كاد (ع) وهو صاحب محطة للوقود في ريف دمشق أن يفقد حياته لأنه طلب من شبان اللجان الشعبية الاصطفاف بدورهم لتعبئة سيارتهم بالبينزين، وبدأت القصة بعد وصول سيارة صهريج إلى تلك الكازية، وأفرغت حمولتها من البينزين في محطة الوقود التي تغص بطوابيرمن البشر ينتظرون منذ ساعات الصباح لتعبئة سياراتهم مع أزمة كبيرة في توفر المادة تعيشها دمشق وريفها.
*بنزين بالرصاص
وفجاة تقتحم سيارة يستقلها عناصر(اللجان الشعبية) الدور ضاربة عرض الحائط بالمنتظرين الصابرين، وطلبت من (ع ) تعبئة سيارتهم أولاً، وعندما رفض الأخير طلبهم بدؤوا بتهديده، إلا أن صاحب الكازية قال لهم:" أعلم جيداً أنكم لجان شعبية، ومعكم أسلحة، ولكن عليكم الوقوف بالدور مع المواطنين لتعبئة السيارة"، حاولوا إجباره بالقوة لكن عندما أصر (ع ) على موقفه أطلق أحد الشبان النار عليه، وهرب، لينقل صاحب المحطة إلى المستشفى بعد أن أصابته طلقة في ركبته، من الأرجح أنها ستتسبب بإعاقة دائمة في قدمه.
ولعل التعدي على صاحب محطة الوقود ليست سوى واحدة من القصص الكثيرة التي يقوم بها شبان اللجان الشعبية في مختلف مناطق دمشق وريفها، بعد أن أطلق النظام وأجهزته الأمنية أيديهم وجعلهم نسخة محدثة عن شبيحته، فهم لايضطرون للوقوف في دور ولايشعرون بالأزمات، إنما يحصلون على مخصصات المواطن السوري من كل شيء ولاسيما من المواد غير المتوفرة.
وأشار رامز أن شباب اللجان الشعبية اليوم "أهم من الوزراء" حيث يحصلون على المازوت والبنزين والغاز والخبز، دون أن يضطر واحدهم الوقوف في طوابير المواطنين، لافتاً إلى أن النظام ابتدع أمام الأفران ومحطات الوقود ما يسمى بالخط العسكري، وهو مخصص لعناصر الأمن والشبيحة واللجان الشعبية، حيث يدخلون منه، ويأخذون ما يشاؤون وبالكميات التي يريدونها دون محاسبة من أحد وأمام أعين الناس.
*مافيات صناعة النظام
واتهم رامز أولئك بأنهم مافيات النظام، وأذرعه في ابتداع الأزمات حيث يأخذون المادة بسعرها النظامي من الدولة ويبيعونها في السوق السوداء أضعافاً مضاعفة، وخاصة الوقود.
أما مجد فقد وقف من الساعة السابعة صباحاً أمام إحدى محطات الوقود ليملأ سيارته بالبينزين الساعة الرابعة ظهراً، وبيّن أن السبب الأساسي في ذلك هو صاحب المحطة الذي يملأ لأربع سيارات للجان الشعبية والأمن، وسيارة واحدة للمواطنين، مبيناً أن هذه المعاناة تتكرر معه أيضاً أمام الفرن حيث يصطف الناس في الطوابير لساعات طويلة، أما اللجان الشعبية فلهم الأفضلية بالحصول على طلبهم حيث لا ينتظرون بالدور بحجة أنهم يحمون الناس.
"تتزايد نقمة المواطن السوري على من يسمون أنفسهم باللجان الشعبية" بهذه الكلمات بدأ أبو راجح حديثه، واصفاً معاناته مع أولئك الشبان في منطقته بأنها كبيرة على اعتبار أن النظام اختارهم من "زعران المنطقة" حيث قاموا بسرقة منزله مؤخراً دون أن يستطيع الشكوى، وبيّن هذا الرجل الخمسيني أن أكثر ما يستفزه هو تعاملهم غير المحترم مع الناس، فهم لايتوانون عن قتل أي مواطن إذا اعترض على تصرفاتهم، والتهمة جاهزة بأنه إرهابي، أو يتعامل مع الإرهابيين، وطبعاً كلمة أولئك الشبان مسموعة عند رجال الأمن.
*تجار لقمة العيش
وأشار أحد النشطاء المعارضين أن ما يقوم به عناصر اللجان الشعبية في المناطق من عمليات سرقة ونهب وخطف على مرأى من الجميع، إنما تدل على أن النظام هو من يقف وراءهم ويحميهم، إلا أن مايزيد من استياء الناس خلال الآونة الأخيرة هو قيام تلك المجموعات باستغلال الأزمات والمتاجرة بها، وخاصة تلك التي تتعلق بالوقود، ولم يخفِ الناشط أنه حتى أصحاب محطات الوقود ليس بيدهم حيلة فهم مضطرون لتلبية أوامر اللجان الشعبية ليتقوا شرهم، وإلا سيكون مصير من يعترض طريقهم كمصير صاحب محطة الوقود التي ذكرت آنفاً.
وأكد الناشط أن أعضاء اللجان الشعبية يأخذون مخصصات من المحروقات أكثر من التي حددت للمواطنين سواء بالنسبة للبينزين، أو الغاز أو المازوت، وبل أكثر من ذلك فإن النظام يوزع على سبيل المثال مخصصات كل منطقة من الغاز للجان الشعبية، لتقوم تلك اللجان بتوزيعها على الناس، إلا أنهم يأخذون تلك المخصصات، ويبعونها بأسعار مضاعفة عن سعرها، بل إن بعضهم يقوم بتخزينها كنوع من زيادة الأزمة على المادة، وبالتالي يرفع سعرها أكثر، ليشير الناشط بأنهم يتقاسمون الأرباح مع عناصر الأمن ،حيث حققوا خلال الفترة الماضية ثروات هائلة عن طريق المتاجرة بلقمة الشعب السوري.
و لا بد من التذكير باقتراح النائب الاقتصادي لحكومة النظام بتعهيد ما يسمى ب"اللجان الشعبية" توزيع الحاجيات الأساسية على المواطنين، فهل نعتبر أن ما ورد أعلاه أحد السيناريوهات الناجمة عن هكذا اقتراحات و قرارات؟!
نيرمين الخوري - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية