أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

محاكمة ناشط حقوقي في سورية بسبب مقال ينتقد واقع التعليم في سورية!

أحيل ناشط حقوقي سوري للمحاكمة أمام القضاء العسكري (الاستثنائي) لاتهامه "بالمس بهيبة الدولة وإضعاف الثقة بالسلطة العامة والمس بالنزاهة الوطنية"، وذلك على خلفية مقال كان قد كتبه ونشر على الانترنت تناول واقع العملية التعليمية في سورية.

وعبرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية عن "الدهشة والقلق" بعد إحالة عضو إدارة مجلس الإدارة فيها أحمد الحجي الخلف؛ إلى القضاء العسكري على أثر مقالة له تم نشرها في مواقع الكترونية متعددة على شبكة الانترنت تحت عنوان: "مديرية التربية بالرقة، ويا نصيب التعليم والتعيين" والتي حاول من خلالها نقد واقع التعليم والعملية التربوية في سورية بشكل عام، وفي محافظة الرقة بشكل خاص.

وقد تمت إحالته إلى القضاء العسكري بناء على ادعاء تقدم به وزير التربية في سورية، معتبراً أن ما ورد في هذا المقال يمس هيبة الدولة، ويضعف الثقة بالسلطة العامة، ويمس بالنزاهة الوطنية. بناء على ذلك، فقد تم تحريك الدعوى العامة من قبل النيابة العامة العسكرية بحلب بجرم قدح إدارة عامة سنداً للمادة 378 عقوبات عامة، وقيدت الدعوى أمام المحكمة العسكرية بالرقة، حيث لم يحدد موعد للنظر بها حتى الآن.

ورأت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية "في هذا الإجراء خطوة تصعيديه خطيرة في سياسة القمع وكم الأفواه الناقدة للواقع الفاسد، والتي لا زالت تُنتهج ضد نشطاء حقوق الإنسان"، مؤكدة أن "هيبة الدولة والثقة الحقيقية بالسلطات العامة تكمن في ضمان حرية الرأي والتعبير والنقد، وفي حقوق وكرامة المواطنين، وأن ربطها بكل مسؤول حيث وجد سيؤسس لاختزال الوطن والوطنية بأشخاص كُثر وسيحد بالتأكيد من حرية النطق وسيحول مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة لن يمكن ولن يسمح لأحد الاقتراب منها، ولن تجد ساعتها شعارات الشفافية ومكافحة الفساد من حامل أمامها، إلا هياكل بأفواه مغلقة".



مديرية التربية بالرقة و"يا نصيب" التعليم .. والتعيين - أحمد الحجي الخلف 

السبت 15 سبتمبر 2007

إذا كان لاهتمام القادة والمفكرين منذ قرون بالتعليم ودوره في حياة ومستقبل الأمم  ما يبرره من حيث كونه ركيزة ومعيارا أساسيا لمدى تقدم أو تأخر هذا البلد أو ذاك , فإن واقع العملية التربوية برمتها وبشكل خاص في محافظة الرقة لدليل صارخ على مدى تدني وتدهور مستوى التعليم وترديه في سورية.

فقد جاء في بلاغ وزارة التربية  رقم 1215/843(4/6) تاريخ 15/5/ 2006 المتضمن بعض التعليمات الإجرائية الناظمة لآليات توزيع وتعيين المعلمين الوكلاء في مدارس الجمهورية العربية السورية, ما يلي:
 
1- إعطاء الأولوية في التعيين لحملة الإجازات الجامعية والمعاهد بغض النظر عن نواحيهم  ومناطقهم .
2- تعيين أبناء القرى النائية وشبه النائية في نواحيهم ومناطقهم .
3- توزيع المعلمين الأصلاء بصورة عادلة ومتساوية على كافة مدارس الريف والمحافظة.
 
للوهلة الأولى يستشف القارئ والمهتم  من ذلك, إذا ما أراد قراءتها بحسن نية , بأن الغاية والهدف من وراء هذه التعليمات الوزارية ,هو , تحسين  مستوى التعليم بشكل عام والنهوض بالعملية التربوية وتحقيق الاستقرار لها . من خلال استثمار طاقات حملة الإجازات والمعاهد والاستفادة من قدراتهم و إمكانياتهم في رفع مستوى الأداء التعليمي وتحقيق التوزيع العادل والمنصف للمعلمين الاصلاء  و(ضمان تكافؤ الفرص أمام جميــــــع المتقدمين للعمل وكالة بصورة مؤقتة ) كما جاء بالبلاغ الآنف الذكر.
 
ولكن ما جرى على أرض الواقع  في مديرية التربية بالرقة, كان خلاف ذلك , فقد جاء حافلاً بالفهم الخاطئ ويفتقر إلى النباهة وحسن التدبير, فلم يأخذ بعين الاعتبار لخصوصية هذه المحافظة من أهمية عند تطبيق هذه التوصيات ,  وهنا كان مقتل وتفريغ هذه التوصيات من مضمونها , ودون فهم علمي ممنهج ومدروس, أخذ منها وبجمود ما أريد أخذه, ونحى منها ما لا يراد من التعليمات , فتم الوقوع  في الخطأ وتخلله الكثير من الفجوات المتناقضة كلياً مع هذه الغايات والأهداف, فمن حيث الشكل والنتيجة ,ما أسفرت عنه خطوات بدء العام الدراسي لم تكن إلا إعلانا مسبقا ومؤشر فشل  حتمي للعملية التربوية برمتها, ولن تودي بالتعليم  إلا لمزيد من الانهيار والتردي وعدم الاستقرار , وما المدارس التي ستبقى مقفرة واللوحات الفنية لطوابير المئات من المعلمين  الوكلاء أمام مبنى المديرية وعلامات التذمر والاستنكار والغضب المعلنة ,إلا دليلاً  أكيداً على وجود العيوب والنواقص واستفحال مرعب لظاهرة الروتين والمركزية القاتلة  وإصرار أكيد على المضي قدماً في الاتجاه الخاطئ .
 
و هنا  لا بد من تسليط الضوء على بعض أسباب  وخبايا خلخلة الواقع  التعليمي في محافظة الرقة ومواطن العلة  التي تتناقض كلياً مع جوهر ومضمون التعليمات الوزارية,وتخالفها والتي كان  يجدر  بالإدارة المشرفة على العملية التربوية  أخذه ومنذ سنين بعين الاعتبار:
 
- فما زال الكثير من مدارس المحافظة يفتقد إلى وجود معلم أصيل لدرجة أن هناك مدارس بعيدة في المحافظة/  ست شعب / ومنذ تأسيسها لم يطرق بابها معلم أصيل واحد باستثناء الموجه التربوي. مقابل مدارس في المدينة والأطراف تضخم فيها عدد الاصلاء لدرجة أن كل معلم بجانبه معاون .
- ولا زال الكثير من مدارس الحلقة الثانية القديمة والمحدثة وبشكل خاص مدارس الريف تفتقد لحملة الإجازات الجامعية والمعاهد لتقتصر في الكثير منها على طلاب جامعيين من السنة الأولى والثانية أو حملة ثانويات وبعضها يبقى شاغراً عام دراسي كامل.
- ولا زال تعيين حملة الإجازات الجامعية والمعاهد حصرياً في مدارس المركز لتحرم بقية الخطوط والدوائر التعليمية من الاستفادة من قدراتهم, إلا ما ندر .
- ولا زال التناقض والتداخل  الجغرافي غير المنطقي الذي يميز ويوصف المدارس النائية وشبه النائية عن مدارس المركز ,يؤسس لمشكلة إدارية وتربوية فهناك من  المدارس من لا تبعد أكثر من /10 /كم عن مركز المدينة ألحقت بمجمع تربوي  واعتبرت نائية وهناك من المدارس من تبعد 50كم اعتبرت مركز وخضعت لقواعد الروتين والمزاجية العكرة( وهنا تكمن نوازع الفردية والمزاجية في التعيين وأولوياته, فما يجوز  هنا لا يجوز هناك.
- لا زال الكثير من المعلمين الوكلاء من أبناء  المركز وريفه من حملة الثانوية العامة بفرعيها والذين  تتجاوز خدمات اقلهم الخمس سنوات متواصلة في التعليم مغيبين كلياً عن فرص التعيين, في وقت عين فيه, في بعض المناطق  من ليس لديه خدمة يوم واحد إن لم نقل خريج هذا العام .
-  تهميش دور كل من الموجه الاختصاصي و الموجه التربوي كلياً  وتحييده عن المساهمة وإبداء الرأي في عملية انتقاء وتعيين الكادر التعليمي  وحصرها بمدير التربية المساعد لشؤون الثانوي ومدير التربية المساعد لشؤون الابتدائي ورئيس دائرة الابتدائي وموظف الملاك حصراً.
 
فإذا كان  عدد مدارس محافظة الرقة  يبلغ حوالي الــ(  1262) مدرسة  تقريباً.
 
وإذا كان عدد شواغر التعليم الأساسي في محافظة الرقة  بموجب موافقة وزارة التربية بكتابها رقم /2240/543(4/6) تاريخ 8/8/2007 بلغ/ 3515/ شاغراً.
 
وإذا كان مجموع عام الوكلاء المتقدمين للعمل كوكلاء يقارب هذه الشواغر إن لم يزد عليها قليلاً.بما فيهم  حملة الإجازات الجامعية والمعاهد الذين لا يتجاوز عددهم  إلـ/650 /  أغلبهم حديثي التخرج منهم حوالي 50 جامعياً بما فيهم حملة الحقوق.
 
فان السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا كل هذه الفوضى والخلل ولماذا يتأخر العام الدراسي ولا يتحقق الاستقرار في  معظم مدارس المحافظة حتى نهاية العام الدراسي.
 
  وحرصاً على ضمان تحقيق  استقرار حقيقي وفعلي للتعليم والعملية التربوية في المحافظة ولتحقيق قدر أفضل من العدالة وتكافؤ الفرص فإن الجهات المعنية وعلى اعلى المستويات مطالبة  بتشكيل لجان مركزية وطنية ونزيهة تنحصر مهامها في:
 
1- حصر عدد المعلمين الاصلاء في المحافظة وتوزيعهم بشكل عادل ومتساوي على كافة مدارس المحافظة
2-  إعادة توزيع  حملة الإجازات الجامعية المعينين في مدارس الحلقة الأولى كوكلاء وتعيينهم في شواغر الحلقة الثانية  بالتساوي وتحقيق الاكتفاء منهم في كافة مدارس  المحافظة.
3-  إعادة توزيع و تعيين حملة المعاهد على مدارس الحلقة الثانية في كافة إرجاء مدارس المحافظة بالتساوي
4-  حصر أبناء كل قرية ليتم التفاضل بينهم على أساس محل الإقامة والسكن أولا وعدد أيام الخدمة وإعطاء أولوية التعيين بينهم  للشهادة الأعلى .
5- الأخذ بعين الاعتبار وتطبيق مضمون المرسوم التشريعي رقم /38/ تاريخ 31/12/1975 الذي أعطى لحامل الشهادة الثانوية العامة ممن لديه خدمة /500/ يوم متصلة أو منفصلة في التعليم ,الحق بالتثبيت كمعلم أصيل ( القوة القانونية تكمن في اشتراط وجود خدمة / أي خبرة/ وليس شهادة ).
 
فإذا كانت الغاية أساساً تعني إرضاء  لنزوة وبعض الأفراد والحالات .
وإذا كان المطلوب تحسين مستوى التعليم في منطقة معينة دون سواها .
 
فان ما يجرى العمل عليه هو صحيح .
 
ولكن إذا كانت الغاية والهدف هو مصلحة وطنية عامة وعليا , فإن الحالة المزرية التي آل إليها  التعليم تستدعي من المسئولين وصناع القرار, قليلاً من الجرأة  ,لإعادة النظر  في جملة القرارات والتوصيات والعقليات الجامدة التي  هيمنت على  التعليم وكبلته وأوصلته إلى الحضيض , وإعطاء الفرصة لعودة الحياة إلى روح التعليم  من خلال قوانين وسياسات تعليمية جادة , وفسحة معقولة للخبرات والعقول المبدعة ليتسنى لها المشاركة الحقيقية في لعب دور أساسي في صناعة سياسة تعليمية صحيحة ومثمرة , لان الطريق الذي تسلكه مسيرة التعليم مزروع بأسافين طالت عمق  نعش العملية التربوية .
 
التخطيط الديمقراطي الصحيح , العقول المبدعة والمناسبة لإدارة التعليم والإشراف عليه , قبول النقد والأخذ به ,  المتابعة والمسائلة , بهذا وحده, يستقر التعليم وتزدهر العملية التربوية وتتحقق العدالة وضمان تكافؤ الفرص, وبغيره , فعلى التعليم وروحه الطاهرة السلام .
 
من الدستور السوري النافذ:
 
الفصل الثالث:
المادة الثانية والعشرون :
يضمن نظام التعليم التقدم المستمر للشعب ويساير التطور الدائم لحاجاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
 
الفصل الرابع: الحريات والحقوق والواجبات العامة
المادة الخامسة والعشرون:
 
4- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.
 
الرقة في 8/9/2007

* عضو مجلس إدارة المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية

"الرأي / خاص"




المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية
(119)    هل أعجبتك المقالة (121)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي