كل الطرق تؤدي إلى جيوب الفساد... "مشروع تشغيل الشباب" يثبت إدمان فيتامين "و"

أعلنت الحكومة السورية منذ عامٍ ونصف تقريباً عن مشروعٍ لامتصاص البطالة، أطلقت عليه اسم "مشروع تشغيل الشباب"، الذي ما لبث أن تحول إلى أحد وسائل الكسب غير المشروع في النظام السوري.
ورغم تعالي أصوات الشباب المتقدمين إلى هذه المسابقات وفضحهم للعديد من وسائل الابتزاز واستغلال الحاجة المستخدمة في هذه المسابقات إلا أن الآذان بقيت كما هي العادة من طينٍ وعجين، ليصل الأمر إلى قبة مجلس الشعب ويطالب بعض النواب بإلغاء فكرة مشروع تشغيل الشباب، كونها أحد أوجه الفساد الوظيفي، لكن يبدو أن أصوات المستفيدين بقيت أعلى من كل الأصوات.
ووفقاً لإعلان المشروع الذي أطلق منذ نحو عامٍ ونصف، من المفترض أن يوفر ما يقارب 36 ألف فرصة عمل، وفق عقود محددة بفترة خمس سنوات، وحجة الحكومة السورية في هذه الفترة أنها بمثابة تأهيل لليد العاملة، وتحضيرها لدخول سوق العمل في القطاعين العام والخاص.
كلام في الهواء
وبدأت الوزارات والجهات الرسمية بإعلان مسابقاتها، وسارع الشباب إلى تجهيز الأوراق المطلوبة، ليتقدم إلى كل واحدة من هذه المسابقات ما لا يقل عن مئتي متقدم، يخرج جميعهم من المسابقة بقناعةٍ واحدة وثابتة، وهي أن الشخص المطلوب تم تعيينه مسبقاً، ودليلهم أن الأسئلة ليست أكثر من مضيعةٍ للوقت وفق ما يشير أحد المتقدمين، "سألوني في كل شيء إلا في اختصاصي الهندسي المطلوب للوظيفة، والنتيجة هي أنه لم يتم اختياري"، وتتحدث فتاة أخرى عن أن اسمها كان الثاني من بين الناجحين في واحدة من المسابقات لكن لم يتم تعيينها، لتعرف لاحقاً أن المسابقة كلام في الهواء.
ولأن يد الفساد في النظام السوري لا توفر أي قانون أو مشروع إلا وتوجه بوصلته إلى جيوبها، تحولت مسابقات التشغيل أيضاً إلى بابٍ مشرّعٍ لتحقيق مكاسب مشبوهة من خلال المحسوبيات والواسطات، والرشوة المطلوبة للتعيين في واحدة من هذه المسابقات لا تقل عن 100 ألف ليرة، حسب شهادة أحد المتقدمين.
الإذلال اليومي
الشباب السوري العاطل عن العمل، والذي حاول النظام كسبه في بداية الثورة عبر هذا المشروع، بدأ يشعر فعلاً بحجم الإذلال اليومي الذي يتعرض له، حسب سليم أحد المتقدمين إلى مسابقة من هذه المسابقات الذي يقول: "تجهيز المعاملة والأوراق المطلوبة يكلف كل متقدم ما لا يقل عن ألف ليرة، علاوةً عن أجور النقل من مؤسسة إلى أخرى، لكن النتيجة أنك مخيّر بين الدفع أو الواسطة، ولا شيء جديداً فهذه الحالة معروفة منذ عقود، لكنني كنت تفاءلت خيراً بتغيير ربما يحدث، إلا أن تفاؤلي ليس في محله"
يذكر أن موازنة عام 2013 أشارت إلى ما اعتبرته التزام الدولة في دورها الاجتماعي، من خلال خطتها لتشغيل 36 ألف موظف
في قطاعات الدولة المختلفة، بحيث زادت كتلة الرواتب والأجور من 209 مليارات ليرة في الموازنة الماضية إلى 236 مليار ليرة، وكانت نسب البطالة في العام 2010 وفق آخر إحصاء رسمي بلغت 8.4 %، لكن الرقم تضاعف بسبب خسارة مئات الآلاف لوظائفهم بسبب استمرار العمليات العسكرية في البلاد
بلقيس أبوراشد - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية