرة عليها، في ظل استمرار الفوضى وحالة عدم الاستقرار.
ترجمة: زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية