أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النظام حول ملاعب الكرة إلى معتقلات ومخازن أسلحة

لا يخفى على أحد الحال الذي وصلت إليه الرياضة السورية بعد اندلاع الثورة، فالبطولات و المسابقات المحلية توقفت لأسباب يعلمها الجميع، و في مقدمتها بطولتا الدوري العام لكرتي القدم والسلة مخافة أن تصبح الملاعب أماكن للتجمعات، خاصة وأن هاتين اللعبتين تتمتعان بشعبية عارمة في المناطق الساخنة التي تشتهر بفرق عريقة صاحبة جولات وصولات على المستوى المحلي و العربي و القاري، فمن يرتاد استاد خالد بن الوليد في مبارة لفريق الكرامة يعرف معنى هذا الكلام، وكذلك الأمر بالنسبة للاتحاد( الأهلي ) في حلب و الوحدة في العاصمة و الفتوة في دير الزور و الطليعة في حماة و أمية في إدلب.

تلك الملاعب التي كانت مكاناً تنبعث منه مشاعر الفرح أو الحزن نتيجة فوز فريق أو خسارة آخر، صارت اليوم مصادر موت و دمار و منصة تنطلق منها آلات القتل و القصف و الخراب و القيّمون عليها من جنود النظام وعناصر أمنه وشبيحته، و إذا ما كان الملعب أو أي منشأة رياضية أخرى خارج سيطرة القوات النظامية، فإن مصيره لن يختلف عن باقي المباني العامة و الخاصة التي لا تميز بينها القذائف العمياء، ولنا في مقر نادي الرستن الرياضي أسوة سيئة في هذا المجال.

ملعب اعتقال مهد الثورة 

ضمن هذا السياق أصدرت رابطة الرياضيين السوريين الأحرار بياناً وصفت خلاله ما آلت إليه أحوال المنشآت الرياضية في زمن الثورة السورية، على امتداد المحافظات الثائرة كافة، و أوضحت أن المنشآت الرياضية السورية لم تكن بمنأى عن مرمى نيران مدافع ودبابات وطائرات النظام السوري التي شملت المدن والشوارع والمباني السكنية، حالها كحال باقي المنشآت المدنية والبنى التحتية خلال عشرين شهراً من الثورة، فقد تعرضت معظم المنشآت الرياضية في كافة المدن السورية لأضرار مختلفة أو تحول معظمها لمقرات أمنية وعسكرية لقوات النظام.

و البداية من مهد الثورة درعا مركز انطلاق الشرارة الأولى في شهر مارس عام 2011 ،حيث قامت قوات النظام على الفور بتحويل الملعب البلدي إلى مقر عسكري لقوات النظام ومعتقل تلقى معظم ثوار درعا ونشطائها فيه تدريبات من نوع آخر لاتمت إلى الروح الرياضية بصلة قبل أن يتحول بعد ذلك إلى مقر لدبابات النظام وآلياته.

بكل روح أمنية عسكرية
و في مدينة حمص وبالتحديد في الحي الذي اشتهر (بابا عمرو) بمعارضة النظام الذي قابلها بعمليات عسكرية عنيفة بعد حصار طويل انتهى باقتحامه للمرة التاسعة و الأخيرة أواخر آذار الماضي.
غير أن قوات النظام كانت استغلت منذ الإقتحام الأول في أيار -2011 قرب ملعب كرة القدم من الحي لتحوله إلى مقر لدبابات و مدافع صارت مصدر النيران و القذائف المصوبة تجاه باباعمرو والأحياء المجاورة له، ما تسبب بدمار شبه كامل وتشريد كافة أهالي وسكان هذا الحي.

أما في مدينة حماة التي اشتهرت منذ بداية الثورة بمظاهراتها السلمية الحاشدة والتي تجاوز معظمها 700 ألف متظاهر،ما جعل النظام ينفلت من عقاله و عقله،فقام باجتياح المدينة في الأول من رمضان قبل الماضي فحوّل ملعب حماة إلى معتقل سياسي وعسكري ضم في زنازينه أغلب الناشطين والسياسيين المناهضين لنظام الأسد.
ملاعب مدينة اللاذقية لم تكن أحسن حالاً من نظيراتها بباقي المدن السورية, فبعد اجتياح قوات النظام السوري لمخيم الرمل الجنوبي الفلسطيني قام بتحويل المدينة الرياضية (والتي استضافت دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 1987) إلى معتقل سياسي لسكان الحي، حيث كانت قوات النظام تقوم بمصادرة البطاقات الشخصية للأشخاص الداخلين والخارجين من مخيم الرمل الجنوبي وتخبرهم بضرورة مراجعتهم لأحد المقار الأمنية بالمدينة الرياضية لاستردادها، و هناك يتم اعتقالهم مباشرة وإيداعهم في صالات المدينة الرياضية التي أصبح معظمها زنازين ومهاجع للمعتقلين.

الشبيح المناسب في المكان المناسب
ملاعب العاصمة دمشق تحولت هي الأخرى لمقرات أمنية وعسكرية, فملعب تشرين الرياضي والذي يديره عضو مجلس الشعب "الشبيح" شريف شحادة تحول لمقر للشبيحة وعناصر الأمن والمخابرات لقمع المظاهرات التي تخرج بمركز المدينة وبجامع الرفاعي عند دوار كفر سوسة, أما ملعب العباسيين فمنذ الأيام الأولى للثورة السورية تم تحويله كمقر للفرقة الرابعة التي يديرها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، وذلك لقمع المناطق الثائرة في ريف دمشق (عربين وجوبر وزملكا) والغوطة الشرقية ولحماية ساحة العباسيين الرئيسية (أكبر ساحات دمشق والتي يطل الملعب عليها) خوفاً من وصول المتظاهرين والاستيلاء عليها.

مستودعات الموت
ملاعب مدينة حلب هي الأخرى تحولت لمقار عسكرية, استاد حلب الدولي (أكبر الملاعب السورية) أصبح محتلاً من قبل دبابات النظام التي تقصف حي صلاح الدين ,كذلك تحول ملعب الحمدانية المجاور له كمستودع للذخيرة والعتاد الحربي, وكذلك الحال بالنسبة لملعب 7 نيسان (البلدي) والذي يقع بالقرب من مركز المدينة فقد أصبح مقراً عسكرياً لقوات النظام لحماية مقر الإذاعة والتلفزيون والهجرة والجوازات وقيادة الشرطة.
أما ملعب رعاية الشباب التابع لوزارة التربية والذي يقع بحي السليمانية فقد أصبح مركزاً للمدفعية التي تقصف أحياء حلب الشرقية وحلب القديمة وكذلك تحول جزء منه لمقر شبيحة النظام ومرتزقته تحت مسمى درع المدينة.

هذا هو حال الملاعب الرياضية في أكبر المدن السورية والذي لا يختلف كثيراً عن ملاعب باقي المدن الصغيرة والقرى والأرياف حيث تحول معظمها لثكنات عسكرية فبات من المستحيل إقامة أي نشاط رياضي عليها فكانت النتيجة الطبيعية عدم إقامة الدوري السوري لكرة القدم هذا الموسم بعدما تم سلقه في الموسم الماضي.

زمان الوصل
(244)    هل أعجبتك المقالة (211)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي