مع ان الهدف الاستراتيجي بالتشدد في عقوبات قانون السير هو تأصيل الثقافة الرادعة لاي مخالفة وتجنب الحوادث المرورية لتأمين الحد الادنى من سلامة الانسان اولاً والمكان ثانياً الا ان ثمة اعتبارات قد تكون ثانوية بالمفهوم العام لاهداف قانون السير ولكنها محط اهتمام ومتابعة من قبل اصحاب الحسابات المالية خاصة اذا علمنا ان نسب ما يدخل الى خزينة الدولة من ايرادات تعود الى مخالفات السير ليس بالهين.. وهذا ليس سراً يتم الافصاح عنه في اروقة وزارة المالية وانما ترى بعض الاوساط في هذا القطاع ان مسألة البحث عن مطارح ضريبية وموارد عقلانية واجب لا عيب فيه ولهذا السبب جهدت وزارة الداخلية الى اماطة اللثام عن نص قانوني يقضي بمنح عناصر المرور نسبة من المخالفات تصل الى نحو 10٪ كحافز تشجيعي يبعدهم عن الرشاوى وغض الطرف عن تجاوزات بعض السائقين او المخالفين عموماً بمن فيهم المارة بالقياس الى قانون السير الجديد.
اذاً، لا يمكن فصل الجدوى المالية عن ابعاد "العقوبات الجديدة" للقانون المروري مهما كنا مغالين او مجحفين بالنظرة الى المبررات الانسانية والاجتماعية لمنع وقوع الحوادث عن طريق الاسلوب الردعي.. ولان جزءاً من العقوبات يتعلق بالحبس للمخالفين الا ان الغرامات التي فرضها القانون الجديد واثارت ردود افعال وجدلاً في اوساط السائقين كمهنة او مالكي السيارات هي من العيار الذي يستحق التوقف عنده كرؤية اولية بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2008 وبانتظار التطبيق بعد فترة قريبة جداً لا تتجاوز الشهر أوالشهرين من صدور المرسوم الجديد:
ففي المادة 41 من العقوبات الجديدة تم الابقاء على العقوبات الاشد المنصوص عليها في التشريعات النافذة ولكن تم فرض عقوبة الحبس من ثلاثة اشهر وحتى السنة وبغرامة من 50.000 وحتى 100.000 ليرة وبوقف العمل بإجازة السوق لمدة سنتين تبدأ بعد تاريخ تنفيحذ الحكم المبرم اذا تسبب سائق المركبة اثناء قيادتها بوفاة انسان او احداث عاهة دائمة نتيجة ارتكابه احدى مخالفات السير المنصوص عليها في هذا القانون.
وتعد هذه النقطة الاهم لانها تتعلق بحياة الناس وسلامتهم وبالتالي كانت اعلى ارقام غرامات يفرضها القانون الجديد هي المئة ألف ليرة اذا تسبب السائق بوفاة انسان ولكن المخالفات يبدو انها دقيقة جداً لا بل متناهية الصغر بحيث لم تترك اي شاردة او واردة من الاخطاء والعثرات التي يقع فيها السائق الا وتمت المحاسبة على اساسها..
ومع ذلك فإن العقوبة الثانية وصلت غرامتها الى 25000 ليرة وبالحبس من شهر حتى ثلاثة اشهر وحسم ست عشرة نقطة لارتكابات متعددة يصل عددها لثمان مخالفات تعد من وجهة نظر المشرع جسيمة لو تم حصولها.
اما العقوبة الثالثة غرامتها 15000 ليرة والحبس من عشرة ايام حتى الشهر وبحجز المركبة حتى ازالة المخالفة وحسم ثماني نقاط لكل من يرتكب عدداً من المخالفات الكبيرة.
ورابعاً العقوبة بغرامة مقدارها 10.000 ليرة اضافة الى ازالة المخالفة وحسم ست نقاط لكل من تجاوز ابعاد المركبة طولاً وعرضاً وارتفاعاً.
خامساً عقوبة بغرامة مقدارها 7000 ليرة اضافة الى ازالة المخالفة التي تقتضي طبيعتها ذلك وحسم ست نقاط لكل من يرتكب مخالفة من النوع المروري البحت وهنا تتعدد الحالات وتتنوع.
اما العقوبة السادسة هي غرامة مقدارها 5000 ليرة وحسم اربع نقاط لاستخدام الهاتف النقال، والسابعة غرامة 4000 ليرة وبإزالة المخالفة وحسم اربع نقاط لمخالفات تتعلق بالسرعة وتجاوزات فنية تحصل في الشوارع.
اما الثامنة غرامة مقدارها 2000 ليرة وبإزالة المخالفة وحسم نقطتين لارتكابات لايمكن الاستهانة باخطارها الجسيمة.
وفي البند التاسع عقوبة بغرامة مقدارها 1000 ليرة وبإزالة المخالفة وحسم نقطة واحدة عن كل من يرتكب بعض المخالفات المطلوب تجنبها.
وعاشراً غرامة مقدارها 500 ليرة لبعض المخالفات وهناك غرامة بـ 200ليرة وهي اقل العقوبات المنصوصة في القانون.
وبغض النظر عن الغوص في تفاصيل كل مخالفة بحد ذاتها وماهيتها فإن الارقام والتي اذا حسبنا مجموعها اذا ارتكبت دفعة واحدة فإن قيمتها تصل الى 169700 ليرة وماأكثر الحوادث في شوارعنا " ومهما يكن من امر فإنه من حق وزارة الداخلية بالتنسيق مع "المالية" الجمع بين هدفين اولهما رفع قيمة الغرامة لردع السائقين عن المخالفة وكذلك فتح الباب لمطارح ضريبية جديدة لخزينة الدولة حسبما همس بعض المديرين في وزارة المالية مبررين الغرامات العالية التي نص عليها قانون السير الجديد..؟!
الوجه الاقتصادي لقانون السير الجديد
البعث
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية